Saturday 28/06/2014 Issue 15248 السبت 30 شعبان 1435 العدد
28-06-2014

الإرهابيون شرذمة قليلة مرفوضة!

أثار حادث الروشة في بيروت لغطاً كبيراً في وسائل الإعلام المعتدلة والمغرضة، بعد أن ورد اسم شاب سعودي انتحر بتفجير قنبلة في نفسه بالغرفة التي يقطنها بالفندق.

وسواء تأكد اسم الشاب أو لم يتأكد بعد، وسواء ثبت أن معه أيضاً رفقة آخرين من أبنائنا أو لم يتأكد، فقد أثار الحادث في النفوس قدراً كبيراً من الأسى والحزن والقلق معاً على مبلغ ما وصل إليه بعض شبابنا من سوء بصيرة وضياع هوية وارتماء أعمى في أُتون فكر دموي كاره للحياة وللأحياء.

ونحن نعلم أن شبابنا ليسوا هم الوحيدين الذين يُرمى بهم في أُتون هذا الفكر الأحمق الأعمى، ويزج بهم في لهيب حرائقه في كل مكان، وهم أيضا ليسوا الوحيدين الذين يُضحى بهم في مواطن الفتن والصراعات لتحقيق مآرب ومكاسب خفية ومعلنة أو للانتقام من أنظمة ودول، بإثارة الفوضى وعدم الاستقرار إن لم يصلوا إلى الهدف البعيد بتقويض الأنظمة وهدم الدول وإقامة بنيان «الدولة الإسلامية» التي تُؤسس على الدم والذبح والكراهية والعداء المطلق مع الكون والحياة والثقافات والحضارات والطوائف والأديان.

هذا النفر القليل المخدوع من شبابنا المحتقن والمحقون والمقذوف به في كل موضع احتراب وأزمة من أفغانستان إلى الشيشان إلى الصومال إلى سوريا إلى العراق، ليسوا وحدهم من ابتلي بغسيل المخ وتشويه غايات الدين ومراميه النبيلة السامية في أذهانهم، بل هي أزمة عربية إسلامية، فقد اشتغل أساطين الفكر التكفيري ومشرعوه على تأسيس خلايا القتل في كل دولة من عالمنا، ففي ساحات الذبح اليوم الجزائري والمغربي والتونسي والليبي واليمني والسعودي والمصري والعراقي والسوري وغيرهم، بل فيها أيضاً من تنكّر لمعاني التّمدن وقيم الحضارة الحديثة وتقدُّمها العلمي والتقني وترك وراءه حياة مستقرة في دول عالمية كبرى كأمريكا وبريطانيا وفرنسا وكندا وغيرها، ممن ينتمون إلى أصول عربية أو إسلامية أو ممن أسلموا حديثاً ولبس عليهم دعاة التكفير والإرهاب وقلبوا حياتهم رأساً على عقب، بل إن الأدهى والأمر أن ينضوي تحت لواء دعوات التكفير شابات يافعات في مقتبل العمر يتم استقطابهن إلى الفكر المريض عن طريق وسائط التواصل الاجتماعي، فيهجرن أهاليهن ويتسللن خلسة بدواعي مختلفة إلى مواطن الصراع ويُزوجن بدون إذن آبائهن وأمهاتهن من «المجاهدين» حتى إذا قُتل أحدهم يستبدل بآخر وهكذا دواليك تتناقل الفتاة الأيدي في ساحة مضطربة لا حقوق فيها ولا قانون سوى ما تفرضه الحروب والاضطرابات من مشاعر القسوة والاستغلال وإباحة المحرمات في الدماء والأعراض والأموال تحت راية الجهاد المُدّعى.

لقد صوَّرت بعض سائل الإعلام المغرضة والمتصيدة والباحثة عن أسباب للتّشفي وللتّقول من اسم الشاب السعودي في خلية الروشة، وقبل ذلك من عمليات سابقة كان فيها سعوديون في اليمن أو العراق أو الشام بأن المجتمع السعودي يؤمن أو يؤيد أو يدعم تصرفات ذلك النفر الضئيل من الشباب المحتقن المتهور المختطف، وهذا والله محض افتراء على شعب يقرب تعداده من ثلاثين مليوناً، ويشذ منه ألف أو ألفان أو حتى عشرة آلاف ممن زيّن لهم الشيطان سوء أفعالهم ورؤوا الحق باطلاً والباطل حقاً، واستحلوا المحرمات بإراقة الدماء المعصومة، وخرجوا على ولي الأمر برفع راية حرب أو جهاد - كما يزعمون - لم يُؤذن لهم برفعها، ولا يملكون الحق في شق عصا الطاعة والخروج على إجماع أهل الرأي والعلم والمشورة من العلماء والحكماء وقادة الرأي والراسخين في العلم وفي التجربة واستيعاب المستجدات والنظر في الحادثات وما تجره من ويلات وما تدفع به مصائبها من أسباب وقاية وتحوُّط وقوة.

هؤلاء جهلاء أغرار حديثو أسنان ضعفاء تجربة يُقادون إلى المهالك والمزالق ويُدفع بهم دفعاً إلى المحارق وهم يرفعون أصوات التكبير والتهليل على سفك دماء المسلمين وإشاعة الذعر واليتم والفقر والتشريد في كل أرض حلّوها أو وطئتها أقدامهم، وحين يتلفتون خلفهم ناظرين إلى انتصاراتهم المتوهمة لا يجدون إلا خراباً ودماراً ودماء وأشلاء باسم «الدولة الإسلامية» المتوهمة تحت صيحات الذبح ورائحة الدم.

moh.alowain@gmail.com

mALowein@

مقالات أخرى للكاتب