يتيح مشاركة المرأة في التنمية دون الإخلال بالعادات الاجتماعية.. وحدة الأبحاث والتقارير الاقتصادية بـ«الجزيرة»:

نجاح تجربة العمل عن بُعد مرهون بتحديد مسارات تُحدُّ من التوظيف الوهمي

إعداد - وحدة الأبحاث والتقارير الاقتصادية بـ«الجزيرة»:

صرح وكيل وزارة العمل، د. فهد التخيفي، بأنه سيتم خلال بضعة أسابيع تفعيل برنامج «العمل عن بعد»، مفيداً بأنه تم تجهيز قرار وزاري، سيصدر قريباً لتنظيم عملية تبني وتنفيذ هذا الأسلوب المبتكر.

وتتجه الأنظار حالياً إلى إسهام هذه الآلية الحديثة في فتح مجالات جديدة، تتوافق مع متطلبات عمل المرأة السعودية بصفة عامة، والأشخاص ذوي الاحتياجات الخاصة بصفة خاصة؛ إذ يُفترض أن تسهِّل هذه الآلية أداء هاتين الشريحتين تحديداً أعمالهما وأنشطتهما، دونما الاحتياج للانتقال إلى مكان العمل.

وتشير تصريحات الدكتور التخيفي إلى أن البرنامج يشمل مهناً بعينها، تتوافق طريقة وأسلوب ممارستها مع إمكانيات عدم الحاجة للتنقل إلى مقر بعينه، ومن أهمها أنشطة ومهن (الاتصالات، خدمات وكالات السفر، تقنية المعلومات، التسويق عبر الإنترنت، الترجمة والبحوث، الدراسات السوقية والاجتماعية، البرمجة والتصميم، خدمات العملاء والمبيعات بالهاتف والإنترنت، أعمال الدعاية والإعلان، أعمال الصحافة والصحافة الإلكترونية وإدارة المواقع الإلكترونية).

ويستعرض تقرير وحدة الأبحاث والتقارير الاقتصادية بـ«الجزيرة» أهم إيجابيات وسلبيات هذه الآلية الجديدة، وحدود قدراتها على تخفيف وطأة بطالة النساء تحديداً في المملكة.

معدلات بطالة النساء والهاجس

حسب إحصاءات وزارة العمل لعام 2013م، وصل عدد العاطلين عن العمل إلى نحو 629 ألف فرد، منهم 265.4 ألف من الذكور، ونحو 363.6 ألف من الإناث. وعليه، فقد وصل معدل بطالة السعوديين الذكور 12.1 %، مقابل نسبة 34.8 % للإناث. وبالطبع، تعتبر هذه المعدلات مرتفعة بالنسبة للنساء. وتشير غالبية الدراسات إلى أن مشكلة بطالة النساء تعود إلى معطيات البيئة السعودية المحافظة أكثر من عودتها إلى الجانب الاقتصادي.

بمعنى أن كثيراً من الوظائف المتاحة لا تلبي رغبات ومتطلبات النساء، بدليل عمل نحو 161.4 ألف عاملة أجنبية من غير السعوديات بالمملكة. وأحد أبرز مكامن خطورة بطالة النساء أن نسبة 71 % من العاطلات الإناث هن من حملة الشهادات الجامعيات.

وأكثر من ذلك، أن نسبة 69 % منهن تتراوح أعمارهن بين 20 و29 عاماً.

قرار تنظيم العمل عن بعد

وزير العمل المهندس عادل فقيه أصدر قراراً جوهرياً متعلقاً بالعمل عن بُعد، وهو قرار آلية احتساب عمل المرأة عن بعد في نسب توطين الوظائف. وقد نص هذا القرار على ما يأتي:

يكون احتساب نسب توطين الوظائف (السعودة) ضمن برنامج نطاقات للمنشآت التي تقوم بتوظيف النساء عن بُعد وفقًا للنسب كما في الجدول (1)

 

· يشترط لاحتساب المرأة العاملة عن بُعد ضمن نسبة توطين الوظائف (السعودة) في برنامج نطاقات ألا يقل عمرها عن 20 سنة، ولا يزيد على 35 سنة، وأن تكون مسجّلة لدى التأمينات الاجتماعية، فضلاً عن أن تكون مسجّلة وفق الدوام الكامل، على أن يقدم صاحب العمل شهادة بنكية، تثبت استلام العاملة أجورها فترة عملها لديه.

· ينظم العلاقة التعاقدية للعاملة عن بُعد عقد عمل يوثق الحقوق والبدلات كافة، بما في ذلك التأمين الطبي لها ولمن تعولهم شرعًا، إضافة إلى أي حقوق أخرى منصوص عليها في نظام العمل أو في اللوائح والأنظمة المتبعة في المنشأة.

· يطبق في حق كل منشأة تقوم بتسجيل العاملات عن بعد في وظائف وهمية الآتي:

1 - حرمان المنشأة من الحصول على تأشيرات عمل جديدة أو نقل خدمات عمال لها أو تغيير مهن عمال لديها لمدة لا تقل عن 3 سنوات للمخالفة الأولى، ولا تقل عن 5 سنوات للمخالفة الثانية.

2 - حرمان المنشأة من الدعم الذي يوفره صندوق تنمية الموارد البشرية لمدة لا تقل عن 3 سنوات للمخالفة الأولى، ولا تقل عن 5 سنوات للمخالفة الثانية.

3 - غرامة مالية لا تتجاوز 5000 ريال على كل موظفة وهمية مسجلة لديها طبقًا للمادة 239 من نظام العمل.

· في حال قيام امرأة ما بالتعاون مع المنشأة بالتسجيل في وظيفة وهمية يتم حرمان المرأة من الدعم الذي يوفره صندوق تنمية الموارد البشرية لمدة لا تقل عن 3 سنوات للمخالفة الأولى، ولا تقل عن 5 سنوات للمخالفة الثانية.

ما هو العمل عن بعد؟ وما هي أشكاله؟

في الأدبيات الإدارية يُعرف بالعمل عن بعد Teleworking وأحياناً العمل من خلال شبكات الاتصال Networking وأحياناً ثالثة يعرف بالعمل من مسافات بعيدة Remotworking، أو العمل من مسافات Working-at-a-distance. أما التعريف الأكثر انتشاراً له فإنه العمل من المنزل Work-at-Home أو Homeworking أو العمل المرن Flexible Working أو الانتقال الإلكتروني Telecommuting.. وفي أحيان أخرى يسميه البعض العاملين خارج الموقع Off-site Workers أو العاملين عن بعد Remote-workers.

مزايا ومنافع العمل عن بعد:

مزايا العمل عن بعد للشركات:

· زيادة معدلات إنتاجية العاملين عن بعد، نظراً لتمتعهم بالحرية في اختيار الوقت المناسب للعمل.

· العاملون عن بعد أكثر نشاطاً, نتيجة انخفاض الزمن المنقضي في الانتقال من وإلى العمل.

· تخفيض عدد العاملين في مكتب واحد من موظفي الشركة، وتجنب حركات الانتقال الكبير إلى مبانٍ جديدة أو مبان أكبر في المساحة والاتساع.

· تقليل التكاليف غير المباشرة نتيجة تقليص عدد رحلات تنقل العمالة يومياً لمسافات بعيدة، أو حتى من وإلى العمل.

· يحقق فرصاً كبيرة للشركات للاحتفاظ بالموظفين المهرة، الذين قد يفكرون في ترك وظائفهم لعدم مناسبتها لأماكن إقامتهم.

· إمكانية توفير الشركات لخدمات العملاء في غير أوقات العمل الرسمية، وزيادة إمكانيات وجود الشركات في أماكن وجود العملاء.

مزايا العمل عن بعد للعاملين:

· تبني أسلوب العمل عن بعد يقلل من التنقل من وإلى العمل، بما يقود إلى توفير في الوقت والتكلفة وضغوط العمل.

· يحقق مرونة في أداء العديد من الوظائف التي يستطيع العامل أداءها بعد ترتيب عدد ساعات العمل طبقاً لظروفه الشخصية.

· تبني هذا الأسلوب يحقق للكثير من العاملين إمكانيات أكبر في التكيف مع العمل في ظل الظروف المناخية الصعبة، وأيضاً في حالة تعطل خدمات ووسائل النقل بين المدن.

مزايا العمل عن بعد للحكومات:

· يعطي فرصاً كبيرة لتوظيف المعاقين الذين تمنعهم ظروف إعاقتهم الجسدية من التنقل من وإلى المقر الرئيسي للعمل.

· يخلق هذا الأسلوب فرصاً جديرة بالاهتمام لتشغيل النساء. فلا تزال قضية توظيف المرأة في بيئة صحية تسمح لها بأداء دورها ومسؤوليتها الاجتماعية تجاه المنزل ورعاية الأطفال تنال الاهتمام.

إمكانيات نجاح العمل عن بعد في تشغيل المرأة السعودية:

رغم أن العمل عن بعد هو أسلوب عالمي مبتكر للعمل من خارج موقع الشركة، إلا أنه قدم مصادفة إطاراً فاعلاً لعمل ومشاركة المرأة في المجتمع بدون الحاجة إلى الاختلاط بينها وبين الرجل، وبالشكل الذي لا يتعارض مع أحكام الشريعة الإسلامية.. ويعتبر خيار العمل من المنزل أو العمل من خلال مجمع نسائي عن بعد هو الخيار الأنسب لعمل المرأة السعودية داخل سياق آلية العمل عن بعد. وبالفعل، تشير كثير من الدلائل إلى إمكانية نجاح هذا الأسلوب في تشغيل النساء في بيئة عمل مناسبة ومقبولة لهن.. إلا أن هذه الإمكانية رهينة قبول الشركات للأسلوب وتطبيقه فعلياً على أرض الواقع.. خاصة في ظل وجود بعض المخاوف أو التحفظات التي يمكن أن تقلل من حجم إقبال الشركات عليه، والتي ستكون في حاجة إلى إيجاد حلول لها، والتي من أهمها:

* الحفاظ على هوية الشركة والحاجة إلى استراتيجيات موسعة لإدارة التغيير.

* عدم قدرة الشركة على الإدارة التقليدية للعاملين فيها بأسلوب العمل عن بُعد والإشراف عليهم.

* الحفاظ على أمن وسرية المعلومات بالشركة، خاصة في ظل تداول جزء من هذه المعلومات خارج مقرها التقليدي.

إن الأمر الأهم الآن هو تدخل وزارة العمل بتحديد مسارات نموذجية للتطبيق؛ لكي تمنع حدوث التوظيف الوهمي في سياق هذا الأسلوب، خاصة أنها حددت نسب التوطين المحفزة له.

موضوعات أخرى