17-08-2014

اختطاف الإسلام وتشويهه

بكل سذاجة وسماجة، وقلة حياء وغباء، وبعد أن قلبوا صفحات التاريخ، خرجوا بهذا الدعي الثقيل، (مظهراً ومخبراً)، بزيه النكرة الذي لا يستهوي أقل الناس عقلاً وإدراكاً، وبعد أن صعد المنبر قال: أنا خليفة المسلمين، هكذا بكل برود، بكل بساطة تتوافق مع تصرفات الأطفال المتخلفين عقلياً الذين لا تمكنهم قدراتهم العقلية من التفاعل الصحيح مع المثيرات ولو بالحدود الدنيا من المنطق، ولا غرابة في هذا، فصناع هذا « الخليفة « أبعد بني البشر عن فهم الأديان عامة، وفهم الإسلام بصفة خاصة، ولهذا سقط هذا الدعي وهو فوق المنبر، وسقط معه المشروع قبل أن يكمل الدعي خطبة الجمعة التي اجتهد في إظهارها شكلاً ومضموناً بمظهر إسلامي يوحي للمتلقي أن هذا الخليفة الدعي يجسد الإسلام حقاً وحقيقة.

في البدء لا بد أن نقرر حقيقة أزلية يؤمن بها كل مسلم إيماناً قاطعاً راسخاً في الوجدان، أن الإسلام الذي ارتضاه الله سبحانه وتعالى لعباده دينا ومنهاج حياة، أنه محفوظ بحفظ الله لمصادره المعتبرة التي لا يأتيها الباطل أبدا، وبالتالي لدينا اطمئنان تام وقناعة مؤكدة، أن هذه الهذاءات والهلوسات التي أطلقها « خرافة المسلمين « ومن وراءه لن تتجاوز حناجرهم، ولا دوائرهم المظلمة الضيقة، لأن ممارساتهم البشعة، وإجرامهم المتعمد، والصور التي بثتها دوائرهم الإعلامية الغبية كشفت حقيقتهم، فسارع كل مسلم إلى إعلان براءته من أفعالهم التي تتنافى مع الإسلام الصحيح عقيدة وسلوكاً ومنهاج حياة، أجهض مشروعهم من الوهلة الأولى لأنه باطل، والباطل لا يمكن أن يصمد أمام الحق ولو لثوان معدودة.

أنه مهما بلغت حيل بشار وخبثه ومكره، ومن خلفه من صفوية إيران وأعوانهم الصهاينة، لن يفلحوا ولن ينجحوا في تشويه الإسلام، نعم صنعوا دمية « داعش « وسهلوا لها الطريق، ودفعوا بشذاذها إلى ممارسة أفعالهم المنكرة، وأفكارهم المنحرفة، وغض العالم الطرف عن إدانتها واستنكارها، فضلاً عن التصدي لها ومحاربتها، وهذا مما يؤكد أنهم راضون عنها، متقبلون لها، بل فرحون بها مبتهجون، لأنها استطاعت أن تحقق بعضاً مما يحلمون به من تشويه لجوهر الإسلام وحقيقته التي تؤرقهم وتقض مضاجعهم.

أعداء الإسلام صمموا مسرحية هزلية، أحكموا إعدادها وإخراجها، « داعش « على اعتبار أنها قادرة على التشويه، ودفعوا بهم إلى الساحة، وسهلوا خروجهم في العراق والشام، وما علم هؤلاء السذج أن الإسلام بأصالة مصادره، وبنقاء هديه، وصفاء علاقته، وإنسانيته في التعامل مع بني البشر على اختلاف أجناسهم وألوانهم وأعراقهم ودياناتهم، وكذا الحيوان والشجر والحجر، سوف يصادم هؤلاء الشذاذ ويعريهم ويخزيهم، وكانت أولى صور التعرية والخزي، تعامل هؤلاء الشذاذ البشع مع المخالفين لهم، من أهل السنة والشيعة، ومع النصارى واليزيدية، بل حتى مع الأقربين لهم المشتركين معهم في ضلالات الفكر، وانحراف الممارسة.

لا خوفا على الإسلام، الخوف على الأفراد والجماعات والمجتمعات والكيانات، الإسلام تكفل الله بحفظ مصادره وبالتالي حفظه، أما الأفراد والجماعات والكيانات فقد ناموا وتخلوا عن مسؤولياتهم تجاه أنفسهم وما حباهم الله من أوجه تميز مادية ومعنوية متوافقة مع فطرهم، مما فتح المجال لأمثال هؤلاء المنحرفين إلى القيام بأدوار التشويه.

وعلق خادم الحرمين الشريفين -حفظه الله- جرس الإنذار منبها عن الأخطار المحتملة، علق الجرس ليدرك الأفراد والمؤسسات والكيانات مدى المخاطر المحدقة الآتية، وبالتالي على الكل أن يتحمل مسؤوليته في التصدي والمواجهة، إنه يتطلع إلى أعمال، إلى مشروعات، إلى مواقف، تقطع الطريق على من يخطط لزعزعة الأمن الاجتماعي والفكري في المجتمعات الهانئة بنعم الاستقرار والأمن.

على الهيئات العلمية، والمنظمات والمؤسسات، والأجهزة الحكومية، وأخص وزارة التربية والتعليم، عليها أن تصوغ برامج ومشروعات تحصن الشباب وتحفظهم من الهرولة وراء داعش وما يماثلها من محاضن الفتن والانحراف الفكري والضلال.

abalmoaili@gmail.com

مقالات أخرى للكاتب