Wednesday 12/02/2014 Issue 15112 الاربعاء 12 ربيع الثاني 1435 العدد
12-02-2014

من أنت..؟

الحكم النهائي على أمر ما دون منح الفرص تطرف يعيق البصيرة عن رؤية الجوانب الشافعة.. كذلك منح الفرص دون اتخاذ موقف صارم.. هدر للمشاعر وصرف للموارد في غير محلها.. فأين المنطقة الوسط بين التطرف والتسيب؟

لا شك أنك وحدك من يحدد المنطقة الوسطية في علاقاتك.. فعندما تسوء الأمور وتفقد التحكم فأنت متأرجح إما هنا أو هناك.. لأن خارطة القيم والمبادئ متداخلة الحدود.. فكيف تلوم الآخر إن تخطى خطوطك الحمراء.. لأنها خفية عليه وواضحة في ذهنك وحدك.. والتعامل بمبدأ الطوارئ لا يمكنه أن يحمي العلاقة مهما كانت البداية واعدة.. فما أجمل أن يكون لك قائمة بما تريده من الآخر وتطلب في المقابل قائمته هو.. قبل أن تختلط المشاعر في مزيج لا يمكن التكهن بطعمه ولونه.. ناهيك عن مدى سميته التي تقتل الحب وإن كان يافعاً. مع أسرتك إن لم تكن واضح المطالب والأسباب فأنت موعود بحفلات صاخبة من التصادم في الأفكار والسلوك وبالتالي ترهق المشاعر إن لم تـمُت.

في عملك سواء كنت رئيساً أو مرؤوساً.. إن لم تكن الحدود واضحة المعالم.. وكل موظف يعرف منطقته ووصف وظيفته وما هو مطلوب منه بتوقيت عادل.. حتماً لن ترى للإنجاز وجها.. ولن تجد للصراع باباً كي يخرج منه.. بعد أن تعاظم حجمه وبات حملاً لا تقوى حتى جدران المكان على احتواء نموه.

ومع ذاتك العميقة والأهم مما ذكر أعلاه.. فإن لم تعرف ما تريده تحديداً.. فأنت حقل تجارب ليس له مختص أو أدوات.. يمكن أن ينفجر.. يحترق.. وكذلك يمكن أن لا تحصل فيه على أي نتيجة تذكر.. ويضيع العمر والجهد في منطقة اللاشيء.. بؤرة العبث الخالية من المتعة. وكيف لك أن تطلب من الآخر ما لا تعرف جدواه لك.. إن كان يرضيك.. لماذا يرضيك؟ وإن كان يغضبك.. فلماذا يسعر نار غضبك؟ ما الذي يلمسه فيك.. مثل تلك الأسئلة تعريك أمام نفسك.. لتفهم من أنت.

وفي التوجه الحالي نلاحظ أن المنادين بتطوير الذات يتكئون على مبدأ اسعد نفسك.. وحفز نفسك.. ومجد نفسك.. ووو إلخ.. لا شك أنها طريقة ناجحة لشحذ الحماس.. لكنه وقتي ولحظي.. سرعان ما يخبو.. لأن العلة الكامنة أن الإنسان لا يعرف مواطن ضعفه وقوته.. ولماذا هي قوة أو ضعف.. مثلها مثل الخطاب الديني العاطفي.. فرقعة لها جلبة.. تتلاشى في فضاء الجهل بالأسباب.

amal.f33@hotmail.com

مقالات أخرى للكاتب