22-11-2014

بعد المصالحة الخليجية .. ماذا يريد المواطن الخليجي من قمة الدوحة؟؟

لا يمكن أن نكون في دول مجلس التعاون الخليجي الست إلا فرحين مسرورين بما توصل إليه قادتنا من تصالح أعاد المياه إلى مجاريها، فكانت صدمة كبرى لمن كانوا يرقصون طوال الأشهر الثمانية الماضية طرباً لوجود هذا الخلاف.

حكيم العرب عبدالله بن عبدالعزيز وكعادته رجل محبة وسلام وإصلاح، لم يهدأ له بال حتى أصلح هذا الصدع الذي ظهر في جدارنا الخليجي, عمل بكل حكمة على حفظ هذه الوحدة الخليجية التي دعا يوماً إلى تحولها من تعاون إلى اتحاد، وما زال المشروع قائماً، وكل شعوب الخليج تتطلع إلى ذلك.

أزمة الخلاف قد تكون حملت لنا من الخير ما لم يخطر بالبال، فقد كان من ثمراتها شعور الجميع بأننا في حاجة ماسة إلى بعضنا البعض, وأن أي شق لهذا الصف يجعل من دول هذا المجلس لقمة سائغة للأعداء، وقد شاهدنا ذلك جلياً عندما قامت بعض الدول بمحاولات للسيطرة على بعض دولنا في ظل هذا الفتور في العلاقات بيننا.

الملك عبدالله قال يوم دعا إلى الاتحاد (نجتمع اليوم في ظل تحديات تستدعي منا اليقظة, وزمن يفرض علينا وحدة الصف والكلمة. ولا شك أنكم جميعاً تعلمون أننا مستهدفون في أمننا واستقرارنا, لذلك علينا أن نكون على قدر المسؤولية الملقاة على عاتقنا تجاه ديننا وأوطاننا. كما أننا في دول الخليج العربي جزء من أمتنا العربية والإسلامية, ومن الواجب علينا مساعدة أشقائنا في كل ما من شأنه تحقيق آمالهم وحقن دمائهم وتجنيبهم تداعيات الأحداث والصراعات ومخاطر التدخلات.

وقال - حفظه الله - علمَنا التاريخ وعلمتنا التجارب ألا نقف عند واقعنا ونقول اكتفينا، ومن يفعل ذلك سيجد نفسه في آخر القافلة ويواجه الضياع وحقيقة الضعف, وهذا أمر لا نقبله جميعاً لأوطاننا وأهلنا واستقرارنا وأمننا. لذلك أطلب منكم اليوم أن نتجاوز مرحلة التعاون إلى مرحلة الاتحاد في كيان واحد يحقق الخير ويدفع الشر، إن شاء الله.

كانت نظرته صائبة ورأيه عميق يوم دعا إلى جمع دولنا الست في كيان واحد, فهذه الصراعات التي تحيط بنا توجب علينا كما قال خادم الحرمين اليقظة.

بعد هذه الدعوة برزت بعض الخلافات التي أجلت هذا المشروع العظيم، وكأن إرادة الله تريد أن نشعر بأهمية دعوة الملك المفدى واقعاً مُعاشاً لا تنظيراً فحسب.

اجتمع القادة وكانت أنظار شعوب الخليجي وآذانه تصغي للرياض في هذا المساء علّه يبشرهم بما تطمئن به قلوبهم، وكانت البشارة الجميلة والفرحة الكبرى, فما أصعب خلاف الأشقاء.

وقد كان خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز فرحاً مسروراً متطلعاً لبدء صفحة جديدة في مسيرة مجلس التعاون وكذلك لشعوب الدول العربية والإسلامية وقد عبّر عن ذلك بكل وضوح حيث قال رعاه الله:

نحمد الله العلي القدير الذي منّ علينا وأشقائنا في دولة الإمارات العربية المتحدة ومملكة البحرين ودولة الكويت ودولة قطر في الوصول إلى اتفاق الرياض التكميلي في يوم الأحد 23/ 1/ 1436هـ الموافق 16/ 11/ 2014م في مدينة الرياض والذي حرصنا فيه وإخواني أصحاب الجلالة والسمو على أن يكون منهياً لكل أسباب الخلافات الطارئة، وأن يكون إيذاناً -بحول الله وقوته- لبدء صفحة جديدة لدفع مسيرة العمل المشترك ليس لمصلحة شعوب دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية فحسب، بل لمصلحة شعوب أمتنا العربية والإسلامية، والتي تقتضي مصالحها العليا أن تكون وسائل الإعلام مُعينة لها لتحقيق الخير ودافعة للشر.

كما حرصنا في هذا الاتفاق على وضع إطار شامل لوحدة الصف والتوافق ونبذ الخلاف في مواجهة التحديات التي تواجه أمتنا العربية والإسلامية.

وفي هذا الإطار، وارتباطاً للدور الكبير الذي تقوم به جمهورية مصر العربية الشقيقة، فلقد حرصنا في هذا الاتفاق، وأكدنا وقوفنا جميعاً إلى جانبها، وتطلعنا إلى بدء مرحلة جديدة من الإجماع والتوافق بين الأشقاء.

ومن هذا المنطلق فإنني أناشد مصر شعباً وقيادةً للسعي معنا في إنجاح هذه الخطوة في مسيرة التضامن العربي، كما عهدناها دائماً عوناً وداعمةً لجهود العمل العربي المشترك.

وإني لعلى يقين -بإذن الله- أن قادة الرأي والفكر ووسائل الإعلام في دولنا سيسعون لتحقيق هذا التقارب الذي نهدف منه -بحول الله- إلى إنهاء كل خلاف مهما كانت أسبابه فالحكمة ضالة المؤمن.

وإننا إذ نسأل المولى عز وجل التوفيق والسداد في أعمالنا لنسأله سبحانه أن يديم على شعوبنا العربية والإسلامية أمنها واستقرارها، في هذه الظروف والتحديات التي تحتم على الأشقاء جميعاً أن يقفوا صفاً واحداً، نابذين أي خلاف طارئ، متمسكين بقول الحق سبحانه وتعالى: {وَأَطِيعُواْ اللّهَ وَرَسُولَهُ وَلاَ تَنَازَعُواْ فَتَفْشَلُواْ وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ وَاصْبِرُواْ إِنَّ اللّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ} (46) سورة الأنفال.

واليوم ونحن نحتفل بطي هذه الصفحة كما قال الملك المفدى، ننظر كشعوب إلى قمة الدوحة الشهر القادم، نظرة مختلفة كلها أمل في نتائج وقرارات مختلفة لها صلة بحياة الإنسان الخليجي، هذا الإنسان الذي أثبتت الأحداث أنه الأمان بعد الله سبحانه وتعالى في استقرار دولنا وحماية أمننا ورغد عيشنا.

شعوب عربية لم تنل حقها فثارت على حكامها فكانت النتيجة مؤلمة وتحول الواقع إلى جحيم أهلك الحرث والنسل.

قمة الدوحة يجب أن تكون مختلفة لصالح الإنسان الخليجي، هذا الإنسان الذي يُعد رجل الأمن الأول لوطنه، هذا الوطن الذي يختلف بهذه اللحمة بين القيادة والشعب، شعوب الخليج تتميز بلحمتها مع قادتها، هذه اللحمة التي جعلت من المواطن والحاكم أشقاء يعملون لصالح وطنهم بكل صراحة ووضوح.

لماذا نريد أن تكون قمة الدوحة مختلفة؟

سؤال مهم ويجب أن نكثّف من طرحه بين يدي هذه القمة، والإجابة على هذا السؤال تأتي من عمق جراح الوطن العربي والشعوب العربية، فما نريده من هذه القمة درء أي مفسدة يمكن أن تفضي إلى فوضى تجعل من خليجنا نسخة من بعض دولنا العربية في الفوضى والضياع.

التطلع الشعبي لقمة الدوحة مختلف جداً، فآمال شعوب الخليج في قادتها هذا المرة سقفه أعلى من أي قمة مضت، فهم يريدون واقعاً معيشياً مختلفاً، وكذلك سياسياً.

قمة الدوحة يجب أن يطغى عليها شيء واحد وهو أن إنسان الخليج قبل أي شيء آخر، فالمواطن هو درع الوطن الأقوى والأوثق - بإذن الله -.

خليجنا واحد وقادتنا منا ونحن منهم نصارحهم بكل ما نشعر أنه يحقق لأوطاننا المزيد من الاستقرار والرخاء ونتطلع إلى أن يسمعوا منا كما عهدناهم، وأن تكون قمة الدوحة - قمة المواطن الخليجي - قمة معيشته وأمنه، لا قمة أمل ومشاريع مؤجلة.

والله المستعان.

almajd858@hotmail.com

تويتر: @almajed118

مقالات أخرى للكاتب