Tuesday 26/05/2014 Issue 15215 الأثنين 27 رجب 1435 العدد
26-05-2014

بدون شك تميز!

وجدتني في الآونة الأخيرة لا أطيق متابعة القنوات التي ابتلي بها فضاؤنا العربي بما فيها من نعيق وصراخ وتسطيح بل واستهزاء بذائقة الجمهور، أغلبها لا جميعها بالطبع، فصرت حين تواجدي في المنزل وفي غير وقت القراءة أتابع قناة علمية وأخرى للطبخ لا أبرحهما.

أما العلمية أو القناة الموسوعية بتعبير أدق فلا يحتاج القارئ إلى شرح أسباب متابعتها. وأما قناة الطبخ فليس لي في مهارة الطبخ وعالمه نصيب معرفة، وإنما لبعد هذه القناة عن الصخب والنعيق الفضائي من جهة، ومن جهة أخرى لمزج عالم الطبخ بالسياحة الثقافية والشعوب والعودة إلى الريف والطبيعة، بهدوء وعفوية، بعيدا عن الصراخ والصراع والأخبار التي تجلب الهم وتنغص العيش. فألفيتني أهدأ بالا وأصفى مزاجا مع هاتين القناتين حين أرغب في مشاهدة التلفاز كما قلت.

وكما ذكرت بداية أنه من الخطأ التعميم، لأنه يظهر هنا وهناك استثناءات ونماذج إعلامية تحترم الجمهور فعلا. أحدها برنامج (بدون شك) بطاقمه النشط والجاد بقيادة الإعلامي فهد الحارثي، هذا البرنامج الذي يقوم على الوقوف مع من سلبت حقوقهم أيا كانت، بشكل قانوني وبوضوح ودون محاباة أو مجاملات، مع ما يقدمه هذا البرنامج من بث الوعي القانوني لدى الجمهور وثقافة الحقوق والمطالبة بها أقول هذا كما قلته بحق برنامج (الثامنة) لداود الشريان وفريقه المتميز، لأن الصحافة والكتابة عموما ليست للنقد وإظهار السلبيات فقط، وإنما إعلاء النماذج الناجحة أيضا من أفراد ومشاريع وإنجازات على اختلاف مجالاتها، لأن في الترويج لها وتسليط الأنوار عليها تحجيما للنماذج الفاشلة وإقصاء لها وإشاعة لثقافة الانجاز والإبداع وبثا لروح العمل المنتج الخير.

لن أردد على القراء الكرام أثر الإعلام والمرئي منه بالذات لأنه معلوم لديهم، وعلى الأخص الإعلام الجديد، على أنه وبمرور الزمن أصبح الحذر متناميا في التعاطي مع هذا الإعلام الاجتماعي بمواقعه المعروفة، وهذا هو المطلوب، فهذه تقنية هبطت علينا بين عشية وضحاها، فأفرز تعامل البعض معها دونما وعي مشاكل اجتماعية بل ونفسية وخلقية جعل الكثيرين من الجمهور يتلمس العبرة في تلك الحوادث، وهذا ما أبقى للإعلام التقليدي وبالأخص الفضائي حضوره لدى الجمهور، ومن هنا نقول: إن بعض الفضاء العربي بقنواته ينوء بوزر انحدار الذائقة والوعي الثقافي والاجتماعي لقطاع عريض من الجمهور والنشء والشباب منهم خصوصا. هذا النشء والشباب والتي أثبتت كثير من المناسبات استعداده للعمل الجاد والتطوع والمساهمة الاجتماعية متى تم احترام عقليته وذوقه.

أقول لطاقم هذا البرنامج وكل برنامج احترم الناس والمجتمع ونسف التهريج والضحك على الذوق والوعي العام، وقدم للناس ما ينفعهم، أقول من الأعماق شكرا وبانتظار مواسم قادمة وأفكار نيرة مماثلة.. وبدون شك.. تميز!

romanticmind@outlook.com

تويتر @romanticmind1

مقالات أخرى للكاتب