Thursday 05/06/2014 Issue 15225 الخميس 07 شعبان 1435 العدد
05-06-2014

هل ستعيد الـ 80 ملياراً المختطفين

قال لي ابني وهو يقدم لي نتيجة الفصل الثاني من الصف الأول المتوسط، أنا غير مقتنع بنسبة 97% ولكن كانت تجربة الامتحانات هذه السنة مفاجأة خصوصاً في الفصل الأول، فنحن لأول مرة نختبر وقد درسنا المرحلة الابتدائية كاملة (ست سنوات) ولم نعرف معنى الامتحانات ولا معنى الدرجات، ولم يقدم لنا

أحد طوال تلك السنين فكرة عن معنى التفوق والتميُّز، بل كانت مرحلة تقييم تعتمد بشكل كبير على المعلم فقط.

تذكّرت وهو يقول لي هذا الكلام، قول وزير التربية والتعليم صاحب السمو الملكي الأمير خالد الفيصل (كان مجال التعليم بأكمله لهم، ولم يكن هناك مجال للفكر السعودي المعتدل ومنهج الاعتدال، تخلينا عن أبنائنا واختطفوهم)، وعلى الرغم من أنّ هذه التصريحات قد أثارت حفيظة البعض، فأنا أعتقد بأنّ السؤال الأهم والذي يمكن أن يطرح اليوم هو كيف ستساهم الـ 80 مليار ريال، وهي الموازنة التي أقرّها خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز - حفظه الله - لمشروع الملك عبد الله لتطوير التعليم العام في إعادة التعليم إلى مساره ؟ أو في إعادة المختطفين من أبنائنا كما ذكر في التصريح ؟

في رأيي أعتقد أنه ليس أبناؤنا الذين كانوا مختطفين، بل أعتقد أنّ العملية التعليمية كانت مختطفة ولأسباب غير محددة، فمنذ عشرات السنين فلم يقم بعض القائمين على التعليم بتوفير الأسس اللازمة لتحسين وتطوير العملية التعليمية في وطننا، فلم يكن لدينا البرامج التأهيلية اللازمة لإيجاد المعلم المتميز أو تطويره أو توفير التدريب اللازم له فأصبح التعليم وظيفة من لا وظيفة له، ولم يوجد لدينا المباني المناسبة لتكون مدارس لأبنائنا وبناتنا وبقيت المدارس المستأجرة هي المسيطرة على مباني التعليم، كما لم توجد لدينا المناهج والكتب المدرسية المطلوبة والموائمة لمتطلبات العصر، وبقينا نجتهد في إعداد تلك المقررات ونجتهد في تحديد الإجازات الخاصة بالفصول الدراسية ونجتهد في وضع مناهج اللغة الإنجليزية وتحديد المرحلة الدراسية التي تطبق فيها، حتى وصلنا إلى ما وصلنا إليه اليوم من الحاجة الماسة إلى إعادة إصلاح التعليم من خلال هذه الموازنة الضخمة.

لقد حقق التعليم في المملكة العربية السعودية منذ بدأ تأسيسه بصورة نظامية عام 1344هـ خطوات إيجابية، تم من خلالها تقديم تعليم مجاني وتم فتح المدارس في كل مدن المملكة، ورفع نسبة الملتحقين بالابتدائية وخفض نسبة الأمية بين الرجال والنساء، لكننا من الواضح أننا وقفنا بعد ذلك في مرحلة معينة ولم نتقدم، مما ساهم في وجود جيل نسبة كبيرة منه لا تقدر قيمة التعليم، ولا يسعى لمعرفة الهدف من وجوده في المدرسة، فهو يأتي في الصباح ويبقى في المدرسة لما بعد الظهر ثم يغادر للمنزل، وفي كثير من الأحيان لا يقوم بفتح تلك الكتب خارج المدرسة إلا وقت الامتحانات، والتي تصبح فترة متوترة للجميع تقوم في الأساس على مبدأ الحفظ لمن يريد أن يتجاوز المرحلة الدراسية، حتى غدت المدارس بمثابة الجحيم للطلاب يتمنون أي ظرف يساهم في إفادتهم بأن اليوم إجازة.

يقول سمو الأمير خالد الفيصل وزير التربية والتعليم في مؤتمره الصحفي بهذا الشأن إنّ «مستقبل الوطن والمحافظة عليه، وعلى مكتسباته وأمنه وازدهاره، ونمو اقتصاده، مرتبط بالتعليم الجيد، والاقتدار المعرفي والحضاري لأبنائه. والتعليم غير الجيد أحد أهم المشكلات التي تواجهها الدول التي تتطلع إلى المستقبل الزاهر والتنمية المستدامة». كما شدد على أنّ مخاطر ضعف التعليم ترتبط باستهداف القوى والمؤثرات الداخلية والخارجية للمجتمع، ما يتسبب في زيادة البطالة، وضعف الإنتاجية، وتدني الناتج الإجمالي المحلي، ويؤثر في عدم تلبية متطلّبات سوق العمل، إضافة إلى ارتفاع معدل الجريمة، ونسبة مستخدمي المخدرات، وشيوع السلبية والتذمر والإحباط، وانخفاض مستوى الرضا العام، وأعباء اقتصادية وضغوط حادة ومقلقة على أية دولة».

في رأيي كل ما سبق صحيح وهذا بالضبط ما يعاني منه الطلاب اليوم، فعدم وجود التعليم الجيد ووجود التعليم الضعيف ساهم في زيادة البطالة وضعف الإنتاجية وعدم وجود مخرجات من التعليم توائم متطلبات سوق العمل، كما ساهم في إشاعة روح السلبية والتذمر والإحباط، مما جعل أبناءنا في تلك المدارس ليسوا مختطفين بل ضحية واقع تعليمي لا ذنب لهم فيه، فقد نشؤوا فوجدوا هذا التعليم ولا يملكون أن يفعلوا له شيئاً إلاّ أن يتأقلموا معه ويأخذوا ما وجدوه فليس لديهم خيارات أخرى.

لقد اختطف التعليم، لأننا لم نقدم للعملية التعليمية خلال الفترة الماضية شيئاً يساهم في إيجاد جيل مؤسس على حب المعرفة وعلى احترام التعليم، وكلنا أمل أن تساهم هذه الميزانية الجديدة في إصلاح حال التعليم وتحسينه لينعم وطننا بجيل متعلم ومحب للمعرفة.

مقالات أخرى للكاتب