28-09-2014

قصّة نجاح (مواطن)..؟!

* أدعوكم إلى قراءة هذه القصة العجيبة، لمواطن بدأ حياته منبوذاً من زملائه في المدرسة، حتى جاءت (الوطنية التي تعمل ولا تتكلم)، في شخصية معلمة تحب وطنها، وتخلص لمواطنيها، وتعرف قيمة أن تكون بانية لا هادمة.

* القصة أوردها صديقنا (محمد الوذيناني) في مجموعتي على الواتس أب: (أقلام)، ورأيت أنها تصلح للتدبر في أيام احتفالاتنا بيومنا الوطني المجيد.

* أنا على ثقة أنه إذا فرغتم من قراءتها فسوف تتمنون أن كلاً منا - خطيب جمعة، أو كاتباً، أو معلماً، أو أباً وأُمّاً وأخاً - هو هذه المعلمة (تومسون)، التي ترجمت وطنيتها في شخص مواطن صغير، حتى انتشلته من براثن البؤس والاكتئاب والحزن، إلى مناص النجاح والتفوق على مستوى العالم، وأن كل كبير أو صغير منا هو هذا المواطن الناجح (تيدي).

* ماذا قدم المعلمون المؤدلجون لوطنهم..؟! وماذا فعل معلم (صور الكتاب المدرسي)..؟! وما حجم جناية المعلم الذي يصفق لتلميذ يتمنى أن ينفذ عملية انتحارية لصالح دينه..؟! وما نهاية معلم يبشر بقدوم داعش..؟! وماذا يفعل حزب (تكفير الوطنية والاحتفال بها)..؟!

* عفواً.. لا أعرف معلماً في مدارسنا يشبه المعلمة (تومسون)..! ولم أعثر على قصة نجاح واحدة تشبه قصة (تيدي)..! ولكن.. لك ولنا الله يا وطني..!

* تقول القصة:

* وقفت معلمة الصف الخامس ذات يوم، وألقت على التلاميذ جملة: إنني أحبكم جميعاً، وهي تستثني في نفسها تلميذاً منهم يدعى (تيدي)..!

ذلك أن ملابسه دائماً شديدة الاتساخ، ومستواه الدراسي متدنٍ جداً، ومنطوٍ على نفسه. وهذا الحكم الجائر منها كان بناءً على ما لاحظته خلال العام الدراسي، فـ(تيدي) لا يلعب مع الأطفال، وملابسه متسخة، ودائماً يحتاج إلى الحمام، وأنه كئيب لدرجة أنها كانت تجد متعة في تصحيح أوراقه بقلم أحمر، لتضع عليها علامات (x) بخط عريض، وتكتب عبارة راسب في الأعلى..!

* ذات يوم، طلبت منها إدارة المدرسة مراجعة السجلات الدراسية السابقة لكل تلميذ، وبينما كانت تراجع ملف (تيدي) فوجئت بشيء ما..!

* لقد كتب عنه معلم الصف الأول: (تيدي) طفل ذكي موهوب، يؤدي عمله بعناية، وبطريقة منظمة.

* وكتب عنه معلم الصف الثاني: (تيدي) تلميذ نجيب ومحبوب لدى زملائه، لكنه منزعج بسبب إصابة والدته بمرض السرطان.

* أما معلم الصف الثالث فكتب: لقد كان لوفاة أمه وقع صعب عليه. لقد بذل أقصى ما يملك من جهود، لكن والده لم يكن مهتماً به، وإن الحياة في منزله سرعان ما ستؤثر عليه إن لم تُتخذ بعض الإجراءات.

* بينما كتب معلم الصف الرابع: (تيدي) تلميذ منطوٍ على نفسه، لا يبدي الرغبة في الدراسة، وليس لديه أصدقاء، وينام أثناء الدرس.

* هنا أدركت المعلمة (تومسون) المشكلة، وشعرت بالخجل من نفسها..!

وقد تأزم موقفها عندما أحضر التلاميذ هدايا عيد الميلاد لها ملفوفة بأشرطة جميلة ما عدا الطالب (تيدي)، الذي كانت هديته ملفوفة بكيس مأخوذ من أكياس البقالة.

* تألمت السيدة (تومسون) وهي تفتح هدية (تيدي)، وضحك التلاميذ على هديته، وهي عقد مؤلف من ماسات ناقصة الأحجار، وقارورة عطر ليس فيها إلا ربعها..! ولكن كف التلاميذ عن الضحك عندما عبَّرت المعلمة عن إعجابها بجمال العقد والعطر، وشكرته بحرارة، وارتدت العقد، ووضعت شيئاً من ذلك العطر على ملابسها.

* يومها.. لم يذهب (تيدي) بعد الدراسة إلى منزله مباشرة كما هي عادته، بل انتظر ليقابلها، وقال: إن رائحتك اليوم مثل رائحة والدتي..! عندها انفجرت المعلمة بالبكاء؛ لأن (تيدي) أحضر لها زجاجة العطر التي كانت والدته تستعملها، ووجد في معلمته رائحة أمه الراحلة..!

* منذ ذلك اليوم أولت المعلمة (تومسون) اهتماماً خاصاً بـ (تيدي)، وبدأ عقله يستعيد نشاطه، وبنهاية السنة الدراسية أصبح أكثر التلاميذ تميزاً في الفصل، ثم وجدت معلمته مذكرة عند بابها بخطه، كتب بها أنها أفضل معلمة قابلها في حياته. فردت عليه: أنت من علمني كيف أكون معلمة جيدة..!

* بعد سنوات عدة، فوجئت هذه المعلمة بتلقيها دعوة من كلية الطب لحضور حفل تخرج الدفعة في ذلك العام موقعة باسم: (ابنك تيدي). فحضرت وهي ترتدي ذات العقد، وتفوح منها رائحة ذات العطر..!

* هل تعلمون الآن من هو (تيدي)..؟!

* (تيدي ستودارد)، هو أشهر طبيب بالعالم، ومالك (مركز ستودارد لعلاج السرطان)..!

* الوطنية.. يا سيدات ويا سادة، منظومة حب كبيرة، لا تقتصر على حب المكان، لكنها تشمل حب الإنسان الذي يعيش عليه، وتثمن الزمان الذي يحياه، وتقدر الكفاءات التي تخدم الحضارات، وتحيل المواطنين إلى لبنات عطاء وفداء، وتلفظ الكائنات المنفّرة، والأجناس المتوحشة، ومن تحمل دماؤهم المحنطة جينات خيانة أوطانهم، والمتاجرة بقضايا مجتمعاتهم.

* ما دمت أحب وطني فأنا ووطني دائماً على حق، ولو كره المنافقون.

alsalmih@ymail.com

assahm@maktoob.com

مقالات أخرى للكاتب