Saturday 26/04/2014 Issue 15185 السبت 26 جمادى الآخرة 1435 العدد
يوسف بن محمد العتيق

يوسف بن محمد العتيق

عبد الله بن عبد العزيز .. دروس السنين وسنين الدروس!!

26-04-2014

مع المربي الأول .. الملك عبدالعزيز

دروس كثيرة وكبيرة تستحق أن يُسلّط عليها الضوء في تجربة خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز، فهو أمضى قرابة السبعة عقود في خدمة الدين والوطن منذ أيام مؤسس هذه البلاد طيَّب الله ثراه، وحتى يومنا هذا.

كان عبد الله بن عبد العزيز شاهداً على بعضها، ومشاركاً في بعضها، وصانعاً لبعضها. هذه الدروس كانت في سنين وفي كل سنة درس بل دروس، وكل درس هو لبنة من لبنات بناء هذا الوطن.

عبد الله بن عبد العزيز.. طيب النفس وطيب الأصول والجذور.

والده هو صقر الجزيرة وموحد هذا الكيان العظيم، ومن أفرد بعشرات بل مئات الكتب في الحديث عنه ومشروعه الوحدوي الأكبر والأهم في العصر الحديث بشهادة الكثير من المختصين والباحثين.

وأما والدته فتقول عنها سمو الأميرة ملكة بنت سعود آل الجربا في كتابها «جهود الأمير عبد الله بن عبد العزيز آل سعود في الدعوة إلى الله تعالى حتى عام 1419 هـ» (ص 49): وأما والدة سموه الكريم فهي فهدة بنت الشيخ العاصي الشريم من شيوخ قبيلة شمر العريقة التي يتوزع أفرادها بين الجزيرة العربية والعراق وسوريا، فهو - يحفظه الله - ينتسب إلى أصلين كريمين جمع الفضل من الجهتين أصالة وعراقة وعلو نسب خيار من خيار.

وعن نشأة خادم الحرمين تضيف الأميرة ملكة الجربا في كتابها سابق الذكر (ص 53 - 54): (تلقى سمو الأمير عبد الله أصول التربية على يد المربي الأول الملك عبد العزيز الذي أقام كياناً قوياً على أساس ديني يقوم عماد هذه التربية على الالتزام بالدين والصلاح والتقوى والخلق الأصيل والتواضع الجم، فنجد الأمير يمد يد العون للآخرين تكليفاً لا تشريفاً ولم يعرف المفاسد التي تأثر بها أبناء الكبار، إذ كان الارتباط دائماً بكتاب الله الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه تنزيل من حكيم حميد، والسنة النبوية الشريفة التي لا يزيغ عنها إلا هالك، وهدي السلف من الصحابة والتابعين وعلماء الأمة وقياداتهم وأعلامهم الذين يقتبس المسلم من سيرتهم النور، ولهذا نجد أن كتاب الله هو شغله الشاغل فهو معه أينما حل ورحل، وأول شيء يسأل عنه في أسفاره، وعندما يزور أي بلد هو السؤال عن جهة القبلة لأداء العبادة، ولا يكتفي بالسؤال بل يتأكد من ذلك بنفسه ويثبت لوزامه من سجادة ومصحف يحافظ على أوراده اليومية خصوصاً ما كان يحفظه عن ظهر قلب أو ما يحضره معه من كتب الأذكار).

رحلته مع المؤسس الدرس الأول في العلاقات الخارجية

ومن أهم محطات عبد الله بن عبد العزيز في حياة والده مصاحبته له في رحلته التاريخية إلى مصر، هذه الزيارة التي كانت وما زالت مصدراً مهماً لدارس تاريخ العلاقات السعودية - المصرية لما لها من أثر كبير وما نتج عنها من نتائج خدمت البلدين لا سيما السعودية، وهي تخطو الخطوات الأولى بعد إعلان التوحيد على يد المؤسس - طيّب الله ثراه -.

ولعلي أكتفي بنقل تفاصيل مهمة عن هذه الزيارة، أتت على لسان المؤرخ المصري فاروق عثمان محمود أباظة، حيث خصّ هذه الزيارة بورقة تاريخية مهمة، قدمها لمؤتمر المملكة العربية السعودية في مائة عام، وجاءت تحت عنوان (زيارة الملك عبد العزيز آل سعود لمصر وأثرها في دعم العلاقات السعودية - المصرية صفر 1365هـ - يناير 1946م).

وقد جاء في هذه الورقة المصرية: جاءت الزيارة الرسمية التاريخية التي قام بها الملك عبد العزيز آل سعود لمصر في شهر صفر 1365هـ - يناير 1946م بعد أن تخلص العالم من الحرب العالمية الثانية، وكانت استجابة كريمة من الملك عبد العزيز لدعوة مصر لزيارتها، ممثّلة في ملكها فاروق، الذي وجَّه تلك الدعوة لجلالته أثناء الزيارة التي قام بها للمملكة العربية السعودية في صفر 1364هـ - يناير 1945م، فكانت هذه الزيارة الكريمة ردًّا على زيارة الملك فاروق للمملكة. وقالت الصحف عن استعداد مصر كلها لاستقبال الملك عبد العزيز: إنه لا يستطيع القلم مهما كان بليغاً أن يصف زينة مصر وابتهاجها واستعدادها لاستقبال ضيفها العظيم (صقر الجزيرة).. لقد كتب أبلغ الكتّاب، ووصفوا هذه الزينة، فلم يستطيعوا أن يبلغوا في وصفهم شيئاً من عظمتها التي لم تشهد مصر مثلها في تاريخها، على الرغم من استقبالها ملوكاً كثيرين. وكتب عبد الرحمن عزام باشا في مجلة المصور أن مصر حين تستقبل الملك عبد العزيز إنما تستقبل رجلاً تمر الحقب ولا يرى الناس مثله. وأشار إلى أن هذه الزيارة ستترك بلا شك أثرًا خالدًا في العلاقات السعودية - المصرية - العربية، وأنها تشكّل مثالاً للعلاقات التي تقوى وتنمو بين مصر وملوك العرب وأمرائهم ورؤسائهم في سائر الأقطار.

مروءة أمير كريم

ومن المحطات الإنسانية لخادم الحرمين في عهد والده المؤسس، ما نقله محمد أحمد عبد الرزاق ابن أخي أمير الحج المصري في سنة (1365 هـ)، والتي تدل على شغف هذا الأمير الشاب (آنذاك) في خدمة ضيوف الرحمن ومساعدتهم، والشهادة هذه المرة مصرية، ونقلها مندوب جريدة أم القرى، حيث قال في موضوع جعل عنوانه مروءة أمير كريم: زار إدارة هذه الجريدة فضيلة الشيخ محمد أحمد عبد الرزاق بن أخي فضيلة الأستاذ الأكير أمير الحج المصري، وقال لنا إن سيارته تعطلت براكبيها في جانب من الرمال أثناء صعوده إلى عرفات، فالتقى بهم في تلك الأثناء شخص تمثّلت فيه المروءة وتجسّم فيه الخلق الكريم بادر إلى إنقاذهم ولم يبرح مكانه حتى نقلهم في سيارته، وبلغ بهم إلى مكانهم الذي يقصدون وهو الحج، فلما ألحوا في معرفته تبينوا وإذا هو حضرة صاحب السمو الملكي الأمير عبد الله بن عبد العزيز نجل جلالة الملك المعظم، وقد انطلق لسان الشيخ ومن معه بالثناء على سموه والدعاء لجلالة الملك المعظم.

الأمير عبد الله يمارس رياضة القنص مع أشقائه

وكما أنه مغرم بالفروسية.. الرياضية العربية الأصيلة توثق لنا المصادر القديمة أنه كان في عهد المؤسس يمارس رياضة القنص والصيد مع أشقائه وفي هذه الرحلة التي تمت في العام 1367 هـ مع مجموعة من أصحاب السمو أبناء الملك عبد العزيز وأحفاده، ومن بينهم صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن عبد العزيز. ومن دلائل تميزه منذ مرحلة مبكرة من حياته مشاركته في سباقات الفروسية في عهد الملك المؤسس، حيث يشارك على سبيل المثال في سباق الخيل الأسبوعي في الرياض، وحقق مراكز متقدمة منها المركز الثاني في شهر شوال من 1371 هـ الموافق لشهر يونيو من العام 1952 م، وقام بتسليم الجوائز الملك سعود (ولي العهد آنذاك).

للتواصل: على التويتر @yousef_alateeg- فاكس 2333738

مقالات أخرى للكاتب