01-10-2014

المشهد السياسي.. غياب المعلومة أربك المحلل

أمثلة كثيرة تتجسد هذه الأيام في المشهد السياسي الأكثر إيلاماً من أي مشهد سبق، على مدى قرن من الزمن، صارت تُردد بسبب هذا الارتباك في المعلومة، وغياب المصدر الموثوق.

في أزمات كثيرة كان للقراءة المتأنية للأحداث بعض من المصداقية وربما وافقها البعض أو أقترب منها، وكذلك كان للمحلل السياسي نصيب من الصواب في بعض تحليلاته وقراءاته للمشهد السياسي.

اليوم نحن نعيش أزمة معلوماتية جعلت من الجميع يقف على مسافة واحدة من قراءة المشهد السياسي، وبسبب هذه المعلومة المغيبة على الجميع ارتبك القارئ للمشهد وبات من يحترم قلمه يعزف عن الكتابة أو القراءة السياسية.

خاض الناس في الوضع المتأزم في اليمن الشقيق، فمن مُكثر ومن مُقل، أحسنهم حالاً من قال بأن الوضع يأتي في سياق الفوضى القبلية التي عُرف بها اليمن منذ عقود، فهو مجتمع قبلي صرف، يؤمن بأهمية السيطرة القبلية مهما كلف الأمر.

كما خاض الناس في العلاقة التي تربط المملكة العربية السعودية بالمشهد اليمني، وأوغلوا في هذه العلاقة التي لم تكن وليدة اليوم، فالمملكة منذ أزل التاريخ وعلاقتها مع اليمن متينة ومتجذرة.

في هذا الخضم يأتي تصريح صاحب السمو الملكي الأمير سعود الفيصل وزير الخارجية من نيويورك ليبين الحقيقة ويوضح العلاقة السعودية في المشهد اليمني الحاضر بقوله:

(إن المملكة العربية السعودية وقفت بإمكاناتها كافة مع الشعب اليمني الشقيق، وقدمت له كل ما تستطيع من عون ومساندة، إدراكًا منها لخطورة التحديات والمخاطر التي يواجهها وأهمية وقوف الجميع معه لتجاوزها، انطلاقًا من أواصر الأخوة والجوار والمصير المشترك التي تربط الشعبين الشقيقين).

ولفت سموه النظر إلى أن المملكة أكدت في مناسبات عدة دعمها الكامل للجهود الدولية الساعية لمساعدة اليمن على مواجهة مصاعبه ومنع المعرقلين للعملية السياسية من مواصلة أعمالهم التخريبية سواء كانوا أشخاصًا أو جماعات، ووقف التدخلات الخارجية المحركة لمثل هذه التصرفات، التي تضر باليمن وتزعزع جهود أبنائه لاستعادة الاستقرار واستئناف مسيرة التنمية والبناء، ومن ذلك قرار مجلس الأمن رقم 2140، والصادر تحت الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة، معرباً عن أمله بأن يجري القرار وتوضع آلياته وتنفيذه بالصورة المطلوبة لردع المعرقلين لمسيرة اليمن السياسية والاقتصادية.

كما بين سمو وزير الخارجية مسألة في غاية الأهمية ودار حولها لغط كثير، وهي علاقة الحوثي بما يحدث من عرقلة للعملية السلمية في اليمن وموقف المملكة من ذلك عندما قال: (سبق لنا الترحيب باتفاق السلم والشراكة الوطنية المبرم يوم الأحد الماضي 21 سبتمبر بين الحكومة اليمنية وجماعة الحوثي، وكان أملنا أن يحقق تطلعات الشعب اليمني نحو وقف العنف والاقتتال واستكمال العملية السياسية واستئناف التنمية والبناء، ومع إشادتنا بما بذله فخامة الرئيس عبد ربه منصور هادي من جهود مكثفة للوصول إلى اتفاق يجنب اليمن وأبناءه العنف والفوضى وإراقة الدماء، إلا أن عدم تنفيذ الملحق الأمني للاتفاق وعدم إنفاذ الاتفاق نفسه على الوجه المطلوب من قبل جماعة الحوثي قد بدد تلك الآمال، ونحن بذلك ندعو جميع الأطراف المعنية إلى التطبيق الكامل والعاجل لبنود الاتفاق كافة، كما نحث المجتمع الدولي إلى تقديم جميع أوجه المساعدة لليمن في هذا الشأن)

نحن ككتاب سعوديين نعرف هذه المسألة وندرك عمق السياسة السعودية، ومخالفتها في كثير من الأحوال توقعات الناس بعمل دبلوماسي في غاية التعقيد لكنه يؤتي ثماراً لم يكن أحداً يتوقعها، وهنا يبرز دهاء وحنكة السياسي السعودي على مر التاريخ.

لكن مسألة الغوغائيين المشككين الذين تمتلئ بهم ساحات الشبكات الاجتماعية وهم بلا شك مؤثرون في متلقي المعلومة سواء من المواطنين أو من الأشقاء العرب المحبين لهذه البلاد، وهذا مهما حاولنا التقليل منه إلا أنه بلا شك يؤثر في كثير من مفاصل الحياة.

وضوح الرؤية مطلب مهم خاصة في هذه الأيام التي استبيحت فيها حُمى الكثير من المحرمات وبات الجميع - خبيرًا وعالمًا - وهم لا يفرقون بين المضاف والمضاف إليه في السياسة، ولا يحسنون قراءة سطر في الدبلوماسية.

والله المستعان.

almajd858@hotmail.com

تويتر: @almajed118

مقالات أخرى للكاتب