Wednesday 05/03/2014 Issue 15133 الاربعاء 04 جمادى الأول 1435 العدد
05-03-2014

إسلام أباد ثوابت السلام ومتطلبات العصر

تحظى المملكة العربية السعودية أرض القداسات وملكها خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز وولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع الأمير سلمان بن عبد العزيز وشعبها بمكانة خاصة في قلوب الشعب الباكستاني الشقيق فهم ينظرون إلى المملكة كقبلة للمسلمين

وبها تتعلق قلوبهم ونفوسهم، كما ينظرون لها كقدوة في حرصها على قضايا العالم العربي والإسلامي والسلام العالمي.

وقد ارتبطت المملكة مع باكستان بعلاقات راسخة لحمتها الإسلام والاحترام المتبادل منذ استقلال باكستان عام 1948م، لذا تعددت زيارات خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز لباكستان المسلمة الشقيقة عندما كان ولياً للعهد وبعد أن أصبح ملكاً، ففي 5 رجب 1419هـ قام خادم الحرمين الشريفين بزيارة رسمية هامة لباكستان.

وجاءت زيارة خادم الحرمين الشريفين الرسمية الثانية لجمهورية باكستان الإسلامية بتاريخ 22 شعبان 1424هـ، وفي جولة خادم الحرمين في الشرق الأقصى ما بين أواخر يناير و2 فبراير 2006 قام بزيارة رسمية لباكستان بتاريخ 2 محرم 1427هـ، وفي جميع الزيارات استقبل استقبالا تاريخيا عبر عن روح المحبة التي يكنها الشعب الباكستاني لخادم الحرمين الشريفين والمملكة وشعبها.

إن هذا هو نهج السياسة الخارجية السعودية منذ تأسيسها على يد المؤسس والموحد والمصلح الملك عبد العزيز طيب الله ثراه، وعرف العالم الاعتدال والحكمة والتروي التي تمتاز بها السياسة السعودية التي يقودها الملك عبد الله بن عبد العزيز، ويسير على خطاه سمو ولي عهده الأمين الأمير سلمان بن عبد العزيز ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع، فالخطاب السياسي السعودي تميز بالموضوعية والاتزان عاكسا السماحة والاعتدال النابع من شريعة الإسلام التي تطبقها المملكة التي قامت على صفاء العقيدة ونقائها، فلا غرو فهي مهبط الوحي وعلى أرضها أقدس المقدسات مكة المكرمة والمدينة المنورة الحرم المكي والمسجد النبوي.

والأمير سلمان عرك السياسة الداخلية والخارجية والعلاقات الدولية وهو أحد منظري تلك السياسات على المستوى الدولي، وقد عرف منذ أن كان أميرا لمنطقة الرياض على المستوى الإقليمي والعربي والإسلامي والدولي فهو صاحب فكر متفرد في القضايا العربية والإسلامية والدولية.

وتأتي زيارة سموه إلى جمهورية باكستان الشقيقة دعما للتعاون الوثيق بين الدولتين الشقيقتين على جميع الأصعدة، كان على رأس مستقبلي سموه في المطار رئيس الوزراء السيد نواز شريف وكبار المسئولين الباكستانيين، وقد استقبل الأمير سلمان استقبالاً شعبياً وحكومياً حارا، فقد كانت المشاعر الجماهيرية العفوية والدفاقة تشق عنان السماء مرحبين بالأمير سلمان رافعين أعلام المملكة وباكستان وهو في الطريق إلى مقر الإقامة بقصر البنجاب في العاصمة إسلام أباد.

وخلال تلك الزيارة التاريخية اجتمع ولي العهد بالمسئولين الباكستانيين وعلى رأسهم الرئيس الباكستاني ممنون حسن ورئيس الوزراء السيد نواز شريف وكل من وزير الدفاع الباكستاني خوجه عاصف ووزير الخارجية سرتاج عزيز ورئيس البرلمان الباكستاني اياز صادق، وفي تلك الاجتماعات تم بحث آفاق التعاون بين الدولتين الشقيقتين وسبل دعمها وتطويرها في جميع المجالات إضافة إلى بحث آخر التطورات على الساحتين الإقليمية وموقف الدولتين منها.

إن هذه الزيارة الرسمية الهامة التي قام بها سمو ولي العهد لباكستان، والتي تعد الزيارة الثانية لهذا البلد الشقيق حيث كانت زيارة سموه الأولى لها بتاريخ 27 من شهر ذي الحجة 1418هـ، وهذه الزيارة الأخيرة تؤكد حرص بلاد الحرمين الشريفين على دعم الامتداد الطبيعي لعلاقات متميزة بين دولتين كبيرتين مسلمتين، وفي نفس الوقت فإن هذه الزيارة تبرز بوضوح أن الدولتين يدركان أهمية استمرار التنسيق بينهما من أجل خدمة قضايا الأمن والسلام في العالمين العربي والإسلامي والمجتمع الدولي.

وعلى الجانب الآخر فإن تنمية التعاون التجاري والاستثماري وزيادة حجم التبادل التجاري الذي يبلغ حاليا (18) مليار ريال سعودي، ورفع معدل ميزان المدفوعات بين الدولتين هام خاصة بالنسبة لباكستان الشقيقة التي تحرص المملكة على دعمها في جميع المجالات.

لا شك أن الزيارة كانت تاريخية وجاءت في وقتها المناسب، وهذا ما عكسته تصريحات الرئيس الباكستاني الذي أكد خلال لقائه بولي العهد حرص باكستان على تطوير علاقاتها الثنائية بالمملكة في مختلف المجالات ولاسيما الاقتصادية والتجارية، ومن جانبه فإن رئيس الوزراء في باكستان السيد نواز شريف قال:

(إن زيارة سمو ولي العهد لباكستان حققت أهدافها وساهمت في تعزيز الشراكة الإستراتيجية بين البلدين في جميع المجالات السياسية والاقتصادية والتجارية، وأعطت دفعة قوية جدا لأواصر العلاقات الأخوية القوية التي تربط بين البلدين، وعكست عمق المودة والاحترام الذي يكنه الشعب الباكستاني للمملكة وشعبها في ظل قيادة خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز، وأضاف في حديث لجريدة عكاظ أن اللقاء مع سمو ولي العهد جرى في جو ودي للغاية وبعيدا عن البروتوكولات وعكس الروابط الأخوية وأسهم بالتفاهم والتعاون العميقين لتحقيق الثقة المتبادلة للبلدين الشقيقين وشعبيهما، وأكد السيد شريف أن المرحلة القادمة ستشهد مزيدا من التنسيق وتبادل الزيارات بين البلدين، وهناك حرص مشترك على مواصلة تعزيز التعاون في مختلف المجالات لتدعم قضايا الأمة الإسلامية فضلا عن تعزيز السلام والاستقرار الدوليين).

أما الإعلام الباكستاني مقروءا ومشاهدا ومسموعا فقد اعتبر الزيارة (تاريخية)، وسلط الضوء على مكانة المملكة وشعبها وقيادتها الرشيدة في قلوب الشعب الباكستاني الذي ينظر إليها وقيادتها بتقدير واحترام، مشيرا إلى أن المملكة وقفت دائما إلى جانب باكستان في كل المحن والأوقات الصعبة وجسدت مفهوم الصداقة بكل المعاني، وتحتضن عددا كبيرا من الجالية والعمالة الباكستانية يشكل دعما قويا للاقتصاد الباكستاني.

إن تلك الزيارة التي قام بها سمو ولي العهد لباكستان تمثل تحركاً سياسياً ديناميكياً سعودياً نشيطاً يعكس الدور الكبير المتعاظم للمملكة أولته وسائل الإعلام العربي والإسلامي والدولي أهمية غير مسبوقة، وجاءت في وقت تواجه فيه الأمتان العربية والإسلامية تحديات كثيرة في مقدمتها التهديدات الإسرائيلية المتكررة على فلسطين واعتبار القدس عاصمة لها.

لا شك أن الزيارة (تاريخية) فالدولة المضيفة باكستان الشقيقة والضيف ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع الأمير سلمان بن عبد العزيز الساعد الأيمن لأخيه خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز، وزيارته الرسمية لباكستان هي امتداد لزيارات أخيه خادم الحرمين الشريفين لذلك البلد الشقيق.

لا شك أن توثيق العلاقات مع جمهورية باكستان الإسلامية فيه دعم لعلاقاتها مع المملكة ومن ثم تعاونها في دعم عملية السلام في العالم عامة والشرق الأوسط خاصة في صراع العرب مع إسرائيل ودعم مبادرة السلام العربية لحل هذا الصراع، ورفض سياسة ازدواج المعايير والكيل بمكيالين، وكل ذلك يدعم الأمن القومي السعودي والعربي ويعني (القوة) التي ستبقى الشغل الشاغل للدول بديناميكيتها وحركتها وشريانا لعلاقاتها الإقليمية والدولية.

وإذا كانت الزيارة الرسمية لباكستان (تاريخية) فإن هذا يعني أن سمو الأمير سلمان وبتوجيهات أخيه خادم الحرمين الشريفين يضع الدول العربية والإسلامية وفي مقدمتها باكستان في أول أولوياته باعتبارها دولة إسلامية من المهم توثيق وتحسين العلاقات والتعاون معها باعتبار الدولتين ركيزتين إسلاميتين كبيرتين من المهم للعرب والمسلمين تعاونهما وتعاضدهما في كل الأوقات، ولذلك فإن هذه الزيارة الهامة تفتح آفاقا جديدة من التعاون والثقة وخدمة المصالح المشتركة بين الدولتين، ووضعت القواعد الراسخة لأسس التشاور السياسي والدبلوماسي والتعاون الاقتصادي والاستثماري والتجاري والعلمي في مجال العلوم التكنولوجية بين دولتين وشعبين شقيقين.

إن الزيارة هي ربط للماضي التليد بين البلدين منذ استقلال باكستان عام 1948 على يد مؤسسها السيد محمد علي جناح، والملك عبد العزيز- رحمهما الله- حينما وضعا الأسس الراسخة للتعاون والتكامل والحرص المتبادل لدعم وتوثيق العلاقات في كل المجالات بين دولتين كبيرتين يربطهما دين واحد وتاريخ ومصير واحد.

وأنجاله من بعده يسيرون على نفس الأسس التي وضعها والدهم العظيم صقر الجزيرة رحمه الله.

info@dreidaljhani.com

رئيس مركز الخليج العربي لدراسات واستشارات الطاقة

مقالات أخرى للكاتب