Sunday 06/07/2014 Issue 15256 الأحد 08 رمضان 1435 العدد
06-07-2014

العلاقة الإستراتيجية بين إيران والجماعات الإرهابية!

ليس لدي شك، بأن دولة إيران تدعم الجماعات السنية المتطرفة، كتنظيمي القاعدة وداعش، والتلاعب بهما عبر احتضانهما، وتمويلهما، وتوفير الملاذ الآمن لهما، إضافة إلى تقديم سائر أنواع الدعم اللوجستي غير المحدود؛ لتنفيذ مخططاتها، وضرب مصالح دول أخرى في المنطقة. وتلك قضية باتت محسومة بأدلتها التفصيلية الكثيرة، ويكفي أن عدداً كبيراً من أعضاء التنظيمين اعترفوا بدور إيران في دعمهم، وتوجيههم.

هذا التحالف الرسمي، رغم الاختلاف العميق في المبادئ، والأيديولوجيات، إلا أن تطابق المصالح، والأهداف، جعل العلاقة بين هذه الأطراف سالكة، فنتج عنها على أرض الواقع، تفريغ مناطق أهل السنة من الأمن، وإسقاط القوى الشعبية في سوريا، والعراق، وذلك من خلال تفتيت الجبهات الداخلية على حساب الثورات، وليس أنظمة الحكم. وهذا ما يؤكد أن زمام الأمور على الأرض في العراق، وسوريا، هي بيد إيران، والتي لا تريد إنهاء الصراع، بل العمل على إدارته بما يخدم المخطط الإيراني.

إن الأحداث تجري على خط زلزال واحد، ومع تطور الوضع، فقد أصبحت الاتهامات تحاصر إيران من مختلف الجبهات، عن طريق تقديم الدعم اللوجستي من تجنيد، وتدريب، يصل إلى إقامة معسكرات، تعمل على تنفيذ هذه الإستراتيجية. وقد ذكر تقرير مجلة «فورين بوليسي»، بأن تنظيم داعش، يمثل جزءاً من القصة في العراق - اليوم - وليس كل الحقيقة، مشيراً إلى أن إيران لا تختلف عن نظام بشار الأسد في دمشق، فكلاهما يحاول أن يجعل المشكلة الحقيقية تتمثل في السعودية، والدول الخليجية الأخرى، ويصفها بأنها مصدر الإرهاب في المنطقة، وبالتالي أن تصبح إيران هي الحليف الطبيعي للولايات المتحدة في القضاء على الإرهاب، وتابع: «هذا ليس سوى تزييف للحقيقة، الصحيح أن إيران هي التي احتضنت الجماعات الجهادية، فضلاً عن تأجيج الطائفية لسنوات في العراق، والمنطقة؛ بهدف السيطرة على الشرق الأوسط بعد أعقاب الغزو الأمريكي للعراق 2003 م» .

من جانب آخر، قال الباحث في قضايا الشرق الأدنى والأوسط (برنارد هايكل): «إن الهيمنة الإيرانية في العراق بدأت مع صعود رئيس الوزراء نوري المالكي، الذي أدار البلاد بطريقة طائفية عمياء، واستخدم الاستبداد الممنهج ضد السنة (المنافسين له) وكشف الغطاء عن وجه إيران الحقيقي في سوريا، حيث دعمت نظام الأسد ضد مواطنيه، ناهيك عن حشد طهران للموارد المالية، والإيديولوجية، والعسكرية الكبيرة للقتال بجانب الأسد»، وخلص إلى النتيجة النهائية، بقوله: «النتيجة الملموسة، والأثر الذي لا تخطئه العين، أن إيران هي المسئول الأول عن نشوء الحركات المتطرفة في العراق».

ووفقاً للتقرير المعد أعلاه، فإن المفارقة التي ينبغي أن تقرأ - الآن -، وبدقة شديدة، هي أن تشجيع التيار الدولي لداعش، سيصيب أهل السنة في مقتل؛ لأنهم يدركون أن الجهاديين التكفيريين خطر عليهم، وعلى العالم كله، وهم يمثلون تهديداً مباشراً للسنة أنفسهم. ويقول هايكل: لقد أسقطت العديد من الحقائق المهمة، والمهيمنة على المشهد في سرد ما يحدث في العراق اليوم في سياق التحالف الأمريكي الإيراني المحتمل في الحرب على الإرهاب، إلى أن يقول: «يمكن أن نتوقع أن تحارب إيران، وسوريا هذه الجماعات الجهادية؛ خدمة لمصالحها قصيرة الأجل، بينما كانت كل من الدولتين تتبنيان هذه الجماعات الراديكالية - في السابق - ، وهي التي أطلقت سراحها؛ لتحارب القوات الأمريكية في العراق ، فقد أفرغت سجون الأسد - مؤخراً - من كل الجهاديين؛ لمواجهة المعارضة السورية المعتدلة، وهي حيلة محكمة نجحت - حتى الآن - «. وأخيراً، نجد أن إيران، والجيش العراقي، والمليشيات الشيعية، لا تحتاج مساعدة من الولايات المتحدة؛ لخوض الحرب ضد الإرهاب، فما تريده إيران وفقاً لهايكل، هو القضاء على السنة المحرومين في العراق، وهو ما سيؤدي إلى حرب سنية - شيعية كبرى في المنطقة.

بغض النظر عن ضبابية المشهد في العراق، وعن التجاهل الدولي لما يحدث في سوريا، إلا أن الحقيقة المؤكدة، هي أن دول الخليج العربي اكتوت من إرهاب الجماعات التكفيرية، بخلاف طهران التي سلمت من خطر تلك الجماعات؛ لتنادي بعد كل هذه السياسة الإجرامية دول الجوار إلى التعاون في محاربة الإرهاب، والبحث عن شرعية فاعلة لها، وسط الفوضى التي عمت المنطقة. وفي تقديري، أن ذلك عائد إلى طبيعة إستراتيجية تلك الجماعات الإرهابية، والتي تقوم على تحييد إيران كدولة في الصراع، بما يحقق مصالح متناقضة لكلا الطرفين .

drsasq@gmail.com

باحث في السياسة الشرعية

مقالات أخرى للكاتب