Friday 21/02/2014 Issue 15121 الجمعة 21 ربيع الثاني 1435 العدد
21-02-2014

عودة لصراعٍ بارد بين دُبٍّ روسي وطاووسٍ أمريكي..فلمن الغلبة في النهاية؟

يبدو أن استعارة أوصاف وطباع بعض الحيوانات لسياسة وتحركات وصراع بعض القوى الفاعلة على الساحة الدولية قد حظي بشهرة واسعة.. فالحيوان الخرافي التنين أُطلِق على الصين، وأما التمساح فكان من نصيب ألمانيا.. والاختيال بالكبرياء والعظمة كالطاووس تميزت به أمريكا..

والدب الذي تميز بالحماقة والضراوة في آنٍ واحد فقد كان صفة لروسيا لهذا كانت لفظة الدب ملاصقة دوماً لروسيا في معظم أدبيات أي خطاب سياسي دولي.. ورغم أني لا أعلم مصدر هذه التوصيفات المجازية أو شخصية من أطلقها فإني أرى أن من شبه روسيا بالدب وأمريكا بالطاووس كان محقاً فالحماقة والكبرياء لا يتفقان أبداً..والصراع يبقى مستمراً حتى ولو بدا بارداً.. وهذا ما كان واضحاً في علاقة التوتر السياسية بين أمريكا وروسيا بشأن الأزمة السورية.

نعلم جميعاً أن التغيير سمة أساسية تطبع الأنظمة الدولية على مدار الزمن.. فلا تكاد تمر حقبة زمنية إلا وتتميز بنظام دولي يختلف تماماً عن سابقه.. فهناك نظام يضعف وآخر يسقط.. وهناك نظام يهيمن وآخر يستعيد عافيته وينهض من تحت ركام الرماد وهذا هو حال الأنظمة على مرِّ العصور.

بالعودة إلى الوراء قليلاً وقبل سقوط الاتحاد السوفيتي وانهيار المعسكر الشرقي مر العالم بمرحلة عسيرة بين أضخم قوتين شهدهما القرن الماضي وكانت ستعرف في بعض أشواطها مواجهة مباشرة بين قطبي الصراع أمريكا والاتحاد السوفيتي.. إلا أن انهيار الاتحاد السوفيتي وتفككه وسقوط المعسكر الشرقي أدى إلى نتائج معاكسة صبت في مصلحة أمريكا لتستفرد بعدها بالهيمنة الدولية وقيادة العالم؛ أما روسيا فتحولت بشكل تلقائي إلى وريث.. حيث ورثت بقايا القوة والعبء الاقتصادي الثقيل الناتج عن تفكك الاتحاد السوفيتي.

استمرت أمريكا كقطب مهيمن أوحد على العالم فيما بقيت روسيا تلملم أشتاتها وتبني قوتها اقتصادياً وعسكرياً بعد الضعف الذي أصابها نتيجة انهيار واندحار الاتحاد السوفيتي.. وبينما أمريكا كقوة لا ينازعها أحد في الشئون الدولية تلعب دورها كاملاً بدأت روسيا تستعيد عافيتها سياسياً واقتصادياً وعسكرياً.. وبعد الأفول ثم النهوض سعت إلى إبراز مكانتها وأن لها قولاً في القضايا الدولية الهامة في محاولة لبناء توازن لها في مراكز متعددة من العالم.. وخلال هذه الفترة كانت هناك رسائل مغازلة متبادلة بين أمريكا وروسيا فحواها بأن الدولتين قد تجاوزتا مخلفات الحرب الباردة ما يوحي بانتعاش روح العلاقة بينهما.. إلا أن ذلك لم يدم طويلاً فرياح التوتر الساخنة والباردة تعاود هبوبها بين الفينة والأخرى، ولكن مهما كانت نوعية رياح التوتر.. تظل العلاقة الروسية الأمريكية متسمة بنوع من الطبيعة البراجماتية؛ فالتعاون والتنسيق يتألق حال المصالح المشتركة والأهداف المتبادلة وعندما يأتي الخلاف والمواجهة يركز كل منهما على إزاحة الآخر. واليوم ومن خلال المشهد السوري المتأزم تحاول روسيا أن تبرز قوتها لسحب بساط الهيمنة من تحت الأقدام الأمريكية.. فمواقفها المتعنتة وتمسكها بمجرم يحرق الأرض ويقتل البشر دليل على أن موسكو لا تتورع عن التوغل في سياسة التعطيل وتجميد المواقف، ولعل آخرها إفشال مؤتمر جنيف 2 رغم المأساة الإنسانية المروعة التي يعيشها الشعب السوري.. بيد أن المريع أكثر هو التنصل من أي قرار أممي أمام الأمم المتحدة يدين استمرار مجمل الكوارث الإنسانية في سوريا.. عموماً يبدو أن موسكو بَنتْ مواقفها المتعددة من الوضع السوري على التردد الذي اتسم به الموقف الأمريكي تجاه الأزمة السورية..فهل صحوة الدب الروسي تستمر أم تكون الغلبة للطاووس الأمريكي؟

zakia-hj1@hotmail.com

Twitter @2zakia

مقالات أخرى للكاتب