Saturday 21/06/2014 Issue 15241 السبت 23 شعبان 1435 العدد
21-06-2014

ماذا يمكن أن نستفيد من متابعة كأس العالم..؟

o قدم المنتخب المكسيكي مباراة تاريخية أمام نظيره البرازيلي مستضيف المونديال وسط دعم مهول من قبل أكثر من ستين ألف مناصر برازيلي في إستاد بلاسيدو أديرالدو كاستيلو، ووقف المنتخب المكسيكي وقفة الند للند أمام «السليساو».. بل إنه تسيد بعض فترات المباراة.. وسيطر لاعبيه على الكرة بين أقدامهم لمحاولة بناء هجمات يهددون بها مرمى الحارس البرازيلي خوليو سيزار، وكادت المكسيك أن تنجح في هز الشباك. إضافة لذلك.

ومن جانب آخر تألق الحارس المكسيكي (القصير) جوليرمو أوتشوا في الذود عن مرماه وصد كرات خطره لم يسبق لنا أن رأينا لها مثيل -في مباراة واحدة- في بطولات كأس العالم.. ووقف سداً منيعاً أمام السيل الجارف الذي أطلقه نيمار ورفاقه بغية الظفر بالنقاط الثلاث، والسؤال الذي يتبادر إلى الأذهان (وسط متابعتنا الدقيقة للمونديال) ماذا يمكن أن نستفيد مما شاهدناه؟.. وهل بالإمكان ملاحظة بعض النقاط الجوهرية التي من شأنها أن تصلح بعض السلبيات الموجودة في «كُرتنا الغائبة» عن المسابقة العالمية؟.

o كمتابع وناقد رياضي للحدث الكبير.. أعجبني كل ما قدمه المنتخب المكسيكي في المونديال. بداية من فوزه المستحق على الكاميرون ومروراً بتعادله السلبي مع منتخب السامبا، وما أثار الإعجاب ولفت الانتباه بالفعل.. هو تفوق لاعبي المنتخب المكسيكي على الضعف الواضح في بنيتهم الجسدية والوقوف في ميدان المباراة بقلوب جبارة وتدخلات والتحامات قوية، وارتقاءات عالية مكنتهم من مقارعة المنتخب الإفريقي (الكاميرون) والتفوق عليه بسهولة.. ومكنتهم أيضاً من الوقوف أمام المنتخب البرازيلي وقهر عزيمته أمام أنصاره. فما الذي فعلته المكسيك حتى تصل لما وصلت إليه؟ وكيف لنا أن نتفوق على الضعف الواضح والحاد في بنية أجسام «لاعبينا»؟.

o من الصعب مقارنة اللاعب المكسيكي باللاعب السعودي وسط فارق الخبرة والثقافة والإمكانيات التي تتمتع بها المكسيك على مستوى إتحاد اللعبة ومسؤولية، وعلى مستوى الأندية ولاعبيها، وكذلك على مستوى المسابقات المحلية والقارية وكذلك البيئة الإعلامية. فالمكسيك تتفوق في العديد من النواحي دون أدنى شك، ولكن كيف تمكنت المكسيك من تطوير وتحسين أداء لاعبيها على مستوى الأندية والمنتخبات؟.

o العديد من التساؤولات التي تدور في خلد المتابع الكروي للمنتخب المكسيكي في المونديال العالمي، وللإجابة على بعضها قمت بجراء بحث سريع في تاريخ الكرة المكسيكية التي بدأت أول دوري كرة قدم محترف لها في عام 1943م بمشاركة عشرة فرق فقط، وتم تطوير وتحسين بطولة الدوري وتغيير أنظمته مروراً بعدة مراحل حتى استقر به الحال ليصبح دوري موحد بعد أن كان مقسماً لثلاث مجموعات في عام 2011م، ويتنافس 18 فريقاً في بطولة الدوري المكسيكي المحترف حيث تم زيادة عدد الأندية بهدف زيادة الزخم الكروي في المسابقة ورفع معدل عدد المباريات التي يؤديها اللاعب المكسيكي في الموسم الواحد للارتقاء به ليقترب من عدد المباريات التي يخوضها اللاعبون في بقية الدول المنافسة؛ بالإضافة للفائدة التي سيجنيها المنتخب المكسيكي حيث إن الخيارات ستكون أوسع وأفضل من خلال اختيار لاعبيه من بين صفوف 18 نادياً بدلاً من 10 أندية كما كان عليه الحال في البداية.

o واجهت المكسيك مشكلة في احتراف لاعبيها خارجياً، وخاصة في البطولات الأوروبية الكبيرة. إلا أنها وجدت الحل في رفع مكافئات الفوز ببطولات الفئات السنية مما دفع الأندية للاهتمام والتركيز بصورة مضاعفة لتجهيز لاعبيها الصغار لحصد البطولات والفوز بالمكافئات «المالية» التي من شأنها أن تدعم خزينة النادي، وبالتالي تمكن المنتخب المكسيكي بفئتي الناشئين والشباب من البروز والسطوع في سماء الكرة العالمية.. وتم ذلك بالفعل بعد أن تحقق الفوز بكأس العالم للناشئين مرتين (أعوام 2005 و 2011).

o التألق على الساحة العالمية لمنتخبات الفئات السنية هو بوابة الاحتراف الحقيقة التي يمكن من خلالها النجاح في وصول اللاعبين المحليين للاحتراف في أقوى الأندية الأوروبية، وهو الأمر الذي نجحت به المكسيك بعد أن تألق أكثر من لاعب في بطولات كأس العالم للناشئين ليجد فرصته في الاحتراف الخارجي «الحقيقي».

o للتذكير.. تألق منتخبنا السعودي في بطولة كأس العالم للناشئين والفوز بلقبها عام 1989م تبعه نشأة جيل ذهبي تمكن من التأهل لأول مرة لكأس العالم عام 1994م والتأهل للأدوار النهائية في مجموعة ضمت بلجيكا وهولندا والمغرب، وجميعهم «آنذاك» سبقونا في عالم كرة القدم وتفوقوا علينا في عامل الاحتراف الخارجي إلا أننا نجحنا في مقارعتهم والتفوق في فرض اسم وطننا عالياً في سماء كأس العالم.

o الاهتمام بالفئات السنية هو الطريق الأمثل لتحقيق النجاحات والاهتمام موجود بشكل جزئي من قبل إتحاد اللعبة إلا أنه مفقود من قبل الأندية.. وعلينا أن نتذكر أن الأندية هي من يجهز اللاعب للمنتخب وليس العكس، وأعتقد أن تخصيص مكافئات مالية ضخمة كمكافئات للأندية الفائزة بالبطولات «السنية».. من شأنه أن يدفع الأندية للاهتمام الفعلي بالتعاقد مع أجهزة فنيه مميزة وإقامة معسكرات تهدف إلى تطوير وتحسين ورفع مستويات اللاعبين الصغار والارتقاء بهم فنياً وبدنياً وذهنياً بصورة تضاهي ما تقوم به الدول المتقدمة في اللعبة.. ليخدموا شعار الوطن بصورة مشرفة في المحافل الدولية.

تويتر: @KHALED_AL_T

مقالات أخرى للكاتب