Tuesday 15/07/2014 Issue 15265 الثلاثاء 17 رمضان 1435 العدد
15-07-2014

نهاية الإسلام السياسي!

لا توجد صورة أوضح مما يحدث اليوم لندرك فعليا أن بعض المسلمين والعرب مخدرون بالتاريخ، مسلوبو الإرادة في أحلام السير، فهم يبحثون عن المهدي المنتظر وإن اختلفت الصيغ!

ولعلنا لا نحتاج للكثير من التفسير لكشف سر الاحتفاء الدائم بأى عمل إرهابي أو عنيف تتبناه جماعة تطلق على نفسها إسلامية أوجهادية، بحسب فهم أولئك الأشخاص الذين يمارسون كل يوم عمليات انتحارية.

لنبدأ من الحال، حال الانكسار الذي يعاني منه العرب والمسلمون، ووجودهم في ذيل قائمة التنمية البشرية على الكرة الأرضية، وغيابهم التام عن معامل التطوير، ومراكز الأبحاث، وانقطاعهم عن المساهمة في مسيرة البشرية، أو تقديم إنتاج ومنتجات حتى لاستهلاكهم الشخصي، أضف الى ذلك أسباب هذا الانقطاع والمتمثلة في الجهل والأمية، وضعف حاد في التعليم.

ذلك كله من الجفاف المخيف.. والعيش عالة على العالم وفي هوامشه، يجعل هذه الشعوب تبحث عن ضربة واحدة تغير بها واقعها، لتجدها تهلل لأي محاولة صاخبة قد تبعث فيها روح التاريخ، بضربة تختصركل الأحلام، مثل تفجيرات الحادي عشر من سبتمبر، أو قيام خليفة إسلامي نكرة...!

الارتباط العربي والإسلامي بالتاريخ البعيد، دولة الخلافة، الأموية أو العباسية أو مرحلة الاندلس، هو ارتباط قوي ومؤثر، فالصورة المنقولة في كتب التاريخ المدرسية والمنتشرة والمتاحة للعامة، كما الخطاب الديني القصصي البراق، يقدم صورة ناصعة عن تلك المرحلة تجعلنا ننظر للتاريخ الاسلامي والعربي ما بعد عصر النبوة إلى اليوم كنموذج، وكحل تتحرك الأمة من خلاله وعبره وبه، ليبقى النموذج الوحيد الجاهز، والخيار الذي تستحضره خيالات المحبطين.

هذا الخلل الاستراتيجي هو الذي يبقينا مقيدين في ماض وتاريخ رغم أهميته وحقنا بأن نباهي به الأمم الأخرى، إلا أنه من الخطأ أن يرسخ في أذهاننا أنه لن يكون لنا وجود إلا عبر اجتراره واسترجاعه بأي شكل، ومع كل ضربة إرهابية أو عنف جهادي يعتقد المساكين والعامة أن ذلك العصر الناصع -كما صور لهم- اقتربت عودته، وهو وحده الحل.

والحقيقة التى لابد من إقرارها أن لدينا في عالمنا العربي والإسلامي حنينا لذك العصر، تجده عند المثقف والأكاديمي والكاتب والطبيب والطالب، حنين لعصر القوة والانتصارات والفتوحات المثالية، لكن لا يمكن أن يتكرر ذلك العصر بالإرهاب الذي يمارسه بعض منا.

وعلينا أن نتعاطى مع التاريخ وحركته، من خلال الواقع واتجاهاته بأفق أوسع، وردة فعل مختلفة، وبآليات عمل جديدة.

وحينئذ سيمنح فرصة لتوجيه ضربة قاضية للحزبيين الملونين والمتلونين دينيا، وأصحاب الإسلام السياسي برمته، وللمستغلين للصور التاريخية الجميلة لاستدراج المجتمعات نحو عمليات أو تنظيمات جهادية تحت ذريعة وتسويق إعادة التاريخ .. عبر القاعدة وامتداد سيرتها وأحلامها، أو وفق صيغة الخليفة البغدادي النكرة!

@AlsaramiNasser

مقالات أخرى للكاتب