09-11-2014

جنايات (الممانعين) و(الملاوعين)..؟!!

- كيف تتقدم الأوطان، وتتطور البلدان، ويرتقي الإنسان، إذا كان هناك في المجتمعات من يأبى التقدم، ويرفض التطوير، ويمانع التّرقي..؟!

- هناك أمثلة كثيرة من بلدان عديدة، وفي البعض منها تتضح صورة جلية لحكومات تتقدم على شعوبها في الفهم

والإرادة والعمل، وشعوب تعرقل العمل، وتقاوم التطوير، وتفتعل الأزمات لتبقى في محلها.. (ربنا كما خلقتنا)..!

- ليس كل تخلف أو فشل في السياسات الإدارية والاقتصادية والتعليمية والاجتماعية مرده الحكومات.. هناك شعوب تسهم بقدر كبير في التخلف الذي تعانيه، وتتسبب في الفشل الذي هي فيه، لأن متنفذين فيها من (الفسدة)؛ هم الذين يقفون بالمرصاد لكل بادرة إصلاحية في أي شأن، إما لفهم ديني متطرف، أو لمصالح ذاتية يفقدونها في حالات التغيير من حال إلى حال، والضحية هي الشعب كله، إلا هؤلاء (الديناصورات) المنتفعين من تخلف شعوبهم، وفساد أنظمتهم الإدارية والتعليمية والاقتصادية وخلافها.

- لن نذهب بعيداً لضرب الأمثلة، ففي بلادنا حرسها الله، سعت الدولة وتسعى منذ عقود إلى التغيير والتطوير في ميادين عدة، وإلى تحديث كثير من الأنظمة، وإصلاح إداري في مؤسسات كبيرة ومفصلية في الدولة، لكن هناك من يمانع هذا التغيير، ويلاوع هذا الإصلاح، من داخل المؤسسات المستهدفة ذاتها، بكل حمق وعنجهية وجهل، فهو يخاف بالدرجة الأولى على جملة امتيازات تتحقق له من وضعه الحالي، ويخاف من التغيير من منطلقات شخصية، حتى وإن مارس جناية الممانعة من منطلقات دينية في زعمه، أو أخلاقية أو خلافها. (تجربة الملك عبد العزيز) النهضوية؛ برهان ساطع على ما نقول.

- خادم الحرمين (الملك عبد الله بن عبد العزيز) حفظه الله؛ ومنذ أن تسنم هرم القيادة في دولتنا الرشيدة هذه، وضع إصلاح القضاء والتعليم وهيئة الأمر بالمعروف نصب عينيه، فرصد عشرات المليارات لهذا الهدف النهضوي الإصلاحي الذي انتظره الناس بفارغ الصبر، وظل القضاء تحت سطوة الممانعة عدة سنوات، إلى أن جاء الوزير الحالي (الدكتور عبد الكريم العيسى)؛ ليضع أولى لبنات التغيير، فما سلم من أذى الممانعين، ولا نجا من لغوصات الملاوعين، وأغبطه حقيقة على صبره وجلده وتحمله لهذا كله، وقدرته على السير بإصرار في طريق إصلاح القضاء؛ بعد سنوات عجاف شهد فيها هذا الجهاز مفاسد ضارة بالبـلاد والعباد.

- ومثل القضاء وما جرى فيه ويجري، تأتي هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، فرئيسها الحالي الدكتور (عبد اللطيف آل الشيخ)، ينفذ رغبة الدولة في تحديث العمل بالجهاز، وتطوير أدائه، وتقليل أخطائه، وتأهيل أعضائه، وردم الهوة بينه وبين المجتمع، إلا أن هناك جبهة ممانعة صلبة، لا تريد تحريك ساكن في مؤسسة رسمية للدولة وليست لهم شخصياً، فهم مجرد موظفين فيها مثل غيرهم من موظفي الدولة في أي قطاع، ولكن عجز البعض منهم عن استيعاب مرحلة التغيير هذه، وبقاء البعض الآخر رهائن مفاهيم بالية يرفعونها لدرجة الدين، ومصالح البعض التي يهددها التحديث، وسيادة مفهوم (الوصاية) على المجتمع الذي يعشش في ذهنيات البعض الآخر، كل هذا جعلهم يمانعون ويلاوعون ويعصون أوامر قياداتهم العليا، بل ويعتدون على رئيسهم لفظياً في بيت من بيوت الله..!

- التعليم العام وحتى العالي، كان في قمة اهتمامات القيادة السياسية في المملكة، وخُصص لإصلاحه ميزانيات ضخمة، وتعاقبَ على وزارة التربية والتعليم أكثر من وزير، وكل وزير من هؤلاء يواجه بحزب الممانعة والملاوعة ابتداءً، فلا تغيير المقررات يعجبهم، ولا إصلاح المناهج يريدون، ولا تحريك القيادات الإدارية يرغبون، وكل ما يرغبون فيه، هو إبقاء الحال على ما هو عليه، لأن هذا الحال هم الذين صنعوه وكيّفوه على مقاساتهم، ومن خلاله تتحقق أهدافهم، وتبقى امتيازاتهم، وتستمر مصالحهم، أما مستقبل البلد واستفادته من أبنائه، فلا تعني جبهة الممانعة والملاوعة في إدارات التربية والتعليم، ولا في مدارسها، ولا حتى في إدارات وجامعات التعليم العالي.. أعان الله (الأمير خالد الفيصل) وزير التربية والتعليم، ووفقه في تفكيك (الجدارية الصدئة) للممانعة، والنفعية البغيضة للملاوعة، التي تسعى إلى استغلال وجودها في هذا الميدان، لبث سمومها، وترسيخ مفاهيمها البالية، وفق مناهجها التي لم تعد خفية.

- هناك مثال صارخ وحي نعيشه وهو حملات الممانعين والملاوعين على برنامج الابتعاث.. برنامج حضاري نهضوي تبناه خادم الحرمين الشريفين (الملك عبد الله بن عبد العزيز) نصره الله، الذي هيأ الفرصة العلمية والحضارية لقرابة مئتي ألف طالب وطالبة يتوزعون على قارات العالم، ليس فقط من أجل التعليم المهاري، ولكن كذلك من أجل التغيير الثقافي والحضاري، الذي هو جوهر التغيير في ميادين عدة في المستقبل. أعضاء حزب الممانعة وجبهة الملاوعة؛ لا يتركون فرصة سانحة من دون أن يشنّعوا على الابتعاث، ويحطوا من قيمته، مع أن كثيراً منهم لهم أبناء وبنات في البرنامج، وبعضهم حاول وسعى ولم يفلح، ولكنه الانتصار للذات، والاستسلام لخطاب التثبيط والتهبيط، والسير في ركاب التضاد دون نظر للمصالح العليا للدولة والمجتمع، التي تتطلب مؤهلات علمية كفؤة لإدارة المؤسسات والمرافق.

- قلت وكتبت سابقاً وما زلت أقول وأكتب: إن من أعظم الجنايات التي ارتكبت في حق هذه البلاد في سنوات خلت، وقف تدريس الفلسفة في الجامعات، ووقف البعثات الطلابية. الحمد الله الذي هدانا إلى سواء السبيل.

- إن كل من يرتهن للماضي والحاضر فقط؛ بكل ما فيهما من أخطاء ومساوئ، إنما يجني على بلده ومجتمعه، ويساهم بقدر كبير في التخلف ونشر الفساد، ويبوء بإثم من يأتي من بعده، من ضحايا هذه المواقف الممانعة ضد التغيير والتطوير والإصلاح.

- المستقبل هو فقط لمن ينظر إلى الأمام؛ بكل فهم وعزم وحزم.

alsalmih@ymail.com

مقالات أخرى للكاتب