Thursday 03/07/2014 Issue 15253 الخميس 05 رمضان 1435 العدد
03-07-2014

دهشة الاستيقاظ في العراق بعد زمن الاسترخاء

ما كشفه أثيل النجيفي محافظ نينوى، وما قدمه العديد من التجار في مدينة الموصل عن تفشي الفساد وانتشار الرشوة بين ضباط جيش المالكي، والذي أدى إلى إقامة دولة داخل دولة في نينوى، والذي أدى في النهاية إلى سهولة الاستيلاء على الموصل، لأن جميع ضباط جيش المالكي سواء في الفرقة العسكرية الثانية أو جهاز الاستخبارات أو قوة نينوى والشرطة الاتحادية، جميعهم لهم علاقات مشبوهة غارقة في الفساد مع قيادات داعش التي استطاعت شراء ذمم هؤلاء القادة، وأقامت تجارة خاصة بها عمادها نقل وتوزيع المحروقات وصهاريج النفط، ومن ريع هذه التجارة كانت قيادات داعش تصرف على الضباط الفاسدين الذين مكنوا هذا التنظيم من فرض سيطرته على مفاصل العمل في المحافظة إلى حد فرضهم (ضرائب) على التجار يذهب عائدها إلى خزينة داعش لتمويل أعمال التنظيم ولشراء سكوت الضباط، حتى أصبحت محافظة نينوى خاضعة فعلياً إلى حكم طرفين، تنظيم داعش الذي لم يكن ظاهراً إلا أنه واضح لأهالي الموصل، ومجلس المحافظة والإدارة المحلية، إلا أنهم لا يستطيعون مواجهة تسلط داعش لتواطؤ القوة العسكرية من الجيش والشرطة والمخابرات المرتبطة بنوري المالكي، وهكذا عندما ينعت الثمرة وحال الفساد وتبلد ضمير ضباط نوري المالكي وقوته العسكرية التي كانت القوة الحاكمة الثانية إلى جانب داعش تعاون التنظيم مع ثوار العشائر والكتائب المسلحة الأخرى. ولأن الإفراط في الاسترخاء لابد أن ينتهي بدهشة الإيقاظ، فقد استيقظ أهل الموصل وجميع أبناء محافظة نينوى والرعب وليس الدهشة وحدها التي واجهوها وهم يشاهدون سقوط المحافظة وكل مدنها بيد ثوار العشائر والكتائب المسلحة وتنظيم داعش، وهروب قادة جيش المالكي وضباطه، وتخلي أفراد الجيش عن أسلحتهم والبعض حتى عن ملابسهم العسكرية.

حتمية انهيار الأمن والإدارة في محافظة نينوى هي الحالة نفسها التي حصلت في محافظة صلاح الدين وديالى وقبلها في محافظة الأنبار، وهو ما ينتظر أن يحصل في المحافظات الأخرى التي وإن لم تحتج إلى اجتياح عسكري للمليشيات، فالمحافظات الجنوبية هي أصلاً تحت إدارة وحكم المليشيات الطائفية والتي يتعامل كبار مسئوليها وقياداتها الأمنية والعسكرية تعاملاً يرتقي إلى مستوى تعامل عصابات المافيا، فبعد ما يسمى بالحكومات المحلية أصبحت المليشيات تسيطر على الأمن والإدارة والمال العام، وكل له نسبته المعروفة والمخصصة من العقود والمناقصات، وحتى عمليات استخراج وتصدير النفط، فإيرادات النفط في العراق أصبحت مباحة لكل من يستطيع فرض إرادته على مناطق استخراج النفط وتصديره، كما أن حكومة المالكي تستعمل هذه الإيرادات لشراء الذمم وكسب الأعوان حتى أن ابن إحدى المرجعيات الكبرى يحصل على نسبة واحد بالمئة من الإيرادات، كما أن الأحزاب الطائفية لها نسبتها المخصصة وفي كل محافظة يسيطر حزب ومليشياته على مفاصل العمل الحكومي والتجاري تستطيع تحديد (دويلة) ذلك الحزب دون مشقة، ولهذا فلا عجب أن تنهار القوات العسكرية والأمنية والتي يرتبط ولاؤها بمقدار ما تكسب من مال، والمصير الذي آلت إليه محافظة نينوى مرشح له كل محافظات العراق التي أصبحت دويلات، ولاؤها للأحزاب والمليشيات الطائفية وليس للوطن.

jaser@al-jazirah.com.sa

مقالات أخرى للكاتب