Sunday 30/03/2014 Issue 15158 الأحد 29 جمادى الأول 1435 العدد
30-03-2014

سفينة الوطن وسلامتها .. والقرار الملكي

يموج العالم بقلاقل واضطرابات متنوعة التوجهات والأهداف؛ ففي الغرب أطماع سيادية، وفي الشرق ربيع عربي ليس له من اسمه نصيب؛ فلا ربيع حل بهذه الدول، ولا سلامة ظفرت بها تلك الشعوب. سعوا إلى نقلة في حياتهم وهم لم ينتقلوا في تفكيرهم وثقافتهم؛ فأفسدوا ما كان صالحاً، ولم يستطيعوا أن يصلحوا ما كان فاسداً.

المملكة العربية السعودية كان لها حضور في هذا المشهد العربي، ولكن بربيع مختلف، ربيع جاء من القيادة، ولم يأتِ من الشارع، لم يأتِ من الغوغاء والشعارات الزائفة. تبنت القيادة ربيعاً يليق بهذا الوطن العظيم، هذا الربيع يعني استقرار حكم البلاد، وثبات التوريث بشكل يضمن - بإذن الله - لسفينتنا أن تسير دون أي عواصف تشتت مسارها وتصيبه بالارتباك.

قلت لصديق من الأسرة الحاكمة يوماً إن الشعب يحب الأسرة الحاكمة كونها منه ديناً وثقافة ونسباً، ولا يشعر بأي فارق يجعل منه ينظر للأسرة الحاكمة بنظرة البغض والكره وتمني الزوال؛ لذا فإن كل ما يتمناه المواطن السعودي هو صلاح هذا البيت من الداخل، أي توافق الأسرة الحاكمة فيما بينها، وهذه مسؤولية ولاة الأمر في أن يرتبوا أمورهم بشكل دوري، يضمن بقاء هذا التميز السعودي. وإذا قلت التميز فإنني بالفعل أعني ما أقول، فالأسرة الحاكمة بالفعل متميزة في احترام أفرادها لبعضهم بعضاً، ولك أن تلاحظ ذلك في جلوسهم في المناسبات الرسمية وغير الرسمية، فلا يمكن أن يتقدم من هو أصغر سناً على من هو أكبر منه حتى ولو كان هذا الصغير أكبر منصباً، وهذا أمر لافت للنظر ومثلج للصدر.

لا نخفي قلقنا نحن المواطنين للأسرة الحاكمة في كل لقاء يجمع أياً منا بأي فرد منهم، وهذا من الشفافية بيننا كأسرة واحدة، فنقول ما نسمع وما يجول في خواطرنا بكل صراحة ووضوح، وهذا من فضل ربنا علينا، فلسنا في دولة بوليسية قمعية سياستها قائمة على (لا أريكم إلا ما أرى)، بل هي قائمة على مصالح الشعب بما يتوافق وتطلعاته المبنية على كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم.

صدر الأمر الملكي الكريم المبني على اتفاق هيئة البيعة بأغلبية تجاوزت ثلاثة أرباعه على تولية صاحب السمو الملكي الأمير مقرن بن عبد العزيز ولاية العهد بعد ولي العهد، وهذا أمر في غاية الأهمية، وفي غاية النضج السياسي؛ فهو استباق للأحداث، وقراءة واعية للوضع، وهو يشير إلى أن القيادة لديها مراجعة مستمرة لخارطة الأسرة الحاكمة وخارطة الحكم بما يضمن - بعد توفيق الله - ألا يكون هناك أي خلاف أو تفسير لا يصب في صالح الوطن واستقراره.

مقرن بن عبدالعزيز أمير عُرف ببساطته وتبسطه مع المواطن منذ أن كان أميراً لمنطقة حائل وهو في ريعان شبابه؛ فقد كان معهم كواحد منهم بما تعنيه الكلمة، حضوراً وتفاعلاً وتبسطاً؛ لذا كسب القلوب.

لا أريد أن أثني على من اختاره ولي الأمر فقد تكون قراءة البعض لهذا الأمر خلاف ما أريد، لكنني سأشير إلى أهمية القرار الملكي في هذه المرحلة الحساسة والمفصلية من وضعنا السعودي، فنحن - كما أسلفت - نصارح بما يجول في خواطرنا ولاة أمرنا ومن نلتقيه من أفراد هذه الأسرة، أعني آل سعود، بكل وضوح؛ لذا فإن صوتنا يصل بقنوات حضارية تحترم المقام، وتحفظ الحقوق.

إنَّ صدور هذا الأمر الملكي منحنا الكثير من الطمأنينة، ومنحنا الكثير من الثقة في المؤسسة السياسية، وقبل كل هذا وذاك أخرس ألسنة الأعداء والمنافقين المريدين لنا ولبلادنا السوء والشتات.

إننا نقف بكل وضوح وصراحة مع قيادتنا في كل ما يمكن أن يضمن لبيتنا الكبير الاستقرار، ولسفينتنا الوطنية السير دون عواصف تكدر مسيرها وتزعزعه.

مرحباً بمقرن بن عبدالعزيز، ومرحباً بكل قرار يصب في مصلحة قِبلة المسلمين ومهوى أفئدتهم، فهذا وطن كل المسلمين؛ ومسؤولية أمنه واستقراره مسؤوليتنا قيادة وشعباً.

والحمد لله رب العالمين الذي هيَّأ لنا من يعي المسؤولية، ويقدر الأمور قدرها، ونسأله سبحانه وتعالى أن يوفق أسرتنا الحاكمة إلى ما فيه خير البلاد والعباد، وأن يأخذ بأيديهم دوماً للخير والصلاح.

والله المستعان.

almajd858@hotmail.com

تويتر: @almajed118

مقالات أخرى للكاتب