Wednesday 16/04/2014 Issue 15175 الاربعاء 16 جمادى الآخرة 1435 العدد
16-04-2014

تهمة بين كاتب وقارئ..!

قد قلت يوماً: إن أعمق فخ يقع فيه الكاتب.. شعوره بالتلاشي.. في كل مرة يتحسس فيها جسده وقلبه ليتأكد من نبضه وتنفسه.. وغرائزه ممددة في انتحار جماعي.. في مشهد بائس لصيام عقل ونهاية قلم.

قلتها.. وكررتها.. لأحاول أن أحذر قلمي من تسرب الحياة.. وكما هو حال الإنسان مع التحذيرات.. يتضاعف إيقاع خطواته نحو الهاوية.. كأنما البصيرة تفهم بالمقلوب.. أو هي التجربة في أصدق تجلياتها.. لا بد أن تمارس.. كي تجيز أو تحرّم!

وحالي لا يختلف عن كثير من الكتاب والكاتبات.. ولأكون واقعية.. حالنا بالجملة وفي أغلب أحوالنا.. لدينا خزانة الأقنعة الجبرية التي نستخدمها لحظة نمثل أسماءنا وليس أنفسنا.. بحسب المناسبة.. والمستضيف.. ومدى زاوية مقص الرقيب.

ولنا مع أقنعة مواقع التواصل الاجتماعي خير شاهد.. بين من يكتب باسم مستعار ومن يكتب باسمه الصريح.. شتان بين أمن المنفى الاجتماعي.. وبين من وضع نفسه وجها لوجه أمام مقصلة الأحكام والتصنيفات والنبذ.. أليس كذلك؟

لذا فإن الصمت.. والجبن.. والخوف.. عار يتقاسمه الكاتب مع القارئ.. لأن الآخر لن يتأخر عن النيل من صاحب القلم بشكل شخصي وبدائي.. وليس من الفكرة المطروحة.. فقبل أن يُتهم الكتاب.. ليكن القرّاء في نفس موضع الاتهام.. فلا أحد من الطرفين بريء من إخفاء الحقيقة.. أو السكوت عن الخطأ.. ولو كانت الأفكار وحدها موضع النقد لكان للأقلام دوي يمكنه أن يغير مجرى الأحداث.. لكنها ثقافة اجتماعية.. تهيمن على الجميع كعادتها في كل زمان ومكان.. سائد المجتمع جيوش تدوس في طريقها من يعاكس المسير.. أو يحاول أن يستوقفها ويسأل إلى أين نحن ذاهبون!

ولو كان للبشر أن تتحدث بما يمور في عقولها لساعة واحدة دون حساب أو قيد.. كلٌ متسلح بعلمه وبراهينه.. وأمن من عقوبة الفكر.. ماذا ترانا سنسمع ونقرأ؟

لو كان لك أن تقول ما تريده تحديداً دون أن تجازف بمكانتك.. وسمعتك.. وتتهم في دينك.. لأنها محمية وفي معزل عن فكرك.. لكانت الحياة أصدق.

فما قيمة الحديث الذي لم يغادر الصدور.. وسيرحل معها إلى القبور!

وما هي الحرية التي يمكن أن نزعم؟.. ونحن عند أبسط فكرة تُطرح ولا يتسع لها إدراكنا.. نحارب صاحبها وتبقى فكرته تائهة في فلكها إلى أن تلتقطها عقول تحترم الإنسان لتستفيد منها.. أو تردها ببرهان.

amal.f33@hotmail.com

مقالات أخرى للكاتب