Tuesday 01/07/2014 Issue 15251 الثلاثاء 03 رمضان 1435 العدد
01-07-2014

أمن الخليج

o أمن الخليج لن يقوم ولن يستقر إلا بجهود أبنائه وبسواعدهم وتكاتفهم مع قياداتهم السياسية بالدرجة الأولى، ولم تشهد دول (الخليج العربي) على امتداد تاريخها استقراراً سياسياً، ونهضة تنموية، وقوة اقتصادية وعسكرية ضاربة كتلك التي تحققت خلال هذا القرن الذي عشناه ونعيشه.

o نخطيْ في التقدير إن نحن اعتقدنا أن الآخرين، وبالذات دول العالم الغربي حريصة على أمن المنطقة كحرص أبنائها على موارد ومكتسبات وثروات الوطن، ونخطئ أكثر إن توهمنا على حرصهم على نشر الديمقراطية والاستقرار السياسي كحرصنا واهتمامنا، أو أن بيدهم مفاتيح الحريات للشعوب، وبواسطتهم ستتحقق السعادة المزعومة، التي لم يستطيعوا جلبها كاملة لشعوبهم.

o بعودة القارئ الفاحص إلى تاريخ المنطقة، وبالذات في بلاد الشام والعراق (أواخر القرن الثامن عشر للميلاد) ستتغير نظرته وتحليله، واستقراؤه الخاطئ لمواقف بعض الدول، ويأب التاريخ إلا أن يعيد نفسه، لكن بشخصيات ووجوه وآليات غير تلك الوجوه، وغير تلك الأدوات والأليات.

o الغرب وخلال هذا القرن يصنع الحدث ويستثمره كما يجب أن يكون الاستثمار لمصالحه، مستفيداً من تجربته الكبرى، ومن نكباته في الحربين العالميتين، الأولى، والثانية، والعوامل التي مهدت لها.

o استغرب كثيراً حينما يتناقل البعض، ويحدوه الأمل بتصريحات تنقل من هنا وهناك إلى مسؤولين غربيين أن (أمن الخليج) بالنسبة لهم خط أحمر، أو أنهم ملتزمون كل الالتزام بالدفاع عنه، إذ قد تزرع مثل هذه التصريحات الاتكالية والتخدير لشعوب المنطقة، هذه التصريحات نسمعها من بعضهم في دول الخليج العربي، ونسمعها منهم في زياراتهم واجتماعاتهم مع من يمكن تصنيفهم بأعداء المنطقة بالنسبة لنا، وبالتالي فهي لغة سياسية يروجونها في أكثر من قطر، ولا يمكن الاطمئنان والثقة المطلقة مع من سيكون الالتزام، ولا الصورة المستقبلية لهذه المنطقة، التي أصبحت تتغير فيها المواقف وتتبدل بين عشية وضحاها.

o لا خوف على مصالح الغرب في المنطقة، ومن الخطأ توهم خوفهم على مصالحهم، ومؤازرتهم للشعوب انطلاقاً من هذا الهدف،كم هي تلك الوقائع والأحداث مرت في المنطقة ولم تتأثر مصالحهم، إن لم تصبح مواقعها الحيوية أكثر أمنا.،وهم يعرفون كيف ينأون بمصادر الثروة والطاقة عن معترك الأحداث. إذن أي قوة، وأيّ بلد يستمد قوته، أو يعتمد اعتماداً كلياً، أو يتوقع من الآخرين سعيهم نحو الاستقرار والازدهار لبلدهم فقد تكون بعض حساباتهم في غير محلها، لكن هذا لا يعني بأي حال من الأحوال إقفال نافذة الحوار السياسي مع الآخرين، أو الاستفادة مما لديهم من إمكانات قد تعين الدول، أو الشعوب في استقرارها.

o ولذلك لم تطرح المملكة العربية السعودية خلال السنوات الثلاث الأخيرة مشروع (اتحاد الخليج العربي) عبثا، ولم يكن نابعاً من فراغ، بل مبني على استقراء عميق للواقع، وما قد يكون عليه الحاضر والمستقبل، حيث دعت شعوب المنطقة، وصناع القرار فيها إلى تأمل الأحداث المحيطة والأخطار المحدقة، مستلهمة في ذلك المشروع نجاح دول أخرى أدى التحالف فيما بينها إلى وجود قوة اقتصادية وسياسية، بل عسكرية لها ثقلها على مستوى مؤسسات الأمم المتحدة، ولها أثرها في اتخاذ القرار بمجلس الأمن.

(من التراث)

كان (لقيط بن يعمر) من قبيلة (لإياد) قد تناهى إلى سمعه، وحينما كان عاملا في (ديوان كسرى) استعداد الفرس لغزو قبيلته في بلدهم (العراق)، في وقت مزقت الخلافات بني جلدته، وساد الشقاق والنزاع بينهم، ودبت عوامل الفرقة في وسطهم، فبعث لهم هذه القصيدة، يحذرهم من سؤ المصير الذي ينتظرهم:

يا قوم أن لكم من إرث أولكم

مجدا أحاذر أن يفنى وينقطعا

صونوا خيولكم، واجلوا سيوفكم

وجددوا للقسي النبل والشرعا

ما ذا يرد عليكم عز أولكم

إن ضاع آخره، أو ذلّ واتضعا

لقد بذلت لكم نصحي بلا دخل

فاستيقظوا إن خير القول مانفعا

dr_alawees.m@gmail.com

مقالات أخرى للكاتب