28-08-2014

سر الاندفاعة الأمريكية لمواجهة داعش

بعد أن اقتربت نيران داعش من المصالح الأمريكية والأنظمة التي تدعمها الولايات المتحدة الأمريكية، تحرَّكت الإدارة الأمريكية واتخذت خطوات عملية في مراقبة تحركات قوات داعش، ووضع الخطط لمهاجمة مواقعها داخل الأراضي السورية التي تحاشت الاقتراب منها خوفاً من دعم معارضي النظام السوري، لاعتقاد الإدارة الأمريكية بأن المعارضين لبشار الأسد يشكلون تهديداً للكيان الإسرائيلي أكثر من نظام بشار الأسد، ثم التدخل لإضعاف قوى عسكرية تشارك الجيش السوري الحر السيطرة على الأرض السورية يتعارض مع الإستراتيجية الأمريكية البعيدة المدى التي تعمل على القضاء على تنامي وجود عربي مؤثر في مواجهة الوجود الإيراني الذي دخل في شراكات في كل من سوريا والعراق وقبل ذلك في أفغانستان. وهدف واشنطن من ذلك إيجاد توازن بين القوى العربية التي تصنفها واشنطن على أنها تمثل السنة العرب، أن النفوذ الإيراني المتنامي والذي تتعامل معه واشنطن دعماً لإستراتيجيتها البعيدة المدى لفرض التوازن في المنطقة العربية حتى وإن كان ذلك على حساب العرب، وتتعامل واشنطن مع النظام الإيراني على أنه يمثل الطائفة الشيعية رغم تمسك العديد من الشيعة العرب الذي يقدمون الانتماء الوطني على الانتماء المذهبي، ولهذا فإن واشنطن تغض النظر عن الخروقات التي تمارسها إيران بدعم المليشيات المرتبطة بها مثلما فعلت مليشيات حزب الله في سورية وقوات الحرس الثوري والمليشيات الطائفية الشيعة العراقية، وهو نفس موقفها وتعاملها مع الجانب الآخر، فقد امتنعت واشنطن عن دعم المعارضة السورية بحجة التخوف من سيطرة المتطرفين السنة كجبهة النصرة أولاً ثم داعش أخيراً، وعندما تطور أمر داعش وأصبحت تهدد المصالح الأمريكية وخاصة أمن واستقرار إقليم كردستان العراق تحركت الإدارة الأمريكية لمهاجمة مواقع توجود قوات داعش في سوريا وقبل ذلك في العراق متخذة من إعدام الصحفي الأمريكي غطاءً لإقناع الرأي العام الأمريكي بالتدخل في سوريا، هذا التدخل إن تم يدخل في سياق الإستراتيجية الأمريكية المستمرة في إضعاف الوجود العربي وإضعاف السنة مقابل غض النظر عن تجاوزات المليشيات الشيعية سواء في سوريا أو في العراق وحتى في اليمن. ورغم أن واشنطن لم تكشف بعد أنها تفاهمت مع طهران لتعزيز هذا التوجه إلا أن ما يجري على الأرض يكشف أن هناك تعاوناً أمريكياً إيرانياً للوصول إلى فرض إيران كشريك لترتيب الأوضاع في المنطقة العربة على حساب العرب، وهذا ما يعزز المعلومات التي تؤكد بأن تنظيم داعش ما هو إلا صنيعة إيرانية، أنشئت لإضعاف مواقف العرب السنة. وأن أفعالها المشينة شوهت صورة العرب السنة مما أعطى دعماً للنفوذ الإيراني في المنطقة .. مبرراً لواشنطن لتعزيز تفاهمها غير المعلنة مع طهران.

jaser@al-jazirah.com.sa

مقالات أخرى للكاتب