02-10-2014

من جنى على جنى؟

لم يملك سمو وزير التربية والتعليم الأمير خالد الفيصل أمام موهبة الطفلة جنى متعب الشمري ذات الاثني عشر ربيعاً إلا أن يحييها ويشد من أزرها ويشكرها ويطبع قبلة أبوية حانية على جبينها. قبلة مسئول كبير وأب وقائد تربوي لطفلة هي في خطواتها الأولى تحتاج للدعم والمساندة والتشجيع والتكريم. لحظات تاريخية ستبقى في ذاكرة جنى طوال العمر. من النادر أن يُتاح لطالب أو طالبة مقابلة المسئول الأول عن التعليم.

للأسف هذا الموقف الرائع شوهته آراء بعض أصحاب العقول السقيمة، وكعادتهم ربطوا هذا الموقف بتصورات ذهنية لا توجد إلا في عقولهم المتحجرة، أما أصحاب الأفهام السليمة فلم يروا في الموقف سوى أنه لفتة كريمة من والد لإحدى بناته المبدعات، ومن فرط إعجابه بإلقائها وموهبتها أراد أن يشكرها ويثني عليها ويقدرها. موقف لم يستوعبه كل من في تصوراته خيالات مريضة يعيش في الأوهام والوساوس ويعاني من الأمراض ومنها مرض الشك. الأدهى والأمر أن مرضى تويتر قد تجاوزوا الموقف والاعتراض عليه بذريعة الدين تارة، وبإنكار أن جنى طفلة عمرها 12 سنة والإصرار على أنها فتاة كبيرة بالغة إلى الطعن فيها وفي عائلتها وفي تربيتها إلى آخر القائمة من القذف الذي يدينه الدين الإسلامي ويعتبره رمياً مباشراً للمحصنات الغافلات، كما رمى المنافقون أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها زوجة رسول الله صلى الله عليه وسلم، هذا إذا اعتبرنا جنى امرأة راشدة بالغة، أما وأنها طفلة صغيرة ما زالت تتقلب في ربيع الطفولة وبراءتها فإن رميها بالبذاءات والكلمات الساقطة ووصفها بأنها مريضة لا يخرج عن كونه نوعاً من العبث الجنوني والنفث المرضي لمجموعات مختلة تعيش الفراغ وتجتر مرارات الفشل والنبذ الاجتماعي وجدت في تويتر وغيره مجالاً لنفث السموم والأحقاد على أبناء وبنات المجتمع.

من جنى على جنى؟.. والإجابة عندي ليسوا سوى من يغتالون الطفولة البريئة ويكسرون مجاديف المبدعين والمبدعات لأنهم مجموعات سقيمة من الفاشلين والفاشلات لا يهنأ لهم بال وهم يشاهدون نجاحات الآخرين تسطّر أمامهم. كشفت هذه الحادثة البسيطة العابرة كم نحن نعيش في وسط ركام مهول من الجهل والتخلف، وكأن هؤلاء القوم يعيشون في العصر الجاهلي الغابر رغم نور الإسلام الذي يشع من حولهم بالسماحة والحب والمودة والحض على إحسان الظن بالآخر، لكنهم في كل يوم يتقهقرون للخلف ضاربين في عمق التاريخ السحيق يوم وأد البنات. من هذا التصور أخذوا هذا الموقف العابر وفخّموه وزادوه ونفخوا فيه ليخيّل لمن لا يعرف القصة القصيرة أن ذنباً عظيماً ارتكب، وأن هناك حدثاً جللاً بينما كل القصة والرواية لا تخرج عن إطار أن طفلة صغيرة في الصف الأول المتوسط قد قابلت وزير التربية والتعليم وحظيت بتكريمه وثنائه.

استجبت لدعوة الزملاء الكرام في برنامج يا هلا في قناة روتانا خليجية للمداخلة حول موضوع الطفلة جنى والتي كانت حاضرة في الأستديو مع والدها لإيماني الكامل بضرورة دعمها والوقوف بجانبها مع كل عقلاء المجتمع الذين ساءهم ما حدث، وسرّني أثناء اللقاء إصرار والد الطفلة على تقديم شكوى بكل من أساء من الجهلة ومرضى الشهوات ومن لا يرون في المرأة إلا جانباً واحداً مغفلين بجهلهم إنسانيتها وشراكتها الأزلية لأخيها الرجل.

Shlash2010@hotmail.com

تويتر @abdulrahman_15

مقالات أخرى للكاتب