Friday 13/06/2014 Issue 15233 الجمعة 15 شعبان 1435 العدد
13-06-2014

القصتان

الأولى .. صاحب الرغيف

ذكر أبو نعيم في كتابه الحلية، أن أبا موسى الأشعري رضي الله عنه، في حديث رواه بالسند إلى أبي بردة الأسلمي: قال: لما حضر أبا موسى الأشعري الوفاة، قال لأولاده: يا بَنيّ أذكروا صاحب الرغيف، فقالوا: وما صاحب وحكايته مع الرغيف؟ قال: كان رجلٌ يتعبّد في صومعته،

... أراه قال: سبعين سنة، لا ينزل من صومعته إلاّ في يوم واحد، قال: فشبّة أو شببّ له الشيطان في عينيه امرأة، فكان معها سبعة أيام أو سبع ليالٍ، قال: ثم كشف غطاؤه، فخرج تائباً.. فكان كلّ ما خطا خطوة صلى وسجد، فآواه الليل إلى دكان، كان عليه أثنى عشر، فأدركه الأعياء، فرمى بنفسه بين رجلين منهم، وكان ثمّ راهب يبعث إليهم كلّ ليلة بأرغفة، فيعطي كل إنسان رغيفاً، فجاء صاحب الرغيف، فأعطى كل إنسان رغيفاً، ومرّ على ذلك الرجل الذي خرج تائباً فظن أنه مسكين فأعطاه رغيفاً.

فقال المتروك لصاحب الرغيف: لم تعطن رغيفي المعتاد، ما كان بك عنه غنى؟ فقال: أتراني أمسكته عنك، سَل هل أعطيت أحداً رغيفين؟ قال: لا. قال: أتراني عنك والله لا أعطيك شيئاً الليلة.

فعمد التائب إلى الرغيف الذي دفعه إليه، فدفعه إلى الرجل الذي ترك، فأصبح التائب ميتاً من الجوع والتعب.. قال: فوزنت السبعون سنة بالسبع الليالي فرجحت السبع ليالي، ثم وزنت السبع الليالي بالرغيف فرجح الرغيف، فقال أبو موسى: يا بُني: أذكر صاحب الرغيف (حلية الأولياء، ص 2-263) .

-ومن النساء فلتات برزن وفقن الرجال: ومنهن الرميصاء، امرأة أبي طلحة التي قال عنها رسول الله صلى الله عليه وسلم: (رأيتني دخلت الجنة فإذا بالرّميصاء، امرأة أبي طلحة. أسلمت مع السابقين).

وقد غضب مالك بن النضر - أبو أنس- غضباً شديداً من إسلامها. وقال لها: أصبوت؟ قالت: ما صبوت؟ ولكني وجدت ديناً أحسن من ديني؟ فاتبعت النبي محمداً صلى الله عليه وسلم، لأنّ ما جاء به الحق. فآمنت به وبما جاء به.

وقد حرصت أن تلقن ابنها وترضعه اللبن وترضعه مع اللبن العقيدة السليمة، فقد ذاقت حلاوة الإيمان في قلبها وترسّخ عنده الإيمان، وعندما يقول لها زوجها أفسدت عليّ ابني فتردّ عليه بل أصلحته لأنها تدرك أن هذا هو الصواب.

الثانية.. غريبة من الغرائب

ذكر ابن كثير في تاريخه أن ابن جرير روى عن مغيرة قوله: لما جاء نعي علي بن أبي طالب إلى معاوية وهو نائم مع زوجته فاختة بنت قرطه، في يوم صائف، جلس وهو يقول: {إِنَّا لِلّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعونَ }، وجعل يبكي، فقالت له فاختة: أنت بالأمس تطعن عليه واليوم تبكي عليه. فقال: ويحك إنما أبكي لما فقد الناس من حلمه وعلمه وفضله وسوابقه وخيره. وذكر ابن أبي الدنيا في كتاب مكائد الشيطان: أن رجلاً من أهل الشام من أمراء معاوية غضب ذات ليلة على ابنه فأخرجه من منزله، فخرج الغلام لا يدري أين يذهب فجلس وراء الباب من خارج، فنام ساعة، ثم استيقظ وبابه يخمشه هرّ أسود بريّ، فخرج إليه الهرّ الذي في منزلهم، فقال له البريّ: ويحك افتح. فقال: لا أستطيع. فقال: ويحك ائتني بشيء أتبلغ به، فإني جائع وأنا تعبان.. هذا أوان مجيئي من الكوفة، وقد حدث الليلة حدث عظيم، قتل علي بن أبي طالب، قال: فقال الهرّ الأهلي: والله إنه ليس ها هنا شيء إلا وقد ذكر عليه اسم الله، غير سفوّد - حديدة يشوى عليها اللحم -كانوا يشوون عليه، فقال: ائتني به. فجاء به فجعل يلحسه حتى أخذ حاجته وانصرف، وذلك بمرأى من الغلام ومسمع، فقام الغلام إلى الباب فطرقه، فخرج إليه أبوه، فقال: من؟ فقال له: افتح. فقال: ويحك.. مالك؟ فقال: افتح، ففتح فقصّ عليه خبر ما رأى وما سمع، فقال: ويحك أمنام هذا؟ قال: لا والله. قال: ويحك فأصابك جنون بعدي؟ قال: لا والله، ولكن الأمر كما وصفت لك، فاذهب إلى معاوية، فاتخذ عنده لك يداً. فذهب الرجل فاستأذن على معاوية فأخبره بذلك. فأرّخوا ذلك عندهم قبل مجيء البريد، ولما جاء البريد وجدوا ما أخبرهم الرجل به مطابقاً لما جاء به البريد، ثم قال ابن كثير: هذا ملخص ما ذكره (البداية والنهاية 8: 20).

mshuwaier@hotmail.com

مقالات أخرى للكاتب