Sunday 22/06/2014 Issue 15242 الأحد 24 شعبان 1435 العدد
22-06-2014

داعش تعري القاعدة

القاعدة ليست بحاجة إلى من يعريها، لأنها منذ نشأتها وهي تبدو عارية متعرية، مسخ كريه، متجردة من كل ما يمت للبشرية وللإنساية بصلة، فهي عارية أخلاقياً، خارجة قانونياً، ناشزة تماماً عن هدي الإسلام وقيمه، وعن كل القيم البشرية التي يتحلى بها أبسط بني البشر تكويناً والتزاماً، وعن المفاهيم الإنسانية المستقيمة مع الحق والمنطق، إنها شجرة خبيثة، ونبتة سوء أحرقت كل من استظل تحت أغصانها الشيطانية الماكرة الحاقدة. انطلقت القاعدة مثل الشيطان الرجيم، مدفوعة مدعومة معتمدة على مكونين رئيسين خطيرين، المكون الأول له طابع وسمة دينية، وهذا الطابع كثير المتحمسون له، وبالتالي يسهل استمالة الأتباع له، والمكون الثاني له طابع وسمة نفسية، يخص قادة القاعدة أنفسهم، أخرجهم من دائرة السواء النفسي إلى دائرة الإضطراب، بل أحياناً إلى دائرة المرض النفسي عند جلهم، وعند فئة منهم مرض عقلي مزمن. المكون الديني سمة بدت على قيادات القاعدة: بدت عليهم في قولهم المتشدق بالآيات القرآنية الكريمة والاستشهاد بها أثار النفوس عاطفياً، وبالتالي حشد الأتباع، وعضدوا الآيات بالأحاديث النبوية الشريفة لتعزيز المواقف، و مداعبة القلوب واستمالتها، ولهذا المكون أثر السحر على النفوس وحشدها، وهذا أمر بدهي متوقع، لأن المجتمعات المسلمة في جملتها متدينة بطبعها، يسهل تأثر وانقيادها لقول لله تعالى، ولهدي نبيه صلى الله عليه وسلم، وهذا المدخل الرئيس الذي استغله شياطين القاعدة في استمالة الشباب المتقد عاطفياً، الخاوي فكرياً، الخواء الفكري يعد نقطة الضعف الرئيسة في الشباب، فليس لديهم فكر شرعي أصيل، ولا معرفة سياسية بطبيعة الصراعات وإدارتها، فهذه وتلك لو توافرت لديهم لهدتهم وساعدتهم على معرفة الحق من الباطل، ولكن لخلو هذه المعطيات في أذهانهم، سهل هرولتهم مثل الفراشات العمي إلى النار التي تدفعهم القاعدة إليها دون رحمة أو شفقة. وبدا المكون الديني في مظهر قادة القاعدة، المتدثر بإطالة شعر اللحى، وتقصير الثياب، وهي من السنن الكريمة التي يحرص المسلم على تطبيقها والمحافظة عليها في مظهره العام، وهذا مما ساعد على الاقتناع والأتباع - دون وعي - وبأعداد غفيرة ومازالوا للأسف يتدافعون وراء أي شخص يتسم بأي من هاتين السمتين، انقياد عاطفي أعمى، متجرد من إعمال العقل وتحكيمه في تقييم الأعمال والحكم عليها قبولاً أو رفضاً.

المكون الثاني ذو سمة وطابع نفسي: خاص بمن نصبوا أنفسهم قادة لتنظيم القاعدة، هؤلاء يعانون من أزمات نفسية ترسخت في وجداناتهم مما عانوه - حسب قولهم - في سجون حكومات بلدانهم، من صنوف تعذيب وقهر تقشعر منه الأبدان، خرجوا من السجون وهم يحملون على أكتافهم هذه العذابات، وكان من أصول البناء الفكري لتنظيم القاعدة رد الاعتبار للمعاناة التي كابدها قادتها في السجون، واستطاع هؤلاء القادة الحانقون الغاضبون تمرير الممارسات العملية التدميرية لفكر القاعدة لأتباعهم، الأتباع الذين هرولوا بدافع الشحنات العاطفية العمياء، هرولوا بدافع الغيرة على الدين ونصرته، ومحاربة أعدائه الذين احتلوا ديار المسلمين. انطلت على هؤلاء المهرولين مسحة التدين الظاهرة على قادة القاعدة، وما تخفي خلفها من عقد نفسية مرضية، لا ريب أن مسحة التدين لعبت دوراً رئيساً في استهواء المهرولين والاستحواذ عليهم، وجاء دور الحالة النفسية المرضية في الهيمنة وسلب الإرادة، وفي التسخير والاستعباد، ومن الدلائل المعروفة، أن عمليات القاعدة الإرهابية موجهة كلها ضد المسلمين السنة، وجاء اعتراف «داعش» بأن من مسلمات القاعدة الملتزم بها، ألا تمس إيران ولا أتباعها بسوء، وهذا ما يشهد به الواقع حيث لم يثبت أن قامت القاعدة بأي عملية ضد تواجد إيران في العراق أو سوريا. فهل استيقظتم أيها المهرولون وراء سراب جهاد القاعدة؟ إنه إرهاب، وليس جهاداً.

abalmoaili@gmail.com

مقالات أخرى للكاتب