04-10-2014

السعوديون والمساكن الشعبية!

حينما قرأت الدراسة التحليلية المعدّة بدعم من عمادة البحث العلمي بجامعة الملك سعود، وبإشراف الدكتور رشود الخريف المشرف على مركز الدراسات السكانية، والتي نشرتها مجلة سبرنجر بلس، حول توزيع السكان في مناطق المملكة، ونوعية امتلاكهم للمساكن، تساءلت، هل تعتمد وزارة الإسكان مع مثل هذه الدراسات بجدية؟ هل تستند إليها عند التخطيط السكني، ومشاريع الإسكان في مناطق المملكة؟ أم كالعادة نبذل جهوداً لعمل مثل هذه الدراسات، وننشرها، ثم تكون سفرة الطعام قبل أن تذهب لسلة المهملات!

ورغم أنّ في هذه الدراسة مفاجأة بالنسبة لي، إلا أنها جاءت منطقية بعض الشيء، فمثلاً اكتشفنا أنّ نحو 60 % من السكان يمتلكون مسكناً خاصاً بهم، بينما نحو 34.8 % يستأجرون مساكنهم، بخلاف نسبة ضئيلة توفر لهم جهات عملهم المسكن الخاص، وهذه النسبة التي تعادل ستين بالمائة، تمثل رقماً جيداً، بعد أن تردد لسنوات أنّ من يمتلكون مساكنهم لا يتجاوزون 22 % فقط من السعوديين!

والمفاجأة الثانية بالنسبة لي، أنّ المساكن الشعبية لا زال يسكنها السعوديون، وبنسبة عالية تصل إلى 26.9 % من السكان، أي حوالي ربع السكان ممن يمتلكون مساكنهم، يعيشون بمساكن ذات النمط الشعبي، الذي كان سائداً في السبعينيات والثمانينيات من القرن الماضي، وقد ظننت أنها أصبحت مسكناً للعمالة الوافدة من دول شرق آسيا!

بمعنى آخر أنّ ربع السعوديين المالكين مساكنهم فقط لديهم فلل، وثلاثة أرباعهم يعيشون في شقق سكنية أو بيوت شعبية!

ومن الطبيعي أن تتركز وتزداد الشقق السكنية، بوصفها نمطاً حديثاً للسكن، في مناطق مكة المكرمة والمدينة المنورة، للنمط السكاني الحضري فيها، على العكس من ذلك تنخفض في حائل وجازان، لاختلاف طبيعة السكان فيهما.

وفي حين يسود نمط المنازل الشعبية بمناطق حائل وجازان، تنخفض في مناطق أخرى كالرياض والمنطقة الشرقية!

ومن طرائف الدراسة أنّ أعلى نسبة تملك للمساكن في منطقة الباحة، التي تزيد على 85 % من السكان، وهذا يعطي مؤشراً أنّ سكان هذه المنطقة لديهم قدرة جيدة على الادخار والشراء فيما بعد، وهو مؤشر أيضاً على عدم قيمة الاستثمار في تأجير العقارات فيها، لأنّ الفئة المستهدفة للاستئجار لا تزيد على 15% فقط من السكان في هذه المنطقة!

وبما أنني أشرت إلى الاستثمار في تأجير العقارات، فإنّ أفضل المناطق في المملكة هي: مكة المكرمة، الرياض، الشرقية، والمدينة المنورة، مع استبعادي لمنطقة تبوك التي تأتي في المرتبة الأولى حسب الدراسة، بحيث تبلغ نسبة المستأجرين فيها 46.4 %، وذلك لعدم وجود المسوغات فيها، كمكة والرياض والشرقية والمدينة، حيث الحرمان الشريفان، والعاصمة، والعاصمة الاقتصادية إنْ صحّت التسمية.

السؤال المهم الذي أوردته في البداية، حول عدم استفادة وزارة الإسكان من مثل هذه الدراسات، والدليل أنّ أكثر أربع مناطق تعاني من ارتفاع نسبة المستأجرين فيها، مثل مكة والرياض والمدينة والشرقية، لم تبدأ بها في مشاريع الإسكان، وإنما كانت البداية من جازان التي يبلغ فيها المستأجرون ما نسبته 12 % فقط.

هذه الدراسة إذا كانت دقيقة فعلاً، يجب أن تكون مصدراً مهماً للدارسين وأصحاب القرار في مؤسسات الدولة، والمستثمرين في القطاع العقاري.

مقالات أخرى للكاتب