Saturday 21/06/2014 Issue 15241 السبت 23 شعبان 1435 العدد
21-06-2014

حق الأم في تسمية مولودها !

ما يثير العجب والألم والحنِق، أن المرأة لا تستطيع تسمية مولودها، فالنظام يراها مُجرد وعاء للحمل والإنجاب، أما الأوراق الرسمية بما فيها اختيار اسم المولود فهي ممنوعة بحكم الأنظمة والقوانين التي تخول «الذكر» سواء الأب أو أي من أقاربه، أو أقارب الأم ممن تزيد أعمارهم عن 17 عامًا ويعيشون معها في نفس المنزل.

بحثت في هذا النظام الذي لم يلتفت له الإعلام المناصر للمرأة، بعد أن هاتفتني سيدة أنجبت قبل أقل من عام طفلاً مريضاً يخضع للعلاج في أحد المستشفيات ونظرًا لوجود خلاف بينها وبين والده فهو لم يحضر لتسميته، ولا لاستخراج أوراق تثبت وجود هذا الطفل في هذه الحياة، ولأنها امرأة والنظام ضدها فلا يُمكنها تسمية الطفل، والمستشفى الذي يعالجه يشترط أن يكون له اسمًا، ولا أعترض على نظام المستشفى فبالتأكيد كيف سيقوم بعلاج إنسان بلا هوية وبلا حتى اسم؟!

بل ومما يثير العجب والعُجاب أيضًا، أن عمدة الحي وشيخ القبيلة يمنحهما النظام الحق في تسمية المولود إن لم يتوفر حضور والده أو الأقارب الذكور من الدرجة الأولى، بينما الأم التي تحمل وتلد وتسهر الليالي وتكابد حياتها لأجل الطفل إلى أن يكبر، وتكابد بعد أن يكبر وينضج ويتزوج، ثم تكابد أولاده وحياته ونجاحاته وإخفاقاته، فإن النظام لا يمنحها صلاحية تسمية هذا الذي تكابده إلى أن تموت، فهو يراها ناقصة أهلية لذا فإن أي «ذكر» في العائلة هو أولى وأحق منها في تسمية المولود والتبليغ عن ولادته واستخراج أوراقه الثبوتية!

لا يمكن الصمت حيال هذه الأنظمة التي تنتقص من أهلية المرأة، وقد وصلت إلى منصب وزيرة وعضوة صاحبة قرار في مجلس الشورى، وفي الوقت ذاته هي لا تمتلك قرار تسمية مولودها لأنها «امرأة».. هذه الأنظمة إن كانت سارية في مرحلة سابقة فلن تُقبل في هذه المرحلة التي عمّ فيها الوعي الحقوقي، وبدأنا نرى الفتيات من سن صغير وهنّ يتضجرن جراء حقوقهن المفقودة، وبدأن يكتبن في مواقع التواصل الاجتماعي ولهن ظهور إعلامي يندد بما يفتقدنه من حقوق، بل إننا كل عام نستقبل خريجات من الجامعات حقوقيات وقانونيات لديهنّ الوعي ويمتلكن الأدوات العلمية والشرعية القادرة على الرد على هذه الأنظمة التي لا يمكن أن نتعايش معها في هذه المرحلة ولا المراحل المقبلة.

إن التعامل المنقوص مع أهلية المرأة بعيد كل البعد عن التشريع الإسلامي الذي ساواها ومنحها شخصيتها القانونية المستقلة، بل إن من يرى بعض الأنظمة التي تنتقص من أهلية المرأة في وقتنا الحالي، ثم يعود إلى التاريخ يجد أن هذا الوضع لا يختلف كثيرًا عن القوانين الرومانية واليونانية البعيدة التي كانت تُرى المرأة كائناً منقوصاً بلا أهلية، ولا يتغير الوضع عن حال فرنسا قبل الثورة أيام حكم الكنيسة عندما دار أبان تلك الفترة الجدل حول إنسانية المرأة والنظر إليها كإنسان مخلوق لخدمة الرجل..! لذا فإن نقد هذه الأنظمة هو مجرد محاولة «شخصية» ليكون تاريخنا المعاصر مطابق للشريعة الإسلامية التي أكدت بأننا جميعًا خُلقنا من نفسٍ واحدة.

www.salmogren.net

مقالات أخرى للكاتب