Monday 28/07/2014 Issue 15278 الأثنين 01 شوال 1435 العدد
28-07-2014

بأية حال؟

لعل هذه السطور تكون حديثا إلى الذات إن كان هذا اليوم عيدا، فربما لن أجد قارئا لها في هذا اليوم الأغر. أما إن كان هذا آخر أيام أكرم الشهور فربما حظي هذا المقال الصغير بقراء يشرفونني بمتابعتهم لما أكتب.

أقول هنيئا لمن ودع هذا الشهر الفضيل وقد وصل رَحِمَه، وأزال ما بينه وبين مسلم من تشاحن أو جفوة، أو أدخل على قلب مسلم سرورا وقضى له حاجته.

هنيئا لمن أعان مكروبا وأقال عاثرا، في أي وقت من السنة، إنما في شهر الخير والصيام تشف النفس وتتلمس دروب العطاء والتسامح طالما صامت وامتنعت عن لذاتها امتثالا لملك الملوك.

وبعد، يحل العيد علينا فبأية حال كما قال المتنبي في مطلع قصيدته الشهيرة، هناك من فقد حبيبا كان معه العام الفائت، إن كان في غزة الصامدة أو حلب الشهباء، أو فارق هذه الدنيا بمرض أو بدونه في أي مكان، مثل هؤلاء بحاجة إلى معايدة من نوع خاص، تمسح عنهم دمعة حزن وتواسي نفوسهم بالعون بأي شكل.

وكما نعلم جميعا، مثل هذه المواسم العظيمة مدخل وفرصة لتنقية النفوس والصفح الجميل وصلة ما انقطع من رحم، فيا لحظ من وفق لهذه الروح السامية. أين نحن من رسول الهدى - عليه الصلاة والسلام - عندما خرج من داره فلم يجد القمامة التي اعتاد جاره اليهودي وضعها أمام بابه إيذاء له، فلما سأل عنه وعلم أنه مريض حمل إليه هدية وزاره في داره واليهودي يودع هذه الدنيا، فما كان منه إلا أن أدرك أن هذه أخلاق الأنبياء فأسلم وأسلم معه ابنه.

عجبا أين نحن من وحي هذه القصة، بل إنك تعجب لتراجع روح التسامح في سلوكيات البعض، وأخشى أن أقول الكثيرين خصوصا في الشارع، ومن حدة المزاج والتهور وقلة اتباع القوانين، فما الحكاية ؟، هل هو استعجال بناء الشوارع والطرق السريعة والأنفاق والجسور قبل بناء الإنسان ؟ هل هي الهجمة المحمومة والهجرة الداخلية من البر والريف والقرى إلى المدن دون قدرة هذه المدن الكبرى على الاستيعاب المنظم لهم هي ما أفرزت هذا الخلل الاجتماعي الذي لا تخطئه العين ؟ وهل إنشاء الجامعات في المدن الصغيرة هي بداية التصحيح لتلك الأخطاء والمعالجة لهذا الخلل ؟ هذا ما نتمناه، لأني أزعم أن هدير التنمية المحمومة وغبارها ودخانها قد أصم الآذان وأغشى العيون عن عيوبنا وعللنا الاجتماعية بل والكثير من الأمراض النفسية التي أخذت تشيع في مجتمعنا. وهنا دور وزارة الشؤون الاجتماعية التي للحق تشكر على إنشائها مراكز الاستشارات الاجتماعية والنفسية في المملكة، وان كان هذا دورها وواجبها إلى جانب أعمالها الأخرى لكننا نشد على أيديهم ومن لا يشكر الناس لا يشكر الله. ويبقى دور الوزارة إلى الآن غائبا في سرعة إعادة الروح الاجتماعية إلى الأحياء بإنشاء مراكز الأحياء التي لا نزال ومنذ ردح من الزمن نوعد بها ولم نرها. وفي إعادة دور عمدة الحي إلى عهده السابق كما في مدن المنطقة الغربية كمكة المكرمة وجدة في الأيام الخوالي. أقول هذا لأننا أصبحنا نسمع عن جرائم قتل الأبناء للآباء أو الأمهات ولا حول ولا قوة إلا بالله، فهل هذه إلا تراكمات بادعاء البعض أننا مجتمع فضيلة ونسوا أننا بشر مثل غيرنا، وإيلاء الخرسانة والإسفلت وأعمدة النور الأولوية والأهمية على حساب المدرسة والمركز الصحي والنادي الاجتماعي والحديقة ومراكز الترفيه في مدننا وبلداتنا.

تقبل الله صالح أعمالكم ومن وجد في نفسه كربا أو ضيقا فليعمل معروفا أيا كان، فإن الله يفرج كربه ويزيل عنه ما يجد، وكل عام وانتم بخير.

romanticmind@outlook.com

تويتر @romanticmind1

مقالات أخرى للكاتب