Tuesday 22/04/2014 Issue 15181 الثلاثاء 22 جمادى الآخرة 1435 العدد
22-04-2014

استعمال سلاح البترول بطريقة عكسية

على الرغم من كل التجاوزات والحيف الذي لحق بالقضايا العربية والإسلامية، وبالذات القضية الفلسطينية، والانحياز السافر إلى جانب الاحتلال الإسرائيلي، إلا أن الدول العربية -وهي الدول الأكثر إنتاجاً للبترول- لم تلجأ إلى استعمال سلاح البترول لانتزاع حقوق الفلسطينيين والعرب المسلوبة، فبعد صدمة استعمال سلاح البترول عام 1973 -وعلى رغم ما حققه من نتائج إيجابية لصالح الحقوق العربية- إلا أنه ترك آثاراً سلبية على العديد من اقتصاديات الدول، وهو ما جعل العديد من الشعوب (تحقد) على العرب الذين عاقبوا الجميع على جرائم لم يشاركوا فيها؛ إذ إن احتلال فلسطين قام به الإسرائيليون، وسانده الغربيون الذين لم يدعموا الحق العربي، لكن استعمال سلاح البترول أضر الكثيرين غير هؤلاء، ومنهم الدول النامية التي ظلت شعوبها (تحقد) على العرب للجوء إلى هذا السلاح.

وقد عانينا نحن السعوديين كثيراً من جراء هذه النظرة؛ حيث حقد علينا الأوروبيون والآسيويون وحتى الأفارقة، ولهذا فقد أعلن القادة السياسيون في الدول العربية المنتجة للبترول أنهم لن يستعملوا سلاح البترول في حل القضايا السياسية، وفضلوا دعم النمو الاقتصادي للدول على حساب تأخير حل قضاياهم، متأكدين بأن هذه التضحية لا بد أن تجد من يقدرها وإن طال الزمن.

الآن يعود الحديث إلى استعمال سلاح البترول، ولكن بطريقة عكسية، فالولايات المتحدة الأمريكية وأوروبا يبحثون طرقاً لتخفيض أسعار البترول عن طريق إغراق الأسواق بإنتاج كميات كبيرة من البترول من الدول المنتجة، وبالذات من أمريكا والدول الأوروبية «الدنمارك وبريطانيا»، ومطالبة دول الأوبك الانضمام لهذه الحملة، والهدف هو إضعاف الاقتصاد الروسي الذي يعتمد على إيرادات البترول.

أسلوب يؤكد الخبراء بأنه لا يجدي نفعاً؛ فالقضية صراع سياسي بين الغرب وروسيا، فلماذا تتورط به الدول المصدِّرة للبترول وتشارك في عملية تكون هي المتضررة منها بمثل ما تتضرر بها روسيا وربما أكثر؟ إذ إن الدول المصدِّرة تعتمد اعتماداً كلياً في اقتصادياتها على إيرادات البترول، ومعظم هذه الدول قد وضعت ميزانياتها على حساب 90 دولاراً للبرميل، فكيف سيكون وضعها الاقتصادي إذا ما سايرت الغرب واشتركت في عملية التخفيض إلى أقل من 90 دولاراً وربما إلى 85 دولاراً للبرميل الواحد؟ طبعاً ستتضرر هذه الدول وتبدأ ميزانياتها في تسجيل عجز لا يمكن تعويضه.

كما أن الضرر سينال الدول النامية الأخرى التي تحصل على مساعدات مالية من الدول المنتجة، وهناك التزامات مالية واقتصادية وسياسية لهذه الدول هدفها تثبيت الاستقرار في أكثر من منطقة أهملها الغرب ومنها المنطقة العربية، فدول مثل مصر وتونس والمغرب والأردن وموريتانيا جميعها تنتظر مساعدات الدول العربية المنتجة للنفط التي ستعجر عن الوفاء بالتزاماتها إذا ما سايرت الغرب في خطته لتخفيض أسعار البترول من أجل كسر الإرادة الروسية في أوكرانيا.

jaser@al-jazirah.com.sa

مقالات أخرى للكاتب