Thursday 17/07/2014 Issue 15267 الخميس 19 رمضان 1435 العدد

معظم المطالبات سببها سوء استعمال الجهات الطبية .. خبراء تأمين لـ«الجزيرة»:

«التأمين الصحي» تتصدر خسائر شركات التأمين لدفعها مبالغ غير مستحقة

تقرير- طلال البطي:

أجمع خبراء تأمين على أن نقاط الضعف التي تواجه مجلس الضمان الصحي تتركّز في ضعف الكوادر الرقابية والإشرافية «بمجلس الضمان الصحي»؛ وذلك يعود لعدم تحديد الأجور الطبية والتقصير في الإشراف على مقدمي الرعاية الصحية من جراء عدم وجود الصلاحيات التنفيذية لتطبيق النظام كون وزارة الصحة الجهة الأولى والمسؤولة عن مقدّمي الرعاية الصحية، مشيرين إلى عدم وجود الكفاءات المؤهلة وذات الخبرة الصحية في المجلس للإشراف على مقدِّمي الخدمات الطبية والتدقيق عليهم، خاصة في حالات الاحتيال، وهذا يتضح من خلال انعدام دور المجلس في محاسبة مقدّمي الخدمات الطبية؛ ما يساعد في تثبيت استغلالهم وتكرار أخطائهم. فيما أظهرت التقارير الإحصائية ضمن دراسة حديثة أن سوء استخدام التأمين الصحي ناتج بنسبة 78% من قبل مقدّمي الخدمات الطبية، في حين أن دور المستفيدين «المؤمّن لهم» يمثّل 19% و3% لأطراف أخرى. وأشارت الدراسة إلى أن معظم المطالبات الطبية ناتجة من سوء الاستعمال من قبل مقدّمي الخدمات الطبية، سواء كانوا أطباء أو مستشفيات أو صيدليات أو مراكز صحية أو تشخيصية.

وهنا أكَّد الخبراء أن أغلب شركات التأمين الحالية بالسوق السعودي تواجه خسائر مالية كبيرة، ويتصدرها قطاع «التأمين الطبي»، من جراء دفعها لفواتير المطالبات الطبية غير الصحيحة، وذلك بالتواطؤ مع مقدّمي الخدمات الطبية في افتعال حالات غير مغطاة تأمينياً؛ ما أدى إلى التحايل على القوانين والأنظمة والاتفاقيات بين شركات التأمين ومقدّمي الخدمات الطبية. كما نصت المادة الخامسة من نظام الضمان الصحي التعاوني على أن يتولى مجلس الضمان الصحي التعاوني الإشراف على تطبيق النظام، وله على وجه الخصوص تحت البند (د) اعتماد المرافق الصحية التي تقدّم خدمات الضمان الصحي التعاوني، وهو ما يُعرف بمقدّمي الخدمات الطبية.

وقال الخبير التأميني سليمان بن معيوف إن أهداف مجلس الضمان الصحي لعام 2014 لا يمكن أن تتحقق بسبب وجود معوقات، تتمثَّل في عدم قدرة مجلس الضمان الصحي التعاوني على تحديد الأجور الطبية والتقصير في الإشراف على مقدّمي الرعاية الصحية، وعدم وجود الصلاحيات التنفيذية لتطبيق النظام كون وزارة الصحة هي الجهة الأولى والمسؤولة عن مقدّمي الرعاية الصحية.

وأضاف ابن معيوف: أبرز المعوقات التي تواجه مجلس الضمان الصحي أنه لا يمتلك الكفاءات المؤهلة وذات الخبرة الصحية للإشراف على مقدّمي الخدمات الطبية والتدقيق عليهم، خاصة في حالات الاحتيال. مؤكداً ضعف دور المجلس في محاسبة مقدّمي الخدمات الطبية؛ ما ساعد في تثبيت استغلالهم وتكرار أخطائهم.

وأشار إلى أن مقدّمي الخدمات الطبية لهم الدور الأكبر في تنامي حالات الاحتيال، فمجلس الضمان الصحي باعتباره جهة تشريعية وإشرافية ورقابية على نظام التأمين التعاوني منوط به العمل على إيجاد الحلول اللازمة والمناسبة والمنصفة لضمان حقوق جميع الأطراف ذات العلاقة، بدءاً بشركات التأمين والمستفيدين «المؤمّن لهم» ومقدّمي الرعاية الصحية.

وأكّد ابن معيوف أن أغلب شركات التأمين الحالية بالسوق السعودي تواجه خسائر مالية كبيرة، وخصوصاً في التأمين الطبي، من جراء دفعها لفواتير المطالبات الطبية. مشيراً إلى أن الدراسات والتقارير تؤكِّد أن معظم المطالبات الطبية ناتجة من سوء الاستعمال من قبل مقدّمي الخدمات الطبية، سواء كانوا أطباء أو مستشفيات أو صيدليات أو مراكز تشخيصية وما شابهها. مبيناً في السياق نفسه أن «المؤمّن لهم» لهم دور رئيسي لتواطئهم مع مقدّمي الخدمات الطبية في افتعال حالات غير مغطاة تأمينياً بالتحايل على القوانين والأنظمة والاتفاقيات بين شركات التأمين ومقدّمي الخدمات الطبية.

وطالب ابن معيوف بتفعيل دور المجلس في تحديد الأجور للخدمات الطبية، ووضع تسعيرة للأدوية من خلال التنسيق مع وزارة الصحة ومقدّمي الخدمة وشركات التأمين. كما أن هناك حاجة ماسة لوضع تشريعات حازمة للإشراف والرقابة الفنية على مقدّمي الخدمات الصحية عبر وزارة الصحة والمجلس، والتركيز على معايير الجودة لدى مقدّمي الخدمات الصحية.

حلول لتفادي حالات الاحتيال

وعن أبرز الحلول لتفادي حالات الاحتيال وتضخم تكاليف التأمين الصحي وتطوير آليات التعامل بين شركات التأمين ومقدّمي الخدمات الطبية، أشار إلى أن الحلول تكمن في تأسيس لجنة مشتركة لضبط الاحتيال وتضخم تكاليف الرعاية الصحية، تضم المشرعين وشركات التأمين وشركات إدارة المطالبات الطبية ومزوّدي الخدمات الطبية، إضافة إلى دور اللجنة في التصدي لعمليات الاحتيال في التأمين الصحي، من خلال التنسيق بين جميع الأطراف ذات العلاقة، والعمل بآليات ومعايير تعود بالفائدة على الجميع وعلى قطاع التأمين بشكل عام.

فيما قال لؤي عبده الخبير التأميني إن قطاع التأمين الصحي يواجه تحديات كبيرة، وخصوصاً في عمليات التحايل من قبل المستشفيات والمستوصفات والمراكز الصحية «مقدّمي الخدمة»، التي تتسبب في خسائر لشركات التأمين نتيجة دفعها مبالغ لفواتير غير مستحقة، إضافة إلى تدني مستوى الرقابة والإشراف في مجلس الضمان الصحي الذي يحول بينه وبين تلبية تطلعات الأطراف الداخلة في هذه الصناعة «شركات التأمين، الجهات التشريعية والرقابية، مقدّمو خدمات الرعاية الصحية وحاملو الوثائق».

وأكَّد عبده الحاجة الملحة لنظام صحي متكامل، ينهض بالقطاع من خسائر الشركات من جراء عمليات التحايل من قبل مقدّمي الخدمة، وذلك من خلال استقطاب كوادر متخصصة وكفاءات عالية، تكون إضافة لمجلس الضمان الصحي، وخصوصاً في الرقابة والإشراف، لضبط عمليات الاحتيال وتضخم تكاليف الرعاية الصحية. لافتاً إلى ضرورة الاهتمام بصناعة التأمين التي تحظى عالمياً بأهمية كبرى كأحد القطاعات المالية الرئيسة التي لا تستغني عنها. لافتاً إلى أن مساهمة قطاع التأمين في إجمالي الناتج المحلي في المملكة يصل إلى نحو 1%، فيما يشكل التأمين الصحي منه 0.5% «أي نصف في المائة». وفي المقابل نجد في دول أخرى متقدِّمة ودول مجاورة أن النسبة تجاوزت نحو 10%.

وقال: «إن شركات التأمين تمر حالياً بوضع صعب أثناء محاولتها التوفيق بين أوضاعها الداخلية ونظام مجلس الضمان الصحي التعاوني، وخصوصاً فيما يتعلّق بتوفير الموارد البشرية والمالية والتقنية اللازمة للوفاء بمتطلبات النظام». مطالباً بتطوير البيئة التشريعية لتكون أكثر شفافية وعدالة، والرقابة عالية الجودة على مقدّمي خدمات الرعاية الصحية، وأهمية رفع الوعي لحاملي وثائق التأمين الصحي لمعرفة حقوقهم وواجباتهم.

الدور الرقابي محدود جداً

من جهته، قال عبدالرحمن آل قوت، أحد العاملين في قطاع التأمين، إن الدور الرقابي لمجلس الضمان الصحي على مقدّمي الخدمات الصحية محدود جداً، ويكاد ينحصر في تأهيل المقدّمين الذين لم يفرض عليهم عقوبات أو إيقاف بسبب المخالفات لمقدّمي الخدمة، وحل النزاعات في الأغلب لصالح مقدّمي الخدمات. مشيراً إلى أن وثيقة التأمين الموحّدة فتحت ثغرات في استغلال التأمين الصحي والتمتع بمزايا الوثيقة من قبل المؤمن له ومقدّمي الخدمات؛ ما انعكس بشكل كبير على نتائج شركات التأمين.

وأضاف آل قوت: إن دور المجلس الرقابي المطبّق بشكل صارم على شركات التأمين للحفاظ على حقوق المؤمن لهم لا يقابله أيضاً دور يراعي حقوق ومصالح شركات التأمين. مبيّناّ أن ضعف الرقابة في المجلس أدى إلى ارتفاع عمليات التحايل من قبل مقدّمي الخدمة بدفع مبالغ عالية جداً وغير مستحقة.

فيما قال المحامي الدكتور فالح السحمة المهتم بالقضايا التأمينية، إن مجلس الضمان الصحي يعاني قلة الكوادر الرقابية والإشرافية؛ ما أدى إلى ارتفاع عمليات الاحتيال لدى مقدّمي الخدمات الطبية، وفي المقابل تتضرر شركات التأمين، وتؤدي إلى ارتفاع في خسائرها المالية بغير وجه حق. مؤكداً ضرورة تشديد الرقابة على القطاع الصحي للتصدي لعمليات الاحتيال في المستشفيات والمستوصفات والمراكز الصحية بأنواعها. ولفت السحمة إلى ضرورة دعم الأعمال الإشرافية والأعمال شبه القضائية لمجلس الضمان الصحي التعاوني بمتخصصين في القانون والتأمين والمالية والاقتصاد والطب وعلومه؛ وذلك لتشابك وتعقيد العلاقة بين أطراف العلاقة التأمينية. مشيراً إلى إرساء مبادئ حوكمة الشركات من قِبل مجلس الضمان الصحي التعاوني، وتشجيع هذه المبادئ في أعمال أطراف العلاقة التأمينية، ومطالباً مجلس الضمان الصحي بالأخذ بعين الاعتبار التطبيقات الحالية لأنظمة التأمين في الدول المتقدّمة، واستجلابها لتطوير البيئة القانونية لنظام الضمان الصحي التعاوني بناءً على نظرية استيراد القوانين.

أهداف «الضمان الصحي» في 2014

وهنا أشار التقرير السنوي لمجلس الضمان الصحي لسنة 2013 إلى أن الأمانة العامة للمجلس اعتمدت 2.077 مقدم خدمات للرعاية الصحية في القطاعين العام والخاص، وتم اعتماد 15 مقدم خدمات للرعاية الصحية في القطاع العام، في حين تم اعتماد 2.162 مقدم خدمات للرعاية الصحية في القطاع الخاص. كما أن أمانة المجلس زارت 172 مقدّم خدمات للرعاية الصحية، بغرض متابعة الاعتماد ومتابعة الالتزام بتطبيق الضمان الصحي التعاوني فيما يتعلّق بمقدّمي خدمات الرعاية الصحية. وهذه الزيارات يبدو أن لها أهدافاً محددة من قِبل المجلس، التي يسعى لتحقيقها خلال العام الجاري 2014، منها:

1. اعتماد المزيد من مقدمي خدمات الرعاية الصحية في القطاعين العام والخاص للعمل في الضمان الصحي التعاوني تحت مظلة المجلس، بهدف ربط أكبر عدد من مقدّمي خدمات الرعاية الصحية المعتمدين بشركات التأمين وشركات إدارة المطالبات.

2. التأكد من جاهزية مقدّم خدمات الرعاية الصحية المعني، للعمل في الضمان الصحي التعاوني، والتعاقد مع شركات التأمين المؤهلة، ومدى قدرته على الوفاء بالتزامات «عقد تقديم خدمات الرعاية الصحية» المبرم مع شركات التأمين وشركات إدارة المطالبات.

3. ربط المنشآت الصحية الراغبة في العمل في الضمان الصحي التعاوني بالمجلس؛ وبالتالي سهولة متابعة تطبيق النظام من قِبل المجلس كجهة رقابية إشرافية على تطبيق هذا النظام.

4. ربط المنشآت الصحية بالمجلس المركزي لاعتماد جودة الخدمات الصحية لتقييم جودة الخدمات الصحية المقدّمة فيها.

5. ربط المنشآت الصحية وأطراف العلاقة التأمينية الأخرى بالترميز الطبي المعتمد، والربط الإلكتروني المتكامل.

6. تنظيم العلاقة بين أطراف العلاقة التأمينية لتحقيق تكامل منظومة الضمان الصحي التعاوني.

7. تزويد المنشآت الصحية أولاً بأول بكل ما يصدر عن المجلس من قرارات وتعليمات حول تطبيق الضمان الصحي التعاوني.

8. تمكين المجلس من متابعة تطبيق معايير وتطبيقات الضمان الصحي التعاوني؛ ما ينعكس بالأثر الإيجابي على تطبيق الضمان الصحي التعاوني.

***

سوء الاستعمال أو التجاوزات من قِبل مقدمي الخدمات الطبية يمكن ذكره على سبيل المثال بالآتي:

1. تطبيق عدة وسائل طبية مجتمعة دون الحاجة لها.

2. معالجة حالات مرضية خارجة عن الاختصاص.

3. قبول وإدخال حالات للمستشفى دون مبرر طبي.

4. القيام بعمليات جراحية دون مبرر علمي.

5. تعمد تمديد فترة العلاج والمراجعات الطبية للعيادة من غير حاجة ملزمة.

6. وصف الأدوية الأكثر كلفة دون ضرورة، وخصوصاً إذا كانت الصيدلية مرتبطة بالمرفق الطبي.

7. تعمّد صرف أدوية ليست لها علاقة بالتشخيص ويمكن أن تكون لأحد المرافقين.

8. صرف أدوية ومستحضرات لشركات محددة لمصالح متبادلة.

9. التواطؤ مع بعض المؤمّن لهم ومقايضة الأدوية الموصوفة بمواد تجميلية.

10. تسجيل جلسات علاج أكثر مما هو حقيقي ومنفذ، وخصوصاً في حالات العلاج الطبيعي.

11. معالجة شخص غير مغطى تأمينياً باسم آخر مغطى في وثيقة التأمين الطبي.

12. تقديم مطالبات طبية غير مفصّلة ودون إرفاق تقارير طبية.

13. عدم إجراء الفحوصات المطلوبة كاملة والمطالبة بكامل القيمة.

14. تكثيف استخدام وسائل التقنية الطبية الأكثر كلفة دون ضرورة طبية.

***

تعتبر اللائحة التنفيذية لنظام الضمان الصحي التعاوني الصادرة بموجب القرار الوزاري رقم 9/ 35/ 1/ ض وتاريخ 13-04-1435 هـ، والمفسرة قانونياً لكثير من الجزيئات التي تم إيرادها بشكل موجز في نظام الضمان الصحي التعاوني الصادر بالمرسوم الملكي رقم (م/ 10) وتاريخ 01-05-1420 هـ. وحيث قسمت اللائحة إلى العديد من الأبواب الرئيسية، ومنها المستفيدون، التغطية التأمينية بموجب النظام، المنافع، ضوابط الالتزامات المالية، ممارسة أعمال التأمين الصحي، العلاقات بين أطراف العلاقة التأمينية، ضمان جودة الخدمات المقدمة، الجزاءات. وتطرقت اللائحة في أحد أبوابها الرئيسية إلى الدور الإشرافي لمجلس الضمان الصحي على أطراف العلاقة التأمينية إذ يتولى المجلس الرقابة على شمولية التغطية التأمينية الصحية، والتأكد من قيام أطراف العلاقة التأمينية بتنفيذ واجباتهم ومسؤولياتهم المناطة بهم. وللمجلس دور إشرافي آخر، يكمن في جمع المعلومات من أطراف العلاقة التأمينية. وهناك أيضاً جولات تفتيشية إشرافية على أطراف العلاقة التأمينية. وللمجلس حق قانوني أصيل، هو إبداء التحفظ على أي من المسؤولين أو المديرين التنفيذيين في شركات التأمين في نطاق اختصاصات المجلس. وللمجلس كذلك الحق في إلغاء تأهيل/ إيقاف تأهيل لفترة زمنية محددة شركات التأمين. ويتبع للمجلس لجنة النظر في مخالفات أحكام نظام الضمان الصحي التعاوني. وتتولى هذه اللجنة الفصل في الشكاوى والمخالفات لنظام الضمان الصحي التعاوني. وتعتبر هذه اللجنة من اللجان شبه القضائية الواقعة خارج نطاق تنظيم المحاكم السعودية المتمثلة في المحاكم الشرعية والمحاكم الإدارية. ومن المعلوم أن هذه اللجنة تم تشكيلها من قبل المشرع السعودي بناءً على منصوص المادة (14/ ج) في نظام الضمان الصحي التعاوني لسد الفجوة القضائية المتعلقة بفض النزاعات والشكاوى المتعلقة بأطراف العلاقة التأمينية الخاضعين لنظام الضمان الصحي التعاوني ولوائحه التنفيذية، التي يمكن التظلم على قراراتها أمام المحاكم الإدارية خلال ستين يوماً من إبلاغ القرار.

موضوعات أخرى