11-10-2014

أخي معالي وزير الحج!

كل عام، ورغم كل التحذيرات، يزداد عدد الذين يذهبون إلى الحج بدون تصريح، ونحن، كما الجهات المسؤولة، نعتقد أن هؤلاء قوم لا يحبون التقيد بالأنظمة، وهذا ينطبق على عدد قليل منهم. ولكن كثيرون منهم ليسوا كذلك، فبعد استقصاء شخصي، تبيّن لي أن هناك عدداً كبيراً من المواطنين لا يستطيعون تحمّل تكاليف حملات الحج الباهظة الثمن، وهي تكاليف قد لا يقدر عليها من هو ضمن الطبقة المتوسطة، كما هم معظم سكان المملكة، ولك أن تتخيل أن تكاليف حج الشخص الواحد تكلف حوالي خمسة عشر ألف ريال، في المتوسط، وهو مبلغ ليس بالقليل، فما بالك بمن لديه أكثر من فرد في الأسرة، يريد أن يقضي فريضة الحج.

حسناً، نعلم أن وزارة الحج تعمل بكل جهد، ولكن هل هذه المبالغ التي تتقاضاها حملات الحج عادلة، ولماذا ترتفع الأسعار عاماً بعد عام؟ وأظن الجواب سيساهم في تخفيض تكاليف هذه الحملات، وبالتالي تنخفض أعداد الحجاج الذين يخالفون الأنظمة، ويحجون بدون تصريح، خارج إطار الحملات الرسمية، وأنا هنا أتحدث عن الحملات العادية، وإلا فإن حملات كبار الشخصيات خارج إطار هذا المقال، وقد تبيّن لي، بعد بحث وتقصٍ دقيقين، أن ارتفاع أسعار حملات الحج المبالغ فيه سببه الرئيس هو تحول هذه الحملات إلى مراكز وعظ وارشاد، واستقطابها لمشاهير الوعاظ، من باب التسويق الدعائي، وبما أن أصحاب الحملات يدفعون مبالغ كبيرة لهؤلاء الوعاظ، فإنهم يضيفون هذه المبالغ إلى سعر الحملة، وبالتالي يضطرون إلى رفع السعر؛ بمعنى أن الحاج الذي يدفع خمسة عشر ألف ريال، يذهب نصفها كتكاليف حقيقة، ونصفها الآخر لجيب واعظ أو وعاظ الحملة!

حدثني أكثر من حاج هذا العام، والذي قبله، أن هناك واعظاً شهيراً، يتعاقد مع مئات الحملات، بمبالغ تصل للملايين، وبالتالي فإنه يدور من حملة إلى أخرى، ويلقي موعظة لا تتجاوز نصف ساعة في كل حملة، وكل ما يقوله هذا الواعظ يعرفه كل الحجاج، فهو كلام مكرور، إضافة إلى أن الدولة لم تقصّر في ندب آلاف الدعاة، والمفتين لخدمة حجاج بيت الله الحرام، والخلاصة هي أن أسعار حملات الحج أصبحت صعبة المنال لمعظم الناس، بسبب استقطابها لوعاظ محترفين!! وكل ما يطلبه المواطن البسيط - حسب ما يصلني من شكاوي - هو منع حملات الحج من مثل هذه الممارسات التي تعسّر، ولا تيسّر، وتساهم في تحويلها إلى تجارة تشق على المواطنين، في سبيل خدمة أثرياء الوعاظ، فهل تستجيب يا معالي الوزير، فما عهدنا عنك إلا الحزم، والإخلاص، والتفاني في خدمة حجاج بيت الله الحرام!

ahmad.alfarraj@hotmail.com

مقالات أخرى للكاتب