Monday 17/03/2014 Issue 15145 الأثنين 16 جمادى الأول 1435 العدد
17-03-2014

رعاية الطفولة

رعاية الطفولة في العصر الحديث تعد أهم من منجزات الحضارة، بل إن التعامل مع هذه الفئة يعد ركيزة ضرورية في بناء منظومة العمل الإنساني المتعلق بشأن الأسرة والطفل التي تمثل النواة الحقيقية للقيم الاجتماعية، وهي الهدف الأسمى الذي ترنو إليه مشاريع التنمية، وخطط المستقبل في الكثير الدول والمجتمعات.

فلا تخلو أي جهود تنظيمية، أو تخطيط واعد إلا ويأخذ شأن الطفولة باعتباره، فهو جزء لا يستهان به من الفكر والتنظيم، ولا يمكن أن تقوم قائمة لأي نشاط مدني، أو إنساني ما لم يضع متطلبات الطفولة كأولوية مهمة من أولويات البناء، من أجل تحقيق الأهداف المرجوة للنشء، لأنها ـ كما أسلفنا ـ هي اللبنة الأولى، وهي الغراس الأول الذي سينمو وفق ما يعد له من بيئة صالحة وحسن رعاية.

وتسعى كل الجهات والمنظمات والدول والكيانات إلى مد جسور التواصل مع عالم الطفولة، وتقمص الأدوار الضرورية، والبحث عن كل ما تتطلبه هذه المرحلة المهمة من مراحل حياة الإنسان والمتمثلة في النشأة، أو التأسيس البشري النافع للأسرة والمجتمع.

فالأمم المتحدة، ومكاتبها، ومؤسساتها المعنية بالمجتمع في الشعوب النامية على نحو منظمة «اليونيسيف»، وما ينضوي تحتها من منظمات، ومؤسسات، وكيانات أخرى تعمل بلا كلل في هذا المجال الحيوي خدمة للطفولة، ومساعدة على تجاوز الكثير من الأزمات، والتخطيط السليم من أجل الخروج من مآزق الصراعات، والكوارث.

فمن الأسباب التي أدت إلى قيام منظمة «اليونيسيف» هو ما نتج عن الحروب والنزاعات التي عصفت بالبشرية جراء حروب كونية، أو أهلية، ويكون ضحيتها عادة الأطفال، وهو ما حدا بدول أوربا على وجه التحديد بعد الحرب العالمية الثانية، أي في عام 1946م حينما صوتت دول العالم في الأمم المتحدة بالإجماع على قيام هذه المنظمة لرعاية الأطفال الذين تضرروا جراء تلك الحروب التي عصفت بأوربا مطلع القرن الماضي ووسطه وعرفت بعد إذ بالحربين العالميتين الأولى والثانية.

وقد نجح هذا المشروع الأوربي الإنساني نجاحاً مذهلا، واسهم بالتخفيف من مصاب ضحايا الحرب وأسرهم، ولم يتوقف هذا المشروع عند حدود معالجة نتائج الحروب إنما امتد إلى تعزيز حقوق الطفل، والسعي إلى رفاهيته، ومده بعناصر المساعدة والتشجيع وبناء الإنسان، بل امتد هذا المشروع لاحقا إلى دول أخرى على نحو القارة الإفريقية وأجزاء من آسيا و أمريكا الجنوبية.

وما توقيع 158 دولة على ميثاق هذه المنظمة الإنسانية المعنية بالطفولة إلى دليل واضح على أن الطفل بحاجة إلى مزيد من العناية، والمتابعة والتخطيط السليم من أجل تُجنَّب هذه الفئة ويلات الحروب والمصائب والأزمات الخانقة على نحو المجاعات، والكوارث الطبيعية التي تحدث غالباً ولا يمكن للكثير من الدول الفقيرة أن تواجهها، أو تتخلص من آثارها ونتائجها مما يعزز وجود هذه المنظمة وغيرها من المنظمات الإنسانية التي تسير في هذا الاتجاه الإنساني المهم.

وهذه الجهود والأعمال تتطلب دعماً مادياً كبيراً،وتخطيط استراتيجياً، وتقنيات تسهم في المساعدة على التقليل من مخاطر هذه الكوارث والأزمات التي غالبا ما تنشأ بعد فشل الحكومات في تأدية دورها، ومن الأهمية بمكان أن يكون هناك تنظيم دقيق لهذه المؤسسات والمنظمات يتمثل في تقديم الأولويات على نحو القضاء على الأمراض المحتملة، وتنقية المياه، وتقديم الطعام المفيد، ومن ثم البحث عن سبل لتعليمه وتحصينه عقلياً ليكون الطفل مؤهلاً لتجاوز مثل هذه المصاعب والمصائب.

hrbda2000@hotmail.com

مقالات أخرى للكاتب