Saturday 01/02/2014 Issue 15101 السبت 01 ربيع الثاني 1435 العدد
01-02-2014

(مُدَرعِمُون) بعواطف لم تُدْرس

مع كل موسم ومناسبة ينبري فئة من القوم للدعوة للاهتمام والرأفة بالعمال الوافدين (والمتسللين) الذين يجوبون الشوارع والأزقة ويجولون بالأحياء للعمل أو لأمور أخرى، ولن يعترض عاقل على أعمال الخير والصدقات وأسباب التكافل والتعاون بين المسلمين، وسبل الرحمة حتى مع غير المسلمين، لاسيما إغاثة الملهوف والمنكوب فهي من شيم العرب وعززها الإسلام وندب إليها، إنما الملاحظات تساق للاقتراب من هذه الأعمال للتمعُّن بالإيجابيات والسلبيات اللاحقة، ومدى الاندفاع غير المدروس خلف أية دعوة تطلق من هنا وهناك لأيّ عمل يصطبغ بالبر والإحسان، والتقليعات بهذا الصدد عجيبة لدرجة أن المرء ليشك أن بعض مطلقيها أما بدؤها من قبيل الدعابة فالتقطها مندفعون (مدرعمون)، أو أن من روّج لها من أصحاب المصالح وجعلها كتجربة إن نجحت فبها وإلاّ فإنه لن يخسر شيئاً، فمن ذلكم الموائد التي كانت تُمَد بشكل مبالغ فيه لعمال قرب المساجد في إفطار رمضان يلتهمون ما أمكن ويحملون البقية في أوان وأكياس معدة مسبقاً ثم يشعلون سجائرهم ويتفرقون قبل إقامة الصلاة إلاّ القليل منهم، والحجة ائتلافهم وتبيان سماحة الإسلام، حسناً: فهؤلاء عتاة متمرسون محكومون في بلادهم وجلبوا باسم العمالة و(الغالب) إن قلوبهم أقسى من أن تؤلّف، موائد أخرى مدت للمشاغبين الإثيوبيين باسم حقوق الإنسان وهم الذين لم يعبأوا بنا وبإنسانيتنا ولو تمهّلت السلطات بمعالجة وضعهم لرأينا منهم العجب.

صرعة جديدة برزت الأيام الأخيرة مع انخفاض درجات الحرارة تنادي بأن يحمل كل مواطن في سيارته أواني حفظ الشاي والحليب (ترامس) وأكواب من ورق وكلما صادف عاملاً يتوقف ويصب له قدحاً ساخناً من باب الرأفة بهم، جميل هذا الشعور النبيل والخلق الإسلامي الرائع لو أنه بالفعل يُوَجّه نحو قلوب وأنفس صادقة معنا كما نَصْدُق معهم ونخلص، أتحدث عن الغالبية منهم، وهم القاعدة لنوعية العمالة لدينا، فكثير من الجرائم والسرقات ورداءة العمل والتزوير والغش في البيع والشراء وغير ذلكم من المساوئ إنما من أعمالهم المتعمدة ضدنا، وكأننا أعداء لهم يتحينون أي فرصة لإيذائنا وغشنا وسرقتنا سواء عمالة في منازلنا أو في المحلات والورش وغيرها.

ما أبشع صورة الوافد العربي الذي يجتهد المواطن لجمع التبرعات والمواد العينية لإغاثة أهله تحت الصقيع هناك وهو هنا يبتز بنات من يجمعون لذويه التبرعات، أو عامل في مؤسسة تتبرع لأهله المنكوبين وهو يسرق خزينتها، أو آسيوي تقدم حكومة المملكة لبلاده أعلى الإعانات والمساعدات ولمواطنيه أفضل أعمال الإغاثة أزمان الكوارث والفيضانات بينما هو يمعن هنا في أصناف الجرائم المخزية، أي أخوّة وصداقة هذه التي يتحدث عنها من (يدرعمون) خلف هذه الدعوات غير المدروسة؟.

عمل الخير مندوب إليه في كل زمان ومكان غير أنه لمن يستحق ويقدّر ويبادلك المودة والإحسان ويشكر النعم لا لمن يبطر ويرى أن هذا واجبك وأنه غير معني بما تعمل، وإن تحدّثت إليه بالنظام والقانون رفع عقيرته يهددك بمنظمات حقوق الإنسان الدولية، فالمأمول من الإخوة المتحمسين لعمل البر والإحسان أن يبدؤوا بالأهلين والأقربين من مساكين البلد، إنهم هناك في أقصى الشمال والجنوب أيتام وأرامل وعجزة ومعاقون يستصرخونكم، وعاملوا الجاحدين بالنظام فيستقيمون.

t@alialkhuzaim

مقالات أخرى للكاتب