Wednesday 21/05/2014 Issue 15210 الاربعاء 22 رجب 1435 العدد
21-05-2014

بلّط البحر يا «مطفوق»!

مثلما أن رؤية إنسان بكامل صحته «طول بعرض» يمد يده يستجدي ما عند الناس في ذلة وهوان تشمئز منها النفوس الأبية.. كذلك الجملة المشهورة عند «شحاتين» الواسطة.. لحظة ينطقون بها والتي أشبه ما تكون بعار.. يعري كفرنا بأنفسنا وبقدراتنا «تعرف أحد.. عندك واسطة».

إنها أكثر من تسول للحقوق.. هي إشارة إلى تدني ثقة الإنسان بنفسه.. ونقص إيمانه بما يريد الحصول عليه.. ومن واقع خبرة طويلة.. أقولها بكل يقين.. عندما يأتيك الواثق مما يريده ومما عنده.. فإنه كمجرى واد انفجر سيله ولا يمكن لأي كان أن يحاول إعاقته.. دون أن يكتسحه ويكمل مسيرته.

وعندما يصلون للوسيط ويقولون «جايك من طرف فلان» أليس هذا اتهاما صريحا له في مهنيته وإخلاصه ونيته.. أليس فيه تشكيكا في أمانته؟ فمن يرضى ذلك الوضع ويستنفر قدراته وخدماته من أجل خاطر «فلان» فهو خائن لموقعه أياً كان وللشعب وللوطن.

بالطبع لست أدعو للمثالية.. فقد مررت بنفس الوضع كغيري.. لأن ثقافة المجتمع تفرض نفسها.. لكن الخبرة وممارسة الحياة علمتني أن حقي آخذه إن تسلحت بالمعلومة.. ولباقة الطلب.. والأهم من كل ذلك الإلحاح وطرق الأبواب من أصغر باب إلى أبواب المسئولين وإن كانت موصدة.. اقتحمتها.. وإن استدعى الأمر تمثيل دور «النشبة» وهذا الدرس الأخير تحديداً تعلمته من الأطفال.. إنهم لا يتراجعون.. يحاولون.. وقليلاً ما تستطيع أن تستمر في قولك لا.. خاصة إن استخدمت كل أساليب الإقناع.. من الحوار إلى الرفض بشدة وصولاً إلى الترهيب.. فالطفل العنيد الذي لن يهمه حتى العقاب الجسدي.. يحصل دون شك على مبتغاه وإن طالت مدة المناورة.

يغلب الرفض ممن حاجتك عنده على القبول.. هذا القانون الأول.. لأنها مريحة له.. واختبار لصبرك وقوتك واندفاعك.. لكن حتماً لن يكون نهائياً إن فهمت أن المناورة ضرورية وخطوتك الثانية.. والصياد يعلم أن الصيد الثمين لا يمكن أن يكون ضربة حظ.. إنما تكتيك ومهارة وصبر وتغيير في الموقع والاتجاه.. لكن «المطفوق» سريع الغضب ضيق النفس.. تطير من بين يديه طيوره لأنه يسير بإيقاع أرعن وأحمق.

لذا تعلم كيف تكون أنت واسطة نفسك.. وكيف تقوي دفاعاتك.. وتعزز قدراتك الحوارية.. وكيف تكون مقنعاً بهيئتك.. وصوتك وحجتك ومواهبك.. إياك ودخول الساحة وأنت مشغول بالخوف من الرفض.. بل اعلم أنه أول ما سوف ستقابله.. وليكن إعداد خطتك على هذا الأساس.. دون توصية من أي بشر.. معك الله ومعك ما وهبك من قدرات.. أما البشر فهم أضعف من أن يضيفوا أو ينقصوا من رزقك وحظك مقدارذرة.

تعلم كيف تسخر قلوبهم وعقولهم لك.. أما بغيره.. كن «شحّاتًا» أو بلّط البحر.

amal.f33@hotmail.com

مقالات أخرى للكاتب