Wednesday 19/03/2014 Issue 15147 الاربعاء 18 جمادى الأول 1435 العدد
19-03-2014

مزاج «النحس» !

التردد عند الطلب رسالة ساذجة ولا إرادية .. تجذب معها أسباب الرفض وإن بدا طلبك منطقياً.. فأين للبشر أن يمنحوك سمعاً وأنت المرتبك المتردد .. بصوت ذا نبرات مرتجفة ولغة جسد مشتتة! كأنما تعلن قبل دعوتك أنك لست متأكداً مما تقوله .. إذ لطالما كان الواثق من نفسه أقرب لإخضاع وتخدير الجانب العاطفي لدى المتلقي .. تمهيداً لمواجهة عقله والإمساك برسن الشكوك أو الرفض التي من الممكن أن تحول بينك وبينه.

ليس في مجال التسويق أو الأعمال والمفاوضات فقط.. حتى في العلاقات الإنسانية.. إن لم تعرف كيف تسوق لذاتك وتعرض رغباتك واحتياجك في قالب المصالح المشتركة.. متسلحاً بقوة المعلومة.. ليس لك أن تغضب وتتهم الآخر بأنه أناني أو غير مبال في حين كنت تلعب معه دور المهرج!

وذلك يذكّرنا بمن حصر نفسه أمام خيار واحد.. وأغلق الأبواب أمام وجهه بمحض إرادته.. وأغلب الحال أنه يبني النتيجة وفق معاييره وتجاربه وخيالاته.. وتجد له كلمات تميّزه قبل أن ينال حتى شرف المحاولة.. فهو سبّاق إلى كسر مجدافه حين يقول: «لن يوافق.. لا يمكن.. لا أعتقد.. لا أظن.. سيرفضون..إلخ» وهو ليس ببعيد عن صاحبنا المتردد في أول المقال.. لأنه عطَّل مهمة جبارة يبدع فيها العقل أيما إبداع.. شرط أن تفتح أمامه أفق الخيارات المتعدّدة.. ولا تحصره في إطار معين.. إنما الخيارات الممكنة وغير الممكنة مطروحة لخارطة الوصول إلى الهدف.. إلا أنه متوقف في مكانه لا يبرحه.. تمر به جموع المفاوضين بحقائب متنوِّعة لعروض تقلب أماكن الجلوس بين الرد والطلب.

وآخر «المنحوسين» من يتراجع عند أول «لا» يسمعها .. فوراً يعتبرها نهائية .. مصيرية .. ولن يخطر بباله سحر الإلحاح.. أو التراجع بنية العودة بعرض أقوى.. إنما هكذا ينفض يديه من الأمر برمته.. ويبقى فقير الحظ الذي لم يستطع أن يصنعه.

النحس رفيق ثقيل لمن آوى إليه الجمود والروتين وكفر بعقله.. يصوّر له أن الحظ يعانده ولن يدري أن الحظ صنعة لمن بحث عن أسراره .. ليجري كالسيل الهادر لا يقبل أن يقف في وجهه عائق يثني اندفاعه.. وإن حبسه حابس.. هاج وماج وغيّر مجراه .. ولا يقبل الموت في البحيرات الراكدة.

amal.f33@hotmail.com

مقالات أخرى للكاتب