Friday 14/02/2014 Issue 15114 الجمعة 14 ربيع الثاني 1435 العدد
14-02-2014

الثروة المعرفية نحو غاياتٍ أكمل .. ونهاياتٍ أرشد

آن الأوان لأن نخطوَ خطواتٍ ثابتة ومتقدمة تتجاوز الطموحات والآمال التي ما زلنا نستمع إليها منذ سنوات.. فالتحديات التي نواجهها أعمق وأعقد مما نتصور.. ومن الصعب على أكثر الدراسات المستقبلية تفتحاً أن تتوقع حجم وتأثير هذه التحديات في ظلِّ ثورة معلوماتية ومعرفية سريعة ومتزايدة وتتطلب منا اللحاق بالركب ومواكبة التطورات العالمية على المستوى المعرفي.. وما يفرزه من برامج تتيحها التقنيات المختلفة للاستخدام البشري في عالم تلاشت فيه الحدود والمسافات، وأصبح

لكل حدثٍ معاصر انعكاسات مباشرة على العالم أجمع وأضحى تقدمُ الأمم مرهوناً بقدرته على التكيف مع هذه الانعكاسات بشكل يمكنها من توظيف المعرفة كرأس مال بشري يرتكز عليه سلم الاستثمار والاقتصاد لدفع عجلة التقدم المنشود.. وليس خفياً على أحد أن رسالة الإنسان.. هي تحقيق الخلافة الصالحة في الأرض وليس الإعمار المادي فحسب.. لذلك، فإن إعداد هذا الإنسان لمسؤوليات هذه الرسالة وخدمة وطنه ومجتمعه هي مسؤولية وأمانة عظيمة.. ومن هنا تنبع أهمية الاستثمار في رأس المال البشري كمفتاح للتقدم والنمو في جميع مجالات الحياة.. إذ إن تنمية الموارد البشرية تُحول الثروة من مجرد كميات نوعية إلى طاقاتٍ إبداعية ذات اسهامات متنوعة وفاعلة تسهم بشكل كبير في النمو الاقتصادي والتقدم الاجتماعي.

المشكلة التي تعاني منها غالبية مؤسساتنا الحكومية تتلخص في قناعتهم التامة بمدى أهمية الثروة المعرفية لتنمية وتطوير قدرة ومهارة العنصر البشري فتُلقى المحاضرات وتُقام الندوات وتُعقد المؤتمرات لنصل إلى أنها ليست سوى قناعة تُصاغ بعبارات رنانة تلَمْسنا من خلالها الأمل والتفاؤل لكنها تُكتب وتُحفظ في ملفات لتبقى حبيسة أدراج يغلب عليها غبار الزمن.

جميلٌ أن نكون على قدرٍ كبير من القناعة التامة بأهمية تنمية العنصر البشري معرفياً وتأهيله وتطويره بشكل مستمر كونه يشكل في حد ذاته أحد عوامل الانتاج إن لم يكن أهمها على الاطلاق.. لكن القناعة تحتاج إلى انطلاق ونقطة الانطلاق تبدأ من مؤسسات التربية والتعليم ومؤسسات التدريب الفني والتقني بالإضافة إلى التعليم العالي.. فالقطاع التعليمي بمختلف مسميات مؤسساته وبمختلف أدواره التي يقوم بها يقع على عاتقه تكوين رأس المال البشري اللازم للنمو الاقتصادي والإنماء الاجتماعي.. التعليم هو المحور الرئيسي لكافة خطط التنمية لذا بات اصلاح الهيكل العام للتعليم ضرورة ملحة ليتلاءم والتطورات التكنولوجية ومتطلبات سوق العمل المتعددة وبالتالي تلبية حاجات المجتمع والرقي بالوطن فالتعليم المنعزل عن هذه المتطلبات وعن احتياجات المجتمع المختلفة لا يمكن أن يقوم بدور فعال في التنمية إذا لم تكن مخرجاته مواكبة للمتغيرات التي يشهدها سوق العمل.

وانطلاقاً من أهمية التعليم في صنع الحضارة وبناء الإنسان لابد أن يحظى قطاع التعليم بشكل عام باهتمام أكبر وأن تكون هناك نقلة في مسيرة التعليم من حيث وضع أسس انطلاقة النهضة التعليمية بمعطياتها ونتائجها سواء النوعية والكمية.. أو تفاعل نشاط مؤسسات التعليم مع متطلبات التنمية الاقتصادية والاجتماعية للوطن.

أخيراً لابد من الاشارة إلى أن واقع الحال يقول: إن الصلة بين الخطط التعليمية والتربوية والخطط الاقتصادية تكاد تكون مقطوعة نظراً لضعف خيوط النسيج التي تصل بين حاجات التعليم وحاجات التنمية الاقتصادية وهناك عجز عن قدرة ربط التعليم بسوق العمل.. حتى مدارس التعليم الفني والتقني لم تستطع تلبية سوق العمل، وهذا ربما يعود لضعف المستوى العملي لخريجيه.

وبناءً على ما سبق فإن التعليم هو أساس التنمية الشاملة، وأن الاستثمار في الموارد البشرية من خلال التعليم يحقق نمواً اقتصادياً يساعد كثيراً في الحد من الفقر.. التعليم جزءٌ لا يتجزأ من تنمية الموارد البشرية والذي يتمثل في بناء قدرات ومهارات بشرية فعالة في المجتمع.

zakia-hj1@hotmail.com

Twitter @2zakia

مقالات أخرى للكاتب