Friday 31/01/2014 Issue 15100 الجمعة 30 ربيع الأول 1435 العدد
31-01-2014

حقوقُ الإنسان تشريعٌ عرفته البشرية منذ الأزل

تعود مبادئ حقوق الإنسان إلى الوراء كثيراً.. فهي ليست ولادة الإعلان العالمي لحقوقِ الإنسان عام 1948.. ولادتها كانت منذ وُلِد الإنسان على وجه البسيطة، حيث نشأ وعاش حياته البدائية حراً طليقاً.. يتمتع بكل حقوقه الشخصية أو الفردية التي صنعها لنفسه..

في البداية لم يكن هناك من يستطيع أن يسلب منه حقاً أو مكسباً معيناً ربما بسبب قلة أعداد الكائنات البشرية في أي بقعة معينة..كان همُّه مقتصراً على توفير أسباب البقاء من سكن في الكهوف والمغارات والأكواخ، ومن طعام يعتمد على النباتات وصيد الحيوانات، إلى جانب حماية نفسه من كوارث الطبيعة والحيوانات الضارية ثم من البشر فيما بعد عندما بدأ مسيرة الرعي والترحال والنزوح بحثاً عن موارد الماء ومواطن العشب الخصيب.. وما من شك بأن هذه الأمور هي أمور طبيعية لم يتعلمها من أحد ولم يمنحها له أحد.. ومنبعها غريزة فطرية من أجل استمرار البقاء.

ومع توسع الوجود البشري وازدياد عدد السكان ازداد شعور القلق والخوف عند الإنسان من أن يُعتدى عليه أو يُسلبَ منه حق أو ضرورة من ضروريات حياته وفرها لنفسه بالعرق والجهد، لذلك سعى لأخذ الحيطة والحذر، ومن هنا انبثقت فكرة حقوق الإنسان.. وعلى خلفية ذلك أسهمت الحضارات القديمة والشعوب المتعاقبة في بلورة وتحديد أسس مفهوم حقوق الإنسان.. ابتداءً من إسهامات بلاد الرافدين والفراعنة والإغريق وهكذا تباعاً.

ففي الحضارة الفرعونية لابد من الإشارة إلى أن ثورة (أخناتون) التي تعد من أهم الثورات التي جاءت لتجسد معايير حقوق الإنسان في تلك الحقبة، إذ دعت إلى السلام والتسامح ونشر العدل والمساواة بين الجميع دون تميز.. وفي إطار المراجعة التاريخية نجد أن حضارة بلاد ما بين النهرين العريقة حثت على وجوب حماية واحترام حقوق الإنسان..

فسنَّت قوانين متعددة لحماية هذه الحقوق، ومنها على سبيل المثال قانون حمورابي الشهير والذي يعود إلى القرن الثامن عشر قبل الميلاد، لكن ما يسيء لهذا القانون أنه يُقِرُ قاعدة الثأر مما يتنافى مع مبادئ العدالة وجوهر الإنسان.

وفي الفكر العربي وقبل بعثة الرسول صلى الله عليه وسلم سجلت الذاكرة التاريخية أن وثيقة الفضلين من أقدم الوثائق التاريخية على الإطلاق، وقد اهتمت هذه الوثيقة بحقوق الإنسان في ذلك الوقت.. حيث جسدت أهم حقوق الذين يقطنون شعاب مكة.. وضمت أسس ومعايير الإبقاء على معاني السلام والعدالة بين جميع أعضاء المجتمع المكي.

وعندما جاء الإسلام طرح مبادئ جديدة ليس لأهل الجزيرة العربية فحسب بل للبشرية جمعاء وبصورة تضمن للإنسان آدميته وكرامته وحرمة دمه وعرضه وممتلكاته.. كانت رسالة الإسلام واضحة كل الوضوح على صعيد احترام حقوق الإنسان، فقد حررت الإنسان من الرق والعبودية وأقرّت مبادئ العدالة وحقوق المرأة والطفل وعدم انتهاك كرامة الإنسان.

في العصر الحديث وفي عام 1948 أصدرت هيئة الأمم المتحدة الإعلان العالمي لحقوق الإنسان.. ورغم أن الإعلان كان محل ترحيب واحتفاء من غالبية الدول وترددت أصداؤه بصورة مباشرة وغير مباشرة إلا أن هذا الاحتفاء لم يكن يخلو من الإشارة إلى ما بين المبادئ والممارسة السياسية من تعارض وتفارق، فقد كان هناك بون شاسع بين النظريات والتطبيق على أرض الواقع خصوصاً في هذا العصر الذي طغت على واقعه الماديات وجدلية القهر والظلم والقتل.. ومآسي الفقر والمجاعة وإهدار لكرامة الإنسان الذي كرمه الله في كل الديانات السماوية.. أخلص إلى القول إن حقوق الإنسان أضحت حقيقة أكيدة دولياً وعلى كل المستويات القانونية والسياسية وغيرهما وأن قواعدها لابد أن تكون قواعد ملزمة تطبقها جميع الأطراف الدولية.

zakia-hj1@hotmail.com

Twitter @2zakia

مقالات أخرى للكاتب