Monday 10/02/2014 Issue 15110 الأثنين 10 ربيع الثاني 1435 العدد
10-02-2014

قل لي بمَ تحلم .. أقل لك مَنْ أنت!

* الأحلامُ روضٌ من رياض النفس تلتقط عبر أفنانها أنفاسَ المستقبل شبه الموعود.. أو ما هو أدنى إلى المجهول : أمانيَ وآمالاً! والعُمْر كلُّه صِرَاطٌ من الأحْلاَم، منْها ما يتَحقَّقُ، ومنْها مَا يتَعثَّرُ، ومنها ما يبْتلعُه مَوجُ المسْتَحِيل!

* أمَّا أنَا فَلمْ ولَنْ أندبَ حلماً لي عَثَر أو تَعثَّر أو تنكّر، فـي أيَّ زمَان أو مَكَان، لا ولن أنعيَ له رحيلاً، أو أْبكِيَ له بُعداً،

أوَ أُلاحِقَ له مُغْتَالاً.. بالعِتَاب أو العِقَاب.. أو حتَّى السُّؤَال! سأَظَلُّ أنامُ مِلْءَ جُفُوني.. والهُو عن شوارد آلامي، لا أحْلمُ بمستحيل، ومن يفعل ذلك يغْدُ حُلمُه نصْلاً يقْطَعُ فيه وَرِيدَ الإبدَاع!

* قيل لي مرةً : بمَ تحلمُ اليوم.. وقد بلغ منك العمرُ

ما بلغ جُهْداً واجتهاداً وسهراً وإنجازاً ؟ وتحقق لك في فيافيه جلُّ ما تمنيت!

* فقلت : أحمد الله مثْنىً وثلاثاً ورباعاً أن منَّ عليّ من النَّعم ما أنساني أرقَ الأمس، وسأمضي أحلُمُ ما بَقِيَ لي من عُمْر، أحلاماً محورُها الأمنُ والسلامُ. وقبل هذا وبعده.. أحلم بالرحمة والغفران بعد الرحيل!

* وإلى أن تَتَعانقَ عقاربُ الساعة في اليوم الموعود إيذاناً بالرحيل، سأظل أحلم بعَالمٍ :

* مفرَّغٍ من الحَقد، وخليلتهِ الحرب.

* مشْحُونٍ بالحُبَّ.

* نقِيٍّ من الإثْرةِ.

* غنيٍّ بالإيثَار.

* يقتبس من الشمس دفءَ الحنان.

* ومن القمر.. رقّةَ الشوق

* ومن رياحين الربيع ابتسَاماتِ العطاء!

* أحلمُ بعالمٍ يعشقُ الحريةَ المسئولةَ.. ويحترمُ حقوق الإنسان وكرامتَه!

* عالم يحقَّق ما لم يأتِه الأوائلُ : فيبدع فـي ردم الفجوة بين السلام والخصام، والفقر والغنى، والجهل والمعرفة!

* مرةً سُئلت : بِمَ إذاً تصفُ أحلامك قديماً وحديثاً ؟ فقلت : للأحلام عندي مراتبُ ثلاث:

* أعلاها وأسْماها: ما يمكن تحقيقه اعتماداً على الخالق، واتحاداً مع إرادة المخلوق وقدرته ومعرفته!

* وأوسطُها : ما لا يتأتَّى تحقيقُه لظرف زمان أو مكان، أو لعلة في النفس تتطلّب (ترويضاً) يعدَّل مائلَها، ويُصْلحُ ما أفسده الزمانُ من ظنونها فتغرق بين الضياء والعتمة، وبين النور والنار!

* أما أقصَى مراتب الحُلم دنوّاً وأقساها فهي (المستحيل) الذي لا يتّحد معه شيءٌ سوى (المستحيل) نفسه، ولا يستقيم معه شيءٌ سوى غرور النفس وغلوها واستسلامها لسراب الخداع!

وبعد..،

* قلْ لي أيُّها القارئ الكريم بِمَ تحلمُ بعد هذه الرحلة القصيرة في ضيافة الأحلام.. ثم أبْحثْ عن نفسك بين سطور هذا الحديث!!

مقالات أخرى للكاتب