Wednesday 14/05/2014 Issue 15203 الاربعاء 15 رجب 1435 العدد
14-05-2014

ليلى وفيضٌ من أسئلة

بين يدي كتاب جميل للكاتبة السعودية ليلى الجهني يفيض بالعبارات الفلسفية والمعاني العميقة المؤثرة، سبق لي أن قرأت رواية مميزة للكاتبة بعنوان ( جاهلية ) ..أما هذا الكتاب وهو كتابها الثالث كما ذكرت، فيبدو مختلفاً تماماً عما سبق، هذا العمل يطرح ما بين سطوره فيضاً من الأسئلة وفي الوقت ذاته نجد فيه إجابات لكثير من الأسئلة التي تبدو معقدة وشائكة أحياناً، وفي هذا السياق يتضمن حواراً عميقاً فلسفياً مع الذات وحولها، هو ذلك الحوار الذي يطوف بداخلنا جميعاً بدرجات متفاوتة مابين العمق والوعي والألم ..

( لقد أدركت غير متأخرة على مايبدو أن قيمة وقتي فيما عرفته وأعرفه وسأعرفه عني وعن العالم من حولي وأن انشغالي بإحصاء السنين سيحرمني فرحة أن أعرف جديداً وكل ما احياه الآن هو نهم أن أعرف.. لم أعد أريد شيئاً غير أن أعرف أكثر، كي أعي مبلغ جهلي الفادح فأحزن أكثر مما حزنت..)

نكبر فتتغير، نصبح أكثر نضجاً ووعياً، تصقلنا صور رأيناها وتجارب عبرنا بها أو ربما هي عبرت بنا، لنصبح شيئاً آخر مختلفاً، ثمة أحداث كثيرة في حياة كل منا نخرج منها إما أنقياء أكثر تطهراً ونقاء وإما يبقى في أعماقنا منها بعض من شوائب وقليل من كدر، كلما تراكم هذا الكدر كلما كان عبئاً ثقيلاً على القلب والذاكرة..

(إنني أكبر، ماكتبته في العشرين لايشبه ما أكتبه الآن، وما أفهمه الآن من شرق المتوسط، ليس مافهمته منها عندما قرأتها أول مرة، قبل أعوام طويلة خلت، كما أن رد فعلي إزاءها يختلف، ما أريده لم يعد خفيفاً ومقبولاً، بل أثقل على الخلق من أن يحتمل أو يُغتفر...)

وفي موقع آخر تقول ليلى:

(إنني أكبر، وأفكر أحياناً- عندما أحزن - في أيامي الغابرات، يالأيامي الغابرات، يالبسمة أبي التي لم تعد ما كانته منذ أعوام، فيها من الأسى مايقتلني في كل مرة أراها فيها أكثر من قبل، يالصداقات تحللت تحت رمل الأعوام التي عبرت، وتلك التي ستعبر عليّ او دوني. يالكتبي التي تتراكم فيغدو خرابي الجميل معها واسعاً وغير قابل للشفاء ...)

في هذا العمل الجميل يصافحك كثير من المعاني والأفكار التي تستحق التوقف امامها، مما يستحق إيراده هنا لكن لامجال عبر هذه الزاوية، هذا الكتاب أعاد إلى ذاكرتي كثيراً من الأفكار والمعاني المقاربة أو المشابهة التي دونها كتّاب أو ألفوا حولها كتباً.. هناك كتاب العقاد من (وحي الأربعين) وحول فكرة الموت هناك رواية لميخائيل نعيمة بعنوان (اليوم الأخير) يتحدث فيها عن إنسان يأتيه صوت يهتف به بأن هذا يومه الأخير في الحياة الدنيا فما هو فاعل خلال هذا اليوم.. وهل سيكفيه يوم واحد لإنجاز مالديه؟

الكتاب خفيف، غني بالمعاني والأفكار وجدير بالقراءة، كان بودي فقط لو أن محتوى هذا الكتاب خرج ضمن رواية، لكن فيما يبدو هو الآن جزء من سيرة ذاتية.

مقالات أخرى للكاتب