Monday 23/06/2014 Issue 15243 الأثنين 25 شعبان 1435 العدد
23-06-2014

الإرهاب المروري

من أوضح الإنجازات في وطننا العزيز ما تَحقَّق في ميدان الطرق البَرِّية؛ وبخاصة من حيث اتِّساعها. وهذا أمر نحمد الله عليه، الذي لا تُعَد نِعمُه ولا تُحصَى،

كما يُشكَر من وَفَّقهم - سبحانه - على إنجازه. على أن واقع المرور في هذا الوطن من أسوء ما يكون. فقد امتاز وطننا - مع الأسف الشديد - بكثرة حوادثه المُفجعة المُؤدِّية إلى الوفاة أو الشلل والمصائب الأخرى. وكنت قد كتبت مقالة قبل تسع سنوات بعنوان: «والإرهاب أنواع». ومما ذكرته في تلك المقالة تعريف الإرهاب من الناحية اللُّغوية، وتَطوُّر معنى الكلمة مع تَغيُّر الحوادث ومرور الزمن ونظرة المجتمعات. ومما قلته في تلك المقالة: إن من أنواع الإرهاب ما يمارسه أفراد من المجتمع؛ سواء كان ذلك عن قصد أو نتيجة عدم إدراك لأبعاد تلك الممارسة الفَتَّاكة. وفي طليعتها الإرهاب المروري، الذي أصبح واضح المعالم في مجتمعنا. ولا غرابة أن بات خطره هاجس الكثيرين. ومن أَدلَّة إدراك هؤلاء ذلك الخطر أن نشرت مجلة اليمامة الغَرَّاء مقالتين تَتَحدَّثان عن هذا الموضوع. المقالة الأولى بقلم الأستاذ الكريم علي بن سليمان العلولا بعنوان: «الإرهاب المروري من يُوقِفه؟. ومما ورد في مقالته قوله: إن لدينا فوضى مرورية شاملة. فالمخالفات المرورية كتجاوز الإشارات الحمراء وعدم الالتزام بالمسارات والسرعة الجنونية والقيادة المتهوِّرة والوقوف الخاطئ وعكس اتِّجاه السير واعتبار أرصفة المشاة مسارات إضافية وقت اللُّزوم والقفز من طريق الخدمة إلى الطريق الرئيس من فوق الأرصفة .. تَتمُّ جميعاً أمام بصر منسوبي المرور وبقية الجهات الأمنية دون أن يُحرِّكوا ساكناً لرصدها ومعاقبة مرتكبيها».

وما ذكره الأستاذ العلولا واضح كل الوضوح. وأضفت إليه قولي: إن هناك استهتاراً عظيماً من قِبَل بعض المتهورين بالناس وبالمسؤولين على حَدٍّ سواء. فقد يكون المرء سائراً بسيارته وفق ما هو نظامي من حيث السرعة، لكنه يفاجأ بسائق سيارة خلفه لم يجعل بينه وبين سيارته أكثر من متر واحد محاولاً إجباره على أن يخلي الطريق له مع أنه يرى أن هذا المُفاجَأ لا يستطيع الهروب يميناً أو يساراً لأن المسارين عن يمينه ويساره مزدحمان بالسيارات بحيث يستحيل عليه أن يخرج إلى أَيٍّ منهما. ولا شك أن في تَصرُّف ذلك المضايق المُلحِّ على إجبار من هو أمامه على أن يترك له الطريق إرهاب واضح.

أما مقالة الأستاذ العسافي، التي صَوَّرها الأستاذ السعيد، فعنوانها: «شباب يمتهنون القتل بالسيارات». ومما ورد فيها: «إن بعض الشباب يقومون بتغيير ميكانيكي في نظام سرعة السيارات بحيث يزيد في هذه السرعة. ومن المعلوم أنه يترتَّب على ذلك أخطار فادحة يكون أكثر ضحاياها من الأبرياء».

ومن كتابتي تلك المقالة قبل تسع سنوات أرى أن واقع المرور في وطننا لم يَتحسَّن، بل ازداد سوءاً. لقد كثر عدم استخدام السائق للإشارة إن كان سيتَّجه يميناً أو شمالاً. وفي أحيان قليلة يُعطي إشارةً على أنه سَيتَّجه يَميناً، فَيفاجأ مَنْ خَلفه أنه اتَّجه يساراً. وكثر جدّاً الانتقال من مسار إلى آخر بشكل فوضوي. ومن أسباب ذلك استخدام السائق للهاتف الجوال، الذي لم يقتصر استخدامه على تَلقِّي المكالمة بوساطته؛ بل إن كثيراً من الشباب بالذات أصبحوا يكتبون رسائل به وهم يسوقون. صحيح أن نظام المرور يمنع ذلك رسميّاً. لكن ما نسبة احترام النظام في بلادنا؟

لقد تَحدَّث عن المرور كثيرون. وكثير ممن تَحدَّثوا عنه ذكروا أن أسباب سوئه عدم الوعي. ومن ثَمَّ لا بد من تثقيف المجتمع لغرس الوعي في نفوس أفراده. وهذا أمر طيب ومُهمّ. لكن هل الذين يرتكبون تلك الأخطاء في المرور مشكلتهم عدم التثقيف والوعي؟ المُتأمِّل يرى أن المواطنين؛ وبخاصة الشباب، يعون ما يقومون به، لكنهم يستهترون بالأنظمة لأنهم لم يروا إجراءات حازمة رادعة. والدليل على ذلك أن الواحد منهم إذا خرج من المملكة إلى دول الجوار الحازمة بتطبيق النظام على الجميع راعى النظام واحترمه. فهو لا يرتكب في البحرين أو دولة الإمارات العربية المتحدة أو عُمان مثلاً ما يرتكبه في وطننا.

في نظام المرور يجب استخدام السائق لحزام الأمان. وهذا أمر طيب، لكنه ليس في الأَهمِّية - في نظري - مثل استخدام السائق للهاتف الجوال؛ وبخاصة كتابة رسائل به. متى يَتحقَّق أملنا في تطبيق نظام المرور لنتفادى كثيراً من أخطائه.

مقالات أخرى للكاتب