09-10-2014

الشخصيات الوهمية عبر الإنترنت : داعش أو سلندر مان. كيف يجذب ذلك المراهقين للقتل؟

من هو سلندر مان؟ أو ما يسمى بالرجل المرهف (ترجمة غير دقيقة لكلمة سلندر؟؟؟) هل تعرفونه؟ هل سبق أن مر عليكم؟ أشك في أن أيا ممن هم فوق الأربعين سمعوا أو عرفوا عن السلندر مان في حين تعيش هذه الشخصية وغيرها من الشخصيات الإنترنتية الوهمية مع أطفالنا عبر الألعاب الإلكترونية التي يتجاذبونها في الإنترنت وعبر القصص المستمرة التي تؤلف حوله في الإنترنت ويحاول الأطفال في كل أنحاء العالم تقليدها .

كيف تفجرت القصة حول شخصية سلندر الوهمية؟ قصة مريعة قد تحدث لأي من أطفالنا أو مراهقينا. فتاتان لم تتجاوزا الثانية عشر من العمر في إحدى المدن الأمريكية ممن تابعتا هذه الشخصية عبر الإنترنت وقررتا أن يقدمن صديقتهن الوحيدة كأحدى الضحايا كما تتطلب شخصية سلندر مان؟ بالمناسبة هاتان الفتاتان لم تكونا الوحيدتين الشريرت ين في جيلهما. ولفهم دوافع الحالة، ذهبت قناة السي بي اس بعد الحادثة إلى قرية معزولة في أعماق الولايات المتحدة وسألت أطفالا في الصف الثالث الابتدائي في إحدى المدارس النائية عما إذا كانوا يعرفون عن رجل السلندر وأجاب جميع طلاب الفصل ما عدا واحد أنهم جميعا يتابعون هذه الشخصية الوهمية؟؟ أهالي الأطفال كانوا خارج الفصل يراقبون مع القناة إجابة أطفالهم حين سألهم المذيع هل هناك من يبلغ والديه أو يستأذنهم عما يتابعه في الإنترنت ولم يرفع أحد منهم يده؟؟ مما يعني أن لا أحداً من الوالدين سواء في الولايات المتحدة أو هنا في السعودية كما أعتقد يعرف ما يتابعه الأبناء على الإنترنت ثم نكون مندهشين حين يتبع أطفالنا هؤلاء المتوحشين من الداعشيين؟ أو حين يتعلقون بشخصيات وهمية مثل سلندر أو حين يلعبون لعبة داعش التي توجد فعلا على الإنترنت مثل سلندر ويلعبها الأطفال على الإنترنت حول العالم؟؟؟ فمن هو سلندر مان ومن هي داعش؟

سلندر هو شخصية وهمية تم اختراعها؟ (من قام بذلك) (لا توضح اليوكوبيديا من قام بذلك) لكنها شخصية لرجل وهمي طويل غامض الملامح ولا وجه له تم اختراعه عام 2009 ويقوم المتابعون حول العالم لشخصه بإكمال أطراف القصة التي يعيشها في كل يوم بمعنى أن كل متابع يستطيع أن يقدم شيئا ما للقصة المحاكة على الإنترنت (هل يدفعكم هذا للتفكير كيف تم اختراع داعش؟؟). هذا بالضبط ما دفع الفتاتين الأمريكيتين المتابعتين لشخصية سلندر لمحاولة قتل صديقتهما.. حيث قامتا بما قامتا به كما ظهر لاحقا لتكون صديقتهما كما توقعت شخصية سلندر في أحداثها التي كتبها المتابعون حول العالم : الأضحية المناسبة.. أنهما فقط فتاتان لم تتجاوزا الثانية عشر ولم تعرفا فيما يبدو ما تفعلانه أو انهن لم تدركا ما تفعلانه لكنها الاستجابة المخيفة لكل الغموض الذي يحمله الإنترنت؟؟ فلماذا يحدث ذلك؟ هذا هو سؤالنا نحن الأهالي؟

كل الصغار الذين ذهبوا مع داعش كانوا يبحثون عن دور.. عن أهمية لم يجدوها أو لم تعطهم المدرسة أو الأهل ذلك وهم يبحثون عنها عبر الوهم من خلال تتبع شخصيات وهمية على الإنترنت ومن خلال تتبع الفضاء الإلكتروني الذي يبث أحداثا وهمية أو قد يكون بعضها حقيقيا لكنه يضخمها للدرجة التي تدفع الصغار لتتبعها سواء كانت إرهابا أو وهما كما في شخصية سلندر مان أو داعش.

المخيف هو الانستجرام أيضا كأداة فاعلة وقاتلة في نفس الوقت فهو الذي ينشر صور من يشاء ليعبر عن نفسه بأي شكل يشاء لكن لا توجد لدينا كمجتمعات أية أداة أو جهة لتحديد ماذا يفعل الناس في الانستجرام وما هي الصور التي يضعونها وهل هي تمثل حقيقة ما يفعلونه أم أنها مجرد خدعة يحاولون من خلالها جمع الجمهور سواء لجمع النقود أو جمع الصغار والمراهقين لتنفيذ الأعمال الإرهابية! طبعا هذا يجوز على من يضعون الصور المحرضة للمراهقين والشباب للالتحاق بداعش خاصة مع استخدام هذه الجهات الإرهابية للانستجرام بفعالية شديدة التأثير للأسف.

هذا ما يخيف في كل ما يحمله هذا العالم المسمى بوسائل التواصل الاجتماعي.. فكيف نعرف ما يجري مع أطفالنا ومراهقينا؟ إنه فضاء مفتوح لا مجال لتكميمه ومهما وضعنا من برامج للمراقبة وضعتها الشركات للأهالي لمراقبة تاريخ ما يتابع أطفالهم فلا مجال لمعرفة الحقيقة فعلا لما يتابعه أطفالنا ومراهقينا الذين أثبتت الدراسات أنهم (أقصد السعوديون) يقضون أكثر من ست ساعات يوميا على الإنترنت.؟؟!! نعم ست ساعات؟ ولنا أن نسأل: متى ينامون ومتى يأكلون ومتى يصلون ومتى يزورون معارفهم وأصدقائهم؟ هذا بالضبط ما خلق داعش في السعودية وسلندر في أمريكا. لماذا؟ مسببات كثيرة جدا لعل أبرزها كما أرى: سيطرة عالم الإنترنت الذي تدفق بسرعة تفوق سرعة جيلنا على إدراكه ولم تهيؤنا المؤسسات الاجتماعية والأكاديمية للتعرف عليه لأنها أصلا غير مؤهلة بالمهارات التقنية المطلوبة.

وغياب دور الأهالي الذين غرقوا في واجباتهم الاجتماعية وأعمالهم ومحاولة خلق المال والأصدقاء ونسوا ما يركضون من أجله: العائلة.. فتركوا أولادهم وبيوتهم لرعاية المحيطين.. فهل نتذكر؟

مقالات أخرى للكاتب