Friday 21/03/2014 Issue 15149 الجمعة 20 جمادى الأول 1435 العدد
21-03-2014

ما بين البطالة الطبيعية والبطالة المُقَنَّعة

تعتبر مشكلة البطالة واحدة من أهم وأكبر المشاكل التي تواجه معظم بلدان العالم وتهدد استقرارها سواء كانت تلك البلدان مصنفة ضمن بلدان متقدمة اقتصادياً أم نامية أم مختلفة وباتت هذه المشكلة عائقاً تنموياً لدى كثير من الدول وخطراً يهدد حياة الخرجين والعاطلين عن العمل الذين يجدون أنفسهم قاصرين عن غير عمد من إثبات ذواتهم وبناء مستقبلهم بعد تحقيق الهاجس الأول لهم وهو الشهادة والتخرج أملاً في مستقبل مشرق زاخر بالأماني والأحلام للانخراط في العمل

داخل مؤسسات المجتمع المدني والمشاركة في البناء التنموي لكل دولة ليأتي واقعٌ مؤلم يحطم تلك الأحلام على أعتاب غياب فرص العمل.

لست بصدد الحديث عن البطالة بالمفهوم المتفق عليه الذي هو ببساطة المفهوم المعاكس (للعمل).. ولست معنية بعرض تحليلات اقتصادية أو نشر إحصائيات عن عدد العاطلين أو حتى أبعاد مشكلة البطالة على الفرد والمجتمع والوطن فقد تشبعنا بامتياز بالحديث عنها.. وتناولها المختصون في مؤتمراتهم وندواتهم دون أن نرى حلولاً جذرية تؤدي لامتصاص هذه المشكلة والحد نسبياً من تفاقم هذه الظاهرة.

فإذا كانت مشكلة البطالة بشكل عام من أهم التحديات التي تواجه أي مجتمع من المجتمعات وفي أي دولة من دول العالم.. مهما بلغت من مستويات النمو الاقتصادي ومهما تمكنت من السيطرة على معدلات البطالة ضمن حدود مقبولة وإذا كانت تداعياتها السلبية تبقى واضحة على الواقع الاجتماعي والاقتصادي إلا أن هناك نوعاً آخر من البطالة هو في عُرف الاقتصاد من أبشع أنواع البطالة إنها البطالة المقنعة أو المستترة.. فماذا يعني مصطلح البطالة المقنعة.. يُعرّف الاقتصاديون البطالة المقنعة بأنها مقدار قوة العمل التي لا تعمل بشكل فعلي في النشاط المنتج.. ببساطة هي تعبر عن مجموعة من موظفين أو عمال يحصلون على رواتب دون جهد يُذكر حتى وإن تمَّ إبعادها من مجال العمل لا يترتب على خروجها أي نقص في إجمالي الإنتاج أي أنها بالمفهوم العام والمتداول على ألسنة العامة هي وجود عدد من موظفين لا يعملون شيئاً سوى البقاء في مكاتبهم لتبرير قبضتهم لمرتباتهم مع تعطيلهم لغيرهم من الموظفين العاملين المنتجين حقاً.. وقد أشار كثير من الباحثين الاقتصاديين إلى أن أهم أسباب هذا النوع من البطالة يعود إلى زيادة مطردة في معدلات النمو السكاني إلى جانب قلة التوسع في المؤسسات الصناعية والتجارية والزراعية والمؤسسات الخدمية بشكل عام مما يجعل تكدس الموظفين أو العاملين في أي منشأة أو أي إدارة حكومية محدودة الإنتاج غير متكافئة مع حجم الإنتاج وبالتالي فهذا مدعاة إلى استنزاف الكم الهائل من الموارد المالية كرواتب تدفع للموظفين والعاملين المقنعين.

التحديات التي تواجهنا من مشكلة البطالة تستدعي منا مغالبة الزمن واستغلال فرصة اللحظة لمعالجة ظاهرة البطالة بكافة أنواعها على اعتبار أنها المشكلة الأبرز في المجتمع وذلك لن يتأتى إلا عن طريق تذويب الفجوة بين مخرجات التعليم واحتياجات سوق العمل بخلق فرص عمل تناسب حاجة ميدان العمل مع الاهتمام بتحسين النظام التعليمي مما يوفر اليد العاملة الماهرة المدربة.. تشجيع العمل الحر إلى جانب دعم المشروعات الصغيرة لتغيير الفكر السائد وهو أن الدولة هي المسؤولة عن تشغيل الخريجين رغم أن الدولة تحرص على الحل الأمثل وهو توفير الفرص الوظيفية الجديدة للشباب وذلك بدافع من المسؤولية الملقاة على عاتقها.. بالإضافة إلى تقديم سن التقاعد لإتاحة الفرصة أمام الجيل الجديد.

تفاقم مشكلة البطالة وأزمة إيجاد فرص العمل وانتظار التعيين الوظيفي باتت حديث المجتمع والشغل الشاغل لهم.. أخيراً لتقنين نسبة البطالة والحد من تفاقم هذه المشكلة ولإحداث توازن في توزيع أدوار العمل لدى الشباب الباحثين عن عمل لا بد من وضع خطط لبرامج ومشاريع تنموية وتنفيذها على أرض الواقع وفي كافة مدن الوطن لضمان توفير فرص العمل والحيلولة دون تفاقم مشكلة البطالة.

zakia-hj1@hotmail.com

Twitter @2zakia

مقالات أخرى للكاتب