Sunday 30/03/2014 Issue 15158 الأحد 29 جمادى الأول 1435 العدد
30-03-2014

المالديف محطة هامة في زيارة ولي العهد التاريخية

تحظى المملكة العربية السعودية أرض القداسات وملكها خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز وولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع الأمير سلمان بن عبد العزيز وشعبها بمكانة خاصة بين دول العالم.

والمملكة دولة قائدة رائدة في الميدان الإقليمي والعربي والإسلامي والدولي ولها مكانتها السياسية والاقتصادية والنفطية والإستراتيجية واهم من ذلك رعايتها لأقدس بقاع الأرض الحرمين الشريفين اللذين تتعلق قلوب المسلمين بهما ويتجه 1.5 بليون مسلم في صلواتهم إلى أحدها وهو البيت الحرام.

وعلاقات المملكة مع دول العالم علاقات تقوم على التعاضد وتجميع الصفوف وحل النزاعات والصراعات الدولية والتصدي للحروب في عالم متغير يشهد صراعاً على كل المستويات، كما يشهد العالم العربي والإسلامي التعنت والصلف الإسرائيلي باحتلاله فلسطين والقدس الشريف والأراضي العربية الأخرى.

وقد جاءت الزيارة الرسمية التي قام بها ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع الأمير سلمان بن عبد العزيز بتاريخ 28 ربيع الآخر 1435هـ بناء على دعوة من رئيس جمهورية المالديف السيد عبدالله يمين عبد القيوم لدعم العلاقات الثنائية بين البلدين وسبل تطويرها، وكان في مقدمة مستقبلي ولي العهد الأمين في مطار إبراهيم ناصر الدولي رئيس جمهورية المالديف وكبار المسئولين بالمالديف، وقد أقام الرئيس المالديفي حفل غداء على شرف سمو ولي العهد، وعُقد اجتماع بين سموه والرئيس المالديفي تناول أوجه التعاون بين البلدين وسبل تطويرها، كما التقى ولي العهد بالرئيس السابق للمالديف السيد مأمون عبد القيوم.

وقد كان الاستقبال الرسمي والشعبي حافلاً يليق بمكانة ولي العهد وكانت زيارة تاريخية وترحيباً حاراً، وقد تصدرت الأخبار والتعليقات عن زيارة سموه للمالديف عناوين كبريات الصحف المالديفية، وشمل الاهتمام بهذه الزيارة الهامة كل أجهزة الإعلام بما في ذلك الصحافة الإلكترونية وشبكات التلفزيون.

الأمير سلمان الذي يمثل وجه المملكة الساطع بنور الإسلام والحرمين الشريفين مكة المكرمة والمدينة المنورة التي ترعاهما المملكة وتنال شرف القيام بهما وعمارتهما واهتمامها البالغ في بناء وتعمير المساجد والمعاهد والجامعات الإسلامية في البلاد المقدسة وفي الدول العربية والإسلامية والصديقة، من منطلق أن المملكة هي قبلة المسلمين وإلى ديارها المقدسة تشد الرحال فهي القدوة لكل الدول دستورها القرآن الكريم والسنة المطهرة، وهي الدولة الوحيدة في عالم اليوم التي هذا هو دستورها.

ولأن من أولى أولويات المملكة وقادتها وشعبها هو بناء المساجد في كل بلاد المسلمين، وامتد إلى الدول الصديقة التي تستضيف العرب والمسلمين في أوروبا وأمريكا وآسيا وكل القارات، فإن ولي العهد الأمين ما أن وطأت قدماه جمهورية المالديف حتى تبرع على الفور ببناء عشرة مساجد في جمهورية المالديف، كما تبرع بمبلغ مليون دولار لأوقاف المركز الإسلامي المالديفي، وهذا يبرز رسالة المملكة وقادتها وشعبها، نشر دين الله الخالد الدين الوسط البعيد عن العنف والتطرف والإرهاب، قال تعالى: {وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا} (143) سورة البقرة.

ولذا، فإن الدول الأخرى تستبشر بزيارة قادة المملكة وترحب أيما ترحيب بتبرعاتهم ومساعداتهم في جميع المجالات وفي مقدمتها بناء بيوت الله وتعميرها وترميمها {إِنَّمَا يَعْمُرُ مَسَاجِدَ اللّهِ مَنْ آمَنَ بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَأَقَامَ الصَّلاَةَ وَآتَى الزَّكَاةَ وَلَمْ يَخْشَ إِلاَّ اللّهَ فَعَسَى أُوْلَئِكَ أَن يَكُونُواْ مِنَ الْمُهْتَدِينَ} (18) سورة التوبة.

والأمير سلمان جسد ذلك أحسن تجسيد، وعكس سياسة المملكة التي تمتد في عمق التاريخ منذ الدولة السعودية الأولى والثانية والثالثة (المملكة العربية السعودية) التي أساسها شريعة الإسلام الصالحة لكل زمان ومكان، وهذه الصورة الخالدة عكسها الأمير سلمان خارج الحدود عن بلاده بما يتفق مع دورها الإسلامي الرائد كراعية للحرمين الشريفين ومكانتها الدينية والحضارية والسياسية والاقتصادية.

ولا شك أن سمو ولي العهد بحكمته وحنكته وبعد نظره، قد وجه ضربة قاصمة جاءت في الوقت المناسب للتغلغل الشيعي في الشقيقة المالديف، وسموه بزيارته الرسمية لذلك البلد وقف بنفسه على احتياجات المالديف وشعبها وفي مقدمتها بناء المساجد وترميمها ودعم المراكز الإسلامية فيها وهذا فيه دعم حقيقي لأهل السنة والجماعة ووقف للتمدد الصفوي في المالديف الذي يبث سموم الفرقة والتشتت بين المسلمين عامة.

وقد صدر بيان مشترك حول زيارة ولي العهد الرسمية لجمهورية المالديف أكد على عمق العلاقات بين البلدين الشقيقين وأهمية دعم التعاون القائم بينهما من خلال منظمة التعاون الإسلامي وعلى وشائج الأخوة القائمة بين الدولتين وقوامها الإسلام دين الوسطية والاعتدال والتسامح، ووقوفهما ضد التطرف والإرهاب بجميع أشكاله ومظاهره.

ولا شك أن التعاون بين الدول لمحاربة هذه الظاهرة الخطيرة (الإرهاب) تعد اليوم من أهم مبادىء التعاون بين الدول عامة والدول الإسلامية خاصة، فالإسلام دين الله الخالد دين عدل ومحبة وسلام، دين الوسطية والتسامح والاعتدال، يرفض العنف والتطرف والإرهاب، ولذا، فإن الإرهابيين الذين يعتدون على الأنفس والممتلكات، حدد القرآن الكريم بالنص القطعي عقوبة من يقتل الأنفس البريئة ويقطع الطرق، قال تعالى: {وَمَن يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُّتَعَمِّدًا فَجَزَآؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا وَغَضِبَ اللّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَابًا عَظِيمًا} (93) سورة النساء.

وإذا كان البلدان قد أكدا في البيان المشترك تعاونهما للوقوف ضد القرصنة البحرية ومكافحة جرائم تجارة المخدرات وغسيل الأموال، فإن هذا يؤكد حرص الدولتين على تطبيق الشريعة الإسلامية التي تحرم تحريماً قاطعاً تلك الجرائم، كما يحرمها قانون البحار والقانون الدولي وقوانين وأنظمة الدول، وفيما يتعلق أيضاً بغسيل الأموال.

وإذا كان الرئيس المالديفي قد قدم شكره للمملكة وقادتها لتأييدها لمالديف في سعيها للحصول على عضوية مجلس حقوق الإنسان في الأمم المتحدة للفترة من 2012 إلى 2016 فان المملكة تعتبر ذلك من واجباتها فهي داعمة دائماً لمواقف الدول العربية والإسلامية في الأمم المتحدة وجميع المنظمات الدولية، وهذه هي سياسة المملكة الداخلية والخارجية منذ تأسيسها على يد صقر الجزيرة الملك عبد العزيز رحمه الله.

والدول العربية والإسلامية ومنظومة المجتمع الدولي يعرفون تلك السياسة الثابتة لدولة هي إحدى الدول الـ (51) دولة التي وقعت ميثاق الأمم المتحدة كإحدى الدول المؤسسة لتلك المنظمة، وقبلها بحوالي ستة أشهر تأسست جامعة الدول العربية والمملكة إحدى الدول الرئيسية التي تبنت تأسيس تلك الجامعة.

وليس من باب المبالغة سياسياً واقتصادياً واستراتيجياً وعلى مستوى العلاقات، القول إن زيارات ولي العهد الأمين إلى باكستان واليابان والهند والمالديف والصين كان حصادها وأثرها كبيراً، وليس من قبيل الدعاية الإعلامية أيضاً القول ان الجهد الذي بذله الأمير سلمان بن عبد العزيز على مستوى تلك الزيارات التاريخية كان كبيراً.

والله ولي التوفيق

info@dreidaljhani.com

رئيس مركز الخليج العربي لدراسات واستشارات الطاقة

مقالات أخرى للكاتب