Wednesday 29/01/2014 Issue 15098 الاربعاء 28 ربيع الأول 1435 العدد
29-01-2014

عابث..!

المتبحِّر في نوازع النفس البشرية يعلم يقيناً أن الإنسان معلق بين خيره وشره.. لا يأس من الخير الذي يمكن أن يتبناه إن لامست فيه الوتر الأعمق صوتاً.. ولا تأمن الجزء السيئ منه.. فقد يظهر على سطح سلوكه إن وطئت على جرح ما في صدره.. أو استفززت شياطينه التي ما ظننت أن تكون موجودة.. واتكأت على كونه مطيعاً أو ضعيفاً أو يجهل ما تقوم به في المنطقة الأكثر خطورة من شخصيته.. فإن لم يستوعب الموقف.. سيفهم من خلال المشاعر المتضاربة التي تنتابه جراء ما تخطط عليه.

وفي مواقف النزاع أو الخصام يلعب الظن لعبته.. ويحبس الأطراف في منطقة تخيل السيناريو الأسوأ.. فكثير من المواقف الحادة ليست كارثية أو مدعاة للقطيعة.. إنما ما قد يتواتر من الصور في ذهن الإنسان حول تداعيات الموقف.. واستحضار ما يمكن استحضاره من توقعات المكائد.. والمؤامرات.. حتى تسيطر عليه تلك الصور ويقحم في خضمها أشخاص جدد في دائرة الاتهام.. كل ذلك يحدث بسرعة هائلة داخل العقل الإنساني.. وتلقائياً تجده يعد العدة ليكون جاهزاً.. إن لم يقرر أن يصبح مباغتاً لخصومه.. حتى وإن كانوا يوماً ما يعدون من أصدقائه وأحبابه.

لطالما كانت المشكلات تبدأ من الحديث الذي لم يقل وسكت عنه.. لاعتبارات شتى.. قد يكون الحياء.. وربما الخوف.. أو بسبب وعود قُطعت لواشٍ جاء في ثياب الأصدقاء.. ناقلاً النميمة وأُعطي الأمان الذي لا يستحقه.. والأسوأ أن تكون تراكمات تجمعت مع الوقت حتى شيدت عائقاً منيعاً أمام المشاعر وفاضت بها سدود العذر والمغفرة.. وتفجرت في منظر مؤسف.. وجرفت معها مشوارا طويلا.. وذكريات غالية.. كان ينبغي أن تكرم لا أن تهان.

ولنركز على ناقل الأخبار العارية من الحياء عن الأصدقاء والأحباب.. ذلك المخلوق الذي ليس لديه ما يشغله في حياته.. فارغ من الداخل.. نشأ في بيئة ملوثة بالقيل والقال.. ترعرع عليها معتقداً أنها محور العلاقات.. فإذا منحته سمعك فأنت إنما ترفع لواء الحرب على نفسك.. وتغرس بيدك خنجر الخيانة.. وتبدد علاقاتك هنا وهناك.. ولو كان صادقاً لحمى ظهرك دون أن تدري.. ولن يسمح لك أن تعرف بطولاته في الذب عنك.. ولك أن تفكر قليلاً وتبحث عن مصلحته الحقيقية من تعكير صفو قلبك.. وزرع بذور الشك فيمن تحبهم وتحترمهم.

فإذا منحت العابثين قلبك.. فقل سلاماً على راحة البال وسلامة القلب..

احمِ نفسك ومن تحب.. واجعل بينك وبين الوشاة مليون باب.. واقطع عليهم طريقهم.. حتى لا يسرقوا أجمل ما تملك.. توقف قليلاً واستعرض علاقات انتهت.. ستجد أن الأسباب قيدت ضد مجهول.. هو في الحقيقة أنت..!

amal.f33@hotmail.com

مقالات أخرى للكاتب