29-09-2014

الأخبار الإلكترونية

«الأخبار الإلكترونية» مفهوم إعلامي جديد وواعد، لا يزال يتشكل، ويمر بمراحل متعددة، ويتخذ أشكالاً وصوراً مختلفة، تتداخل فيها منظومات صياغة الخبر، وبناء الفكرة من منطلقات جديدة، تختلف فيها معايير النشر، وتتعدد الجهات المستهدفة بمثل هذه الأخبار التي غالباً ما تكون من قبيل الأحداث الاجتماعية العاجلة، أو المواقف الطارئة.

وحينما نتأمل هذه المواد الإخبارية التي يتم تداولها أو تعاطيها من خلال القنوات الإلكترونية ووسائل التواصل الاجتماعي لا شك أنها تنطلق في مسارين متوازيين، الأول منهما هو صياغة الخبر المعد بعناية من خلال وسائل الإعلام المقروءة أو المرئية التي يمكن أن نقول عنها إنها قنوات رسمية، اعتادت وتمرست في العمل الإخباري منذ عقود، فيما يأتي المسار الثاني متكئاً على قيم ومضامين وسائل التواصل الاجتماعي الحديث، الذي سجل حضوره بشكل لافت، فكان التشكل في مفهوم الأعلام والإعلام البديل حاضراً في الكثير من جدليات العمل الإعلامي اليوم.

فلو ذهبنا - على سبيل المثال - إلى تحليل مضامين بعض الأخبار الإلكترونية، باعتبارها خارجة من رحم التجارب الأولى لجيل اليوم من حيث الفكرة والصياغة والإعداد، فإننا سنجد أن هناك الكثير من المنعطفات التي مرت بها هذه التجربة الإخبارية الوليدة، بل ينتظرها الكثير من الإعداد الجيد والنضج والمصداقية.

فرغم أن هذه الأخبار الإلكترونية تسعى إلى مجاراة الواقع والتفاعل معه بشكل سريع إلا أن هناك نقاط ضعف قد تعتورها لا من حيث الصياغة والتكوين والبناء وحسب، إنما بأسلوب أو مضمون العرض، وطريقة التناول الذي قد لا يكون مرتهناً للفكرة والقيمة العالية للخبر باعتباره رسالة متكاملة المضامين، وخاضعة لمعايير النشر والتداول الصارمة.

وربما تسببت الكثير من هذه الأخبار الإلكترونية اليومية - إن جاز أن يقال عنها أخبار - في قيام فكرة التعاطي معها على أنها منقولات آنية غير موثقة، وتعتمد على ذائقة من يصوغها، وقد تتحول في بعض الأحيان إلى ما يشبه السرد الحكائي لأي حادثة، أو موضوع يتم تداوله.

ونحن هنا لا نلغي جميع الأخبار الإلكترونية، أو نقلل من قيمها، إنما الكثير مما يظهر عبر وسائل التواصل الاجتماعي من هذه الأخبار والتداولات لأحداث ما هو قريب من هذه الفكرة؛ إذ درجت العادة على التقليل من أهمية مثل هذه الأخبار أو التشكيك بمصداقيتها، نظراً لاعتمادها على مصادر غير موثقة، أو ليس لها سند موضوعي، أو أن الفكرة في مثل هذه الأخبار هو نقل صور خبرية أو إنشائية لمشهد ما، لم تكتمل معالمه بعد.

ومع أن هذه الأخبار الإلكترونية المتداولة من خلال وسائل التواصل تتغلب من حيث الكم في مستوى المقروئية لدى المجتمع، بل تجاري ما يقدَّم من أخبار موثقة ومعدة بأسلوب وعمل مهني متكامل، إلا أنها - رغم ذلك - لا تُعِدُّ للقارئ بيئة مناسبة يمكن أن ينطلق منها، فهي حسب توصيف الكثير من القراء مجرد أخبار طارئة أو عابرة، تقبل الرد أو التجاهل.

فرغم كثافة هذا الانتشار للأخبار الإلكترونية وبلوغها أرقاماً عالية إلا أن القارئ والمتابع لا يزال في حالة من التردد في قبولها أو الاعتماد عليها؛ لذا يتطلب من وكالات الأخبار الجديدة أن تكون متيقنة من هذه المزاحمة، وأن تعمل على فتح مجال أوسع لصياغة مفهوم جديد للخبر، يتحرر من فكرة الحدث المفاجئ، أو الحادث الطارئ، أو الانطباع العاجل.

hrbda2000@hotmail.com

مقالات أخرى للكاتب