Tuesday 10/06/2014 Issue 15230 الثلاثاء 12 شعبان 1435 العدد
10-06-2014

هذا واقع العراق اليوم

ما الذي يدفع طلاباً جامعيين للانضمام إلى تنظيم إرهابي يمتهن القتل لفرض إرادته على الآخرين؟ ما الذي جعل طلبة جامعة الأنبار ينضمون إلى جماعات داعش الإرهابية التي أذاقت أهل الرمادي الويل والقتل؟ ذكرت المعلومات الواردة من العراق أن عدداً من طلبة جامعة الأنبار تعاونوا مع مسلحين من تنظيم داعش، وسهَّلوا لهم اقتحام جامعة الأنبار والسيطرة عليها وحجز مئات الطلبة والأساتذة والموظفين رهائن لدى هذا التنظيم الإجرامي الذي لا يعرف غير جزِّ رؤوس البشر.

السؤال الذي يفرض نفسه: كيف ينضم طلبة جامعيون، يُفترض أنهم على درجة من النضج الفكري، إلى تنظيم إجرامي..؟! وكيف يرتضي شاب على مقاعد الدراسة الجامعية القبول بالعمل مع قاتل، لا يحمل في قلبه ذرة من الرحمة على أبناء شعبه؟ هذا إذا كانوا فعلاً من أبناء الشعب العراقي. وكيف يقتنع شاب يتعلم إعداد البحوث ودراسة المنهج العلمي لتحليل المعلومات والأحداث بالعمل مع مجرمين لا عمل لهم سوى القتل؟!

لا بد أن في الأمر شيئاً ما. أم أن الأجهزة الأمنية أرادت أن تقلل من تقصيرها وترمي اللوم على الطلبة، وأن اختراق داعش لمجتمع الطلبة أضعف قدرة أجهزة الأمن على الدفاع عن الجامعة؟ أم أن هناك فعلاً نفراً قليلاً من الطلبة المهووسين والمتطرفين قاموا بهذا العمل الإجرامي؟ إلا أن الأمر لا بد أن يُبحث بهدوء، ويُحلَّل سبب تغلغل داعش في مناطق وتجمعات محددة. هل لأن تلك المناطق أرضية خصبة لتنامي العداء للحكومة والقوات الحكومية وأجهزة الأمن نتيجة تنامي الظلم والقمع وإقصاء أبناء المكون السني، الذين أصبحوا بين نارين، نار الإقصاء والحقد الطائفي ونار التطرف والإرهاب؟ وهذا بالفعل ما يحصل في العراق، خاصة في المحافظات الشمالية الغربية في الأنبار والموصل وصلاح الدين وديالى وكركوك.. فأهالي هذه المحافظات لا نقول إنهم يتعاونون مع داعش - حاشى لله - فهؤلاء هم من كوَّنوا «الصحوات» وتصدوا للقاعدة، لكن ماذا بعد ذلك؟ أُقصوا واستُبعدوا بعد أن دان الأمر لحكومة المالكي بعد التخلص من القاعدة وتنظيم دولة العراق الإسلامية، وأُبعدت عناصر الصحوة، بل طُردوا، وبعضهم قُتل؛ ولهذا فإنهم بعد عودة داعش بصورة مريبة، وبدعم حتى ممن يدعم حكومة المالكي من حلفاء المذهب الواحد، لم يرد أهالي المحافظات أن يقفوا مع قوات نوري المالكي وأجهزته الأمنية، واتخذوا موقف الحياد، وهو حياد مضر لهم؛ فلا داعش يُؤمَن إجرامها، ولا قوات نوري المالكي يُنجَى من غدرها، وهكذا كُتب على أهالي الأنبار والرمادي وصلاح الدين وديالى وكركوك أن يعيشوا صراعاً أليماً؛ وهو قد يدفع البعض لمساعدة داعش نكاية في المالكي، أو الانضمام إلى قوات المالكي كرهاً لجرائم داعش.

هذا هو العراق الآن، وهذه نتيجة ما فعله الأمريكيون الذين دمروا بلداً عربياً قوياً.

jaser@al-jazirah.com.sa

مقالات أخرى للكاتب