08-09-2014

قناة السويس ومثال القدرات العربية

يُضرب المثل في حب المصريين لمصر للتذكير بحب الإنسان لوطنه. عندما دخل البلد العربي الأكبر تلك المرحلة الحرجة من تاريخه الحديث انتاب القلق باقي العرب، نظرا لأن مصر حصن العرب وملجؤهم، ومصدر لقوتهم في كل المجالات. أرض الموارد والخيرات لديها من الإمكانات ما يخولها، إن أحسنت استغلال تلك الموارد والإمكانات، تبوؤ مركز متقدم بين الأمم.

ولعل من بين ما يفاخر به المصريون كمورد وطني لهم قناة السويس، هذا الممر المائي الذي يسهم في حركة التجارة العالمية عبر ربط دول حوض البحر المتوسط وأوروبا وأمريكا بدول آسيا وإفريقيا، إذ يمر عبرها 40% من سفن العالم ويدر على الخزينة المصرية حوالي 5 مليار دولار سنويا. هذا المورد الذي دشن عام 1869 م بعد عشر سنوات من العمل وفي عهد الخديوي إسماعيل.

هذه الأيام تم إطلاق إشارة البدء بمشروع توسعة القناة عن طريق شق ممر موازٍ بطول 72 كلم، لاستيعاب حركة ملاحية اكبر، وبالتالي زيادة دخل القناة أضعافا ليصل إلى أكثر من 12 مليار دولار سنوياً خلال السنوات القليلة القادمة. الباعث للإعجاب بهكذا إنجاز كما هو لفخر المصريين أنه يتم بتمويل شعبي مصري، إذ يشترك القطاع الخاص من شركات وبنوك إلى جانب الأفراد من الشعب المصري، وهكذا فإنه مشروع وطني بامتياز ومن المصريين واليهم، متيحا لهم الاشتراك في القرار الاقتصادي ومانحا إياهم قناة للاستثمار والادخار وبذلك يغدو هذا المشروع العملاق كيانا ومصدرا لرزقهم يحرصون عليه حرصهم على تراب وطنهم.

كذلك ما ميز هذا المشروع وجعله نموذجا ومثلا للدول أن تسير عليه انه يسر على رجل الشارع البسيط المساهمة فيه ( يبدأ السهم بـ10 جنيهات، أو 100 أو 1000 ) حسب قدرة ورغبة المواطنين).

علما بأن العائد السنوي 12 % مضمونا من قبل الحكومة ويتم إيفاؤه للمساهمين بدءا من هذا العام من عائدات القناة المتوافرة حاليا، مما يضخ السيولة والانتعاش والحيوية في الاقتصاد المصري ويعجل بالاستقرار ويطمئن المصريين في عودة بلدهم إلى مكانته المعهودة.

أما فترة إنجاز المشروع وهي سنة واحدة فهي بحد ذاتها تميز وإبهار، وتحفيز للدول المحيطة بأن العزيمة متى ما توافرت مع الإخلاص ذللت الصعاب وتقدم العمل وتوافرت الإنجازات، علما بأنها إشارة إلى استعجال الحكومة على ما يبعث الطمأنينة لقطاعات الشعب والمستثمرين مصريين وأجانب بقدرة مصر على خلق الفرص واستغلال الموارد واستعادة القوة المستحقة في كل المجالات.

مصر لها من الإمكانات والموارد الطبيعية والبشرية ما يمكنها من أن تتبوأ مكانة مرموقة عربيا ودوليا، ونجاحها نجاح للعرب، كما هي كل دولة عربية كذلك. أليس السودان على سبيل المثال يتوافر على 15 مليون فدان صالح للزراعة لم يستغل منها إلا 2 مليون فقط. أم ماذا نقول عن الصومال كذلك بثرواته النباتية والحيوانية وأرضه الغنية، وقل المثل عن كل الدول العربية من اليمن إلى الشام ومن المغرب إلى عمان مرورا بالخليج العربي فهذا الوطن العربي غني بموارده وأرضه.

مشروع توسعة القناة يحمل الكثير من الأمثلة المحفزة على العمل الإبداعي والوطني للمصريين والعرب عموما ويبعث الأمل بمستقبل مختلف وواعد لهم - إن شاء الله - برسالة مفادها بأن لدينا الإمكانات لنكون مثل باقي الدول الصاعدة بحسن التخطيط وإدارة الموارد الطبيعية والبشرية، وما أضيق العيش لولا فسحة الأمل.

romanticmind@outlook.com

تويتر @romanticmind1

مقالات أخرى للكاتب