Wednesday 28/05/2014 Issue 15217 الاربعاء 29 رجب 1435 العدد
28-05-2014

هدنة..!

لا أغرب ممن يشعل حياته حزناً وأسىً بأخبار القتل والدمار.. وقصص الجرائم والضياع.. ويدعو نفسه على مائدة الأحزان كلما أشرقت شمس صباحه.. ويستضيف الحزن ويقارعه كأس الهم والغم.. إلا من اختار جهنم الغيرة من فلان وعلان سكناً.. لحظة يذكره تميزه أنه الأقل شأناً.. وبدلاً من أن يقبل تحدي المقارنة.. في حرب صامتة بينه وبين ضميره.. حتى يتجاوز العدّاء الذي نبهه على حين غفلة أنه في مؤخرة الركب يجر خطاه الثقيلة.

كحديث «أكثره غير صالح للنشر» دار بيني وبين إحداهن عن عامل نظافة يأخذ قيلولة تحت ظل شجرة.. بعد أن مشط الشارع من آثار الكسل واللا مبالاة التي يعيشها بعض البشر.. بعد أن رمى فضلاته بمجرد أن انتهى منها.. في أي مكان عدا المكان المخصص لها.. وعلى المساكين التقاط «قذارته».

قالت: مسكين.

قلت: الحياة اختيار.. لكنها مشروطة باقتناص الفرص.. ومطاردتها والإيقاع بها.

قالت: احمدي ربك «لا يبتليك».

قلت «كمن ينفي تهمة»: لست شامتة.. لكن قانون الحياة جلي حتى في أبسط صوره..

يركع الحظ لمن أخذه عنوة.. وعناداً.. وتحدياً.. ويسحق المتزلفين له بجراحهم وأوجاعهم.. كالرجل تماماً.. يطارد الأنثى المتمنعة.. ويركن الضعيفة المستسلمة على حافة الانتظار.. مهما بلغ من الوقار والروحانية.. تأسره عصفورة الشجرة التي تفرض انتظارها أكثر من المحبوسة في قفص بابه مكسور.

فالحرية لها سحر واشتهاء.. يخافها من تعود عبودية الكبت.. ويظن بها الظنون كخطيئة.. ويجعلها الأحرار حداً فاصلاً بين الحياة والموت.. إما بها يتنفسون.. أو دونها يموتون.

وبمناسبة الحديث عن الأنثى.. لتعلمي يا صغيرتي أن نصائح المتبعات «لكوني له أرضاً.. يكن لك سماء» ما عادت تجدي.. وإن بدا لهن أن الفارس الهارب عاد.. إلا أنه عائد بجسد.. وروحه معلقة في سماء المغامرة ومعاودة زرع الشراك..

لذا كوني إرهاقاً لا ينتهي بسجن.. إنما استراحة فارسة بين حين وحين.. تقطف اللذة وتعيد الكر والفر.. إياكِ وأن تدخلي معتقل الوضوح التام الممل.. هي ليست حرباً.. إنما مناورات عاطفية وجسدية.. لا بأس أن تعلن هدنة.. لكن ليس الاستسلام.. فمن رفع الراية البيضاء مهزوم وإن كان النبل دافعه.

فالرجل وإن مال للسادية غير المفرطة في تعامله.. فهو ماسوشي في عواطفه.. يريد من تجعل الوصول سهلاً ممتنعاً.. لا يريد أماً ثانية.. إنما يريد أنثى متفرّدة..

لعل «علي بن محمد» الفنان المختلف صدح بالسر في أغنيته «كش ملك».. لن أكتبها.. ابحثي عنها.. قد تعطيك مفتاح قلب فارسك.. لتدلفي منه إلى عقله وتعبثي بأثاثه.

amal.f33@hotmail.com

مقالات أخرى للكاتب