قبل أيام دعاني رئيس التحرير إلى مكتبه للقاء بالدكتور جونج شوين أو (عبدالله لي) كما اختار لنفسه الاسم، الدبلوماسي السابق ورئيس جمعية الصداقة الكورية السعودية، جاء إلى صحيفة الجزيرة ليطلعنا على تفاصيل المؤتمر المزمع إقامته في العاصمة الكورية سئول بعد أيام.. عبدالله لي وصف نفسه بالكهل وتحدث طويلاً عن حلمه في دعم العلاقات السعودية الكورية مؤكداً على العديد من القواسم المشتركة بين الثقافتين، فاحترام الكبير والكنية باسم الابن الأكبر (أبو فلان) أمر دارج في عادات الشعبين، ما أثار اهتمامي هو النشاط الكبير والحرص على إنجاز العمل بإتقان وبناء العلاقات الحسنة من أجل بلاده.
***
يقول السيد عبدالله لي الذي أراه نموذجاً للدبلوماسية الشعبية الناجحة إنه نصف مسلم، ويعرف الثقافة والحضارة الإسلامية ويحترمهما، ومحب للسعودية التي عمل فيها زمناً، وأن تقوية العلاقات الاقتصادية والثقافية بين البلدين تمثّل أولوية لدى جمعيته؛ فالحكومات غالباً ما تكون بطيئة في تفعيل العلاقات نتيجة لكثرة مؤسساتها وتقاطعها، بينما الدبلوماسية الشعبية والقطاع الخاص يملكان الكثير من المرونة لتقوية العلاقات ومساعدة الحكومات في هذه المهمة.
***
العلاقات السعودية الكورية الجنوبية تملك من الإرث الكثير مما قد لا يدركه البعض؛ ففي فترة البناء إبان الطفرة النفطية الأولى بين عامي 1979 - 1985م كان العمال الكوريون الذين كانت بلادهم آنذاك فقيرة يبلغ تعدادهم في المملكة200 ألف عامل كل عام، وقد زار المملكة منذ ذلك التاريخ وحتى عام 2014م الحالي ما يقارب 5 ملايين كوري جنوبي، ورغم هذا العدد الكبير إلا أن عدد السعوديين الذين زاروا كوريا الجنوبية لا يتجاوزون حتى الآن الآلاف وأكثرهم من مجتمع المال والأعمال. ويقول الدكتور جونج ساخرا: لقد روّجت أغنية جنجم ستايل لكوريا أكثر من أي وسيلة أخرى.. وقد صدق فالمنتج الثقافي يملك قدرة مضاعفة على التأثير!
***
التجربة الكورية الجنوبية تملك الكثير مما يمكن لنا أن نتعلّمه ونستفيد منه؛ فالبلد الذي لا يملك أياً من مصادر الثروة الطبيعية عالي الكثافة السكانية استطاع أن يكون الاقتصاد الخامس عشر عالمياً، وأحد الاقتصادات المهمة في مجموعة العشرين، ومن خلال إستراتيجية صناعية محكمة استطاعت البلاد أن تكون سابع أكبر مصدر للسلع في العالم عام 2012م.
***
قال لي الدكتور جونج شوين أو (عبدالله لي) الاسم المحبب له إن كثيرين من العمال الذين عملوا في المملكة نهاية السبعينيات وبداية الثمانينيات وجلهم من المتقاعدين الآن يحملون للمملكة وأسرهم الكثير من الود والذكريات والكثير منهم يأمل في زيارتها الآن والوقوف على المشاريع التي ساهم في بنائها في فترة شبابه، أتمنى اليوم أن يوجد لدينا الذراع الدبلوماسية الشعبية والقطاع الخاص الذي يبني علاقاتنا ويحمي مصالحنا ويفتح لنا الفرص، وينقل إلينا التقنيات والأساليب الإدارية الحديثة، والأهم أن نستثمر هذا الكم من الطلاب والمثقفين ورجال الأعمال والإعلاميين السعوديين في بناء دبلوماسية شعبية رديفة من خلال مؤسسات المجتمع المدني لدعم الدبلوماسية الرسمية، فالمصالح ليست بيد الحكومات فقط، بل إن أغلبها الآن بيد الشعوب.