Saturday 08/03/2014 Issue 15136 السبت 07 جمادى الأول 1435 العدد
08-03-2014

انتحار قناة الجزيرة

ليس من الكياسة ولا من الحكمة، أن تبحث قناة الجزيرة القطرية عن (لقطاء) الإعلام العربي، وبخاصة الذين باعوا أرضهم وكرامتهم بثمن بخس، ثم التحقوا بالإعلام الأوروبي ليأتوا لنا محمَّلين بحقد لا ناقة لنا فيه ولا جمل.

أتحدث عن عرب المهجر الذين رمتهم بلدانهم ليرتموا في أحضان العواصم الأوروبية منذ الستينيات بعد أن باعوا أرضها، وهم اليوم يديرون القناة من هرمها وحتى أصغر موظف فيها.. فيما ينحصر دور (الدوحة) في تهيئة المكان والمنبر لهم.

من الخساسة أن تضرب بيد غيرك، ومن اللؤم أن تسمح لشرذمة تافهة أن يجعلوا عاصمتك وإمكاناتها (منصّة) لتفريغ ما في قلوبهم من حقدٍّ وغلٍّ، ومن الظلم ترك هذا كله دون حساب أو عقاب.

قناة الجزيرة (تضجّ) بنماذج جاءت من هيئة الإذاعة البريطانية القسم العربي ومن إذاعة مونتوكارلو، ومن إذاعات ومحطات محلية كانت تخاطب الجاليات العربية، وأغلبهم لهم أهدافهم ورؤاهم وأيديولوجياتهم التي رأت فيها قناة الجزيرة -أو هكذا اعتقدت- أنهم صولجان يضربون به مخالفيهم.

قناة الجزيرة ليست بريئة، ولن تكون كذلك مستقبلاً وهي لم تكن أيضاً منذ نشأتها، والغبي الذي يعتقد بأننا نسينا ما كانت تفعله، وما الذي تحيكه لنا هذه الأيام، ومستقبلاً.

إذا كان المثل العربي يقول: (لكل ساقطة لاقطة)؛ فإن الجزيرة التقطت كلَّ ساقطٍ تحت أقدام التاريخ، حتى باتت وكأنها (ملجأٌ) اجتمع فيه كلُّ خارجٍ عن طبيعة الإنسان، ففتحت لهم هواءها، وقدمت لهم تسهيلاتها، ليكمِّلوا فساد أدمغتهم وصبيانية الخطاب الإعلامي.

إنَّ هذه (المازوخية) التي تمارسها قناة الجزيرة على نفسها وتلذّذها بقذف الشعوب لها بالطماطم الفاسد، لهو حالة تستحق الدراسة ويجب على (أهل المكان) وضع حدٍّ لهذا العبث.

تعتقد قناة الجزيرة أنها وحدها هي الذكي في المنطقة، بل إن من السخرية اعتقادها بأنها تستطيع تحريك الشعوب بفبركة هنا، أو هناك، ولعل الفضائح التي طالت القناة خلال السنوات الماضية كفيلة برد هذا الاعتقاد على جبهة قيادتها، هذه القناة وقيادتها مفصولة عن الواقع تماماً.

النظرة (الانقلابية) لقناة الجزيرة ربما في اعتقادي هي جزءٌ من كلٍّ «ولن أطيل في هذا الإسقاط»، لكنني على يقين بأنّ الشارع العربي، بات يملك الثقافة والدراية لكشف الرائحة العفنة التي تفوح من خطاب القناة.

قناة الجزيرة لا عمق عربي ولا إسلامي لها، ومن يقول عكس ذلك فهو مجافٍ للحقيقة ومجاملٌ وطائرٌ في (عجتها)، ومبهورٌ بقشورها؛ وهي قناة (حزبية) منحازة تماماً لجماعات تريد بالمنطقة شرّاً، وهي حتماً لم تتعلّم من دروس الماضي.

إنني على يقينٍ بأنَّ هكذا قناة، وهكذا عقول، وهكذا أسماء تعمل فيها وتدير مواخيرها، ستزيد من الهوةِ التي فصلتها عن العالم، وهي بالتأكيد تمارس اليوم انتحاراً بطيئاً تزداد وتيرته يوماً بعد يوم.

m.alqahtani@al-jazirah.com.sa

twitter: @mohadqahtani

مقالات أخرى للكاتب