04-09-2014

الإسبرين لا يعالج السرطان!

أعلن مقام وزارة الداخلية عن القبض على مجموعة كبيرة من الإرهابيين، والذين كانوا يخططون لأعمال شريرة، ولفت نظرنا جميعا بأن نسبة كبيرة من المقبوض عليهم سبق استيقافهم بذات التهم، وأطلق سراحهم، وهذا خبر محزن، ولكنه أيضا جميل، إذا نظرنا للأمر من خلال نظرية نصف الكأس الممتلئ، فهو يعني أن أصحاب الفكر الضال قلة، فليست المرة الأولى التي يتم القبض، مرة أخرى، على من تمت مناصحته، واطلاق سراحه، وبالتالي فإن إمكانية القضاء على هذا الفكر، من خلال القضاء على من يعتنقه ليست بالمهمة الصعبة على قوات أمننا اليقظة، إذ هي معظم الأسماء الضالة تتكرر، مع إضافات بسيطة في كل مرة.

تزامن مع هذا الإعلان بيان آخر، لا يقل أهمية، من وزارة التربية والتعليم، إذ أعلنت إجراءات جديدة تتعلق بالمناشط اللاصفية في المدارس، وكان لافتا أيضا ربط الموافقة على تلك المناشط بسمو الوزير شخصيا، ما يعني أن لدى سموه مهمة جسيمة تتعلق بإعادة صياغة فكرية لنوعية البرامج اللاصفية، والتي يؤكد المختصون أن لها علاقة كبيرة بالتجنيد للفكر المنحرف، وأيضا يعني أن سموه، ومن خلال ربط الموافقة على هذه المناشط به شخصيا، سيتحمل مهمة لا تقل أهمية، تتعلق بتعيين وجوه جديدة من أهل الثقة، في المواقع الهامة في الوزارة، وإدارات التعليم التابعة لها، إذ ليس من المعقول أن يتحمل سمو الوزير مسؤولية الإشراف على المناشط اللاصفية إلى ما لا نهاية.

كتب المختصون، والمثقفون كثيرا عن أن المكافحة الأمنية للإرهاب تتطلب جهدا فكريا مماثلا، حتى لا نستمر في الدوران بحلقة مفرغة، ولعل ما أعلنت عنه وزارة التربية والتعليم يدخل في هذا الإطار، كما أن برنامج المناصحة جيد، وربما يجدي مع بعض الفئات الضالة. هذا، ولكن هناك فئات تؤصل الإجرام في نفوسها، لدرجة أنه لم يعد يجدي معها غير الحزم، ولعله من المناسب هنا بأن نذكر أن الولايات المتحدة الأمريكية، وهي أحد معاقل الديمقراطية، حكمت بالإعدام على المتطرف تيموثي مكفي، الذي خطط، وشارك في تفجير أوكلاهوما، وقد نفذ فيه حكم الإعدام بلا تباطؤ، كما أن كثيرا من الدول الغربية، والتي ألغت حكم الإعدام، أصبحت تحكم بالسجن المؤبد على الإرهابيين، دون إمكانية إطلاق السراح، وذلك لقناعتهم بخطورتهم على المجتمع المدني، ومؤسساته.

ذات مرة، سئل المرشح الديمقراطي للرئاسة الأمريكية، في عام 1988، الحاكم مايكل دوكاكيس عن أعظم ما يؤمن به، فقال: «إن والدي طبيب بارع، وقد كان يقول للمريض ( لا تشرح لي مشكلتك وأعراضها، فقط قل لي أين الألم لأقضي عليه»، ونحن نعرف، ومن خلال تجربة كبرى في مكافحة الإرهاب، أين مكمن العلة، ولذا فما علينا إلا القضاء عليه، قبل أن يستفحل، ويصعب علاجه، وكل الدلائل تشير إلى أننا نسير في هذا الاتجاه، فلعلنا نتفاءل!.

ahmad.alfarraj@hotmail.com

مقالات أخرى للكاتب